استعرض الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، التقرير المُعد من قبل صندوق النقد الدولى، حول الاقتصاد المصرى، والإجراءات المتخذة من جانب الدولة المصرية لمواجهة تداعيات أزمة فيروس كورونا، والذى عرضه الدكتور محمد معيط، وزير المالية.
وأشار الدكتور محمد معيط إلى أن صندوق النقد الدولى أقر فى تقريره بنجاح السلطات المصرية فى التعامل مع تداعيات أزمة فيروس كورونا، وما نتج عنها من تداعيات سلبية على صعيد النشاط الاقتصادى، موضحاً أن الصندوق أورد ما قامت به الحكومة من جهود تضمنت وضع إطار عام للتعامل مع هذه الأوضاع غير المسبوقة من حيث التأثير السلبى على الاقتصاد المحلى والعالمى فى ظل عدم وجود أى تصور لمداها الزمنى المتوقع، حيث يقوم هذا الإطار العام على أربعة ركائز اساسية، منها التعامل مع الأزمة على مراحل، وبشكل سريع ومؤثر مع الحفاظ على استقرار الأوضاع الاقتصادية والمالية دون التأثير على المكتسبات المحققة من برنامج الإصلاح الاقتصادى والاجتماعى الذى انتهجته جمهورية مصر العربية بدءاً من العام المالى 2016/2017، والذى كان من أهم أهدافه دفع النشاط الاقتصادى، وزيادة معدلات التشغيل.
وأضاف وزير المالية أن التقرير أشار إلى أن الإطار العام الذى وضعته الحكومة المصرية للتعامل مع أزمة فيروس كورونا تضمن أيضاً استهداف آليات وتدابير مؤقتة تتسم بالمرونة والقدرة على التخارج منها وفقاً للتطورات التى قد تطرأ على الصعيد الاقتصادى والاجتماعى خلال المراحل المختلفة للأزمة على المدى القصير والمتوسط، هذا إلى جانب تبنى مفهوم الانتقاء، وذلك من خلال توزيع أكبر قدر من الحماية والمساندة للفئات الأولى بالرعاية والقطاعات الاقتصادية الأكثر تضرراً، فضلاً عن العمل على تعزيز مبدأ الشفافية والافصاح فى مواجهة الأزمة من خلال التواصل المستمر مع الجمهور والاعلان بشكل واضح عن حجم برامج المساندة وتطورها للمؤسسات المعنية المختلفة، وكذا ما قامت به الحكومة فيما يتعلق باتخاذ تدابير استباقية لتلبية الاحتياجات الصحية والاجتماعية ودعم القطاعات الأكثر تضرراً بشكل مباشر من الأزمة، مع الإشارة إلى أنه مازالت هناك مخاطر على التوقعات الاقتصادية، خاصة أن الموجة الثانية من الوباء تزيد من عدم اليقين بشأن وتيرة الانتعاش المحلى والعالمى.
ولفت وزير المالية إلى أن تقرير صندوق النقد الدولى أشاد بقيام الحكومة المصرية بتقديم مساعدات للأفراد والشركات الأكثر تأثراً بالجائحة، ومنها العمالة غير المنتظمة والشركات الصغيرة والمتوسطة بالإضافة إلى توجيه المساعدة والمساندة للقطاعات الأكثر تضرراً كالسياحة، والطيران، والصناعة، حيث تُعد تلك القطاعات من أكثر القطاعات ارتباطاً بمعدلات التشغيل والقيمة المضافة والتصدير، منوهاً إلى ما أورده التقرير حول تخصيص موارد إضافية، بما يضمن التعويض المناسب للعاملين فى قطاع الصحة العامة، وكذا ما يتعلق بزيادة رواتب ومخصصات المعلمين، والذى من شأنه النهوض بالتعليم كأحد مرتكزات التنمية البشرية والنمو الاقتصادى.
وأوضح التقرير الزيادة فى حجم برامج التحويلات النقدية المشروطة “تكافل وكرامة”، وما تضمنت من تغطية لأكثر من 3.6 مليون أسرة، كما أشار التقرير إلى جهود الحكومة بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية، فى الاستهداف الجيد لبرامج الحماية الاجتماعية، وتضمين
جميع الفئات الأولى بالرعاية، حيث اشتملت هذه البرامج على توفير الغذاء والاحتياجات الاساسية للقرى المعزولة، والفئات المهمشة التى لا يشملها برنامج “تكافل وكرامة”، بالإضافة إلى توفير المنتجات الطبية والصحية للفئات المستهدفة، والقرى الفقيرة، إلى جانب الاستمرار فى استفادة تلك الأسر من الدعم الذى تقدمه الحكومة لتوفير الغذاء والخبز.
كما أقر الصندوق بأن التدابير الاستباقية التى اتخذتها الحكومة بشأن تلبية الاحتياجات الصحية والاجتماعية ودعم القطاعات الأكثر تضرراً ساعدت فى التخفيف من وطأة الأزمة، والآثار السلبية لها على النواحى الاقتصادية والاجتماعية.
ونوه وزير المالية إلى أن التقرير أشار إلى أن ما حدث من تباطؤ فى معدلات النمو الاقتصادى عما كان مستهدفاً قبل تفشى جائحة كورونا، يُعد أقل حدة مما كان متوقعاً من قبل المؤسسات الدولية، وهو ما وضع مصر ضمن قائمة محدودة جداً من الدول التى استطاعت تحقيق معدلات نمو ايجابية على الرغم من حالة الركود الاقتصادى التى ترتبت على الأزمة، وهو ما ترتب عليه أيضاً سرعة عودة الثقة فى أداء الاقتصاد المصرى متمثلة فى العودة القوية لاستثمارات الأجانب فى الأوراق المالية الحكومية.
وأشاد الصندوق فى تقريره بحسن سير تنفيذ الموازنة العامة للدولة لتحقيق مستهدفات برنامج الإصلاح الاقتصادى للسنة المالية 2020/2021، حيث توفر الموازنة الحالية المرونة الكافية لاستيعاب أى دعم إضافى للفئات الأولى بالرعاية أثناء الموجة الثانية من الجائحة، مع الحفاظ على المستهدفات المالية للبرنامج، كما يتوقع الصندوق استمرار المسار النزولى لنسبة الدين للناتج المحلى اعتباراً من السنة المالية 2021/2022، وذلك فى إطار الاستراتيجية الوطنية لإدارة الدين، والتى تستهدف العمل على إطالة متوسط عمر الدين من خلال استمرار جهود التحول نحو الإصدارات طويلة الأجل بهدف الحد من مخاطر إعادة التمويل وتحقيق استدامة الدين.
كما أشاد الصندوق بجهود الحكومة المصرية فى التوجه نحو التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة، وذلك من خلال النجاح فى إصدار أول سندات خضراء بقيمة 750 مليون دولار، لتمويل خطط التكيف والحد من آثار تغير المناخ، كما أشار التقرير إلى أنه من المتوقع أن تؤدى تلك الاصلاحات إلى تعزيز التعافى الأخضر، وإتاحة المزيد من فرص العمل على المدى المتوسط.
وأضاف وزير المالية أن تقرير الصندوق أشاد بمجهودات الوزارة فيما يتعلق بخفض نسبة صافى إصدارات الديون المحلية الجديدة قصيرة الأجل، حيث تم التأكيد على أن الوزارة فى طريقها لتحقيق الهدف السنوى الخاص بإطالة عمر الدين، وهو ما سيقلل من إجمالى الاحتياجات التمويلية لأجهزة الموازنة، لافتاَ إلى أنه جار تعزيز قدرات تقييم المخاطر المالية، بالإضافة إلى إقرار قانون المالية العامة الجديد، الذى يستهدف تعزيز عملية
إعداد الموازنة العامة وفقاً لإطار متوسط المدى، وما يتضمنه من بنود للمسئولية المالية، وقواعد المحاسبة لجميع كيانات الموازنة.
وأشار التقرير إلى أنه فى إطار تعزيز مبدأ الشفافية، ونشر تفاصيل الموازنة العامة طوال مراحل إعدادها، وقيام وزارة المالية بإنشاء وحدة الشفافية المالية والمشاركة، فإنه من المتوقع أن يتحسن تقييم وترتيب مصر بشكل أكبر فى الجولة التالية التى سيتم الإعلان عنها فى عام 2021، مع إحراز تقدم ملحوظ فى المجالات المتعلقة بالمشاركة والتواصل مع المواطنين.
كما أشاد التقرير بجهود الحكومة ودعم القيادة السياسية فى تنفيذ العديد من المبادرات التى من شأنها تعزيز الصادرات المصرية، لتصل إلى 100 مليار دولار سنوياً، وما تتضمنه تلك المبادرات من زيادة مخصصات صندوق تنمية الصادرات، وسداد متأخرات المصدرين لدى صندوق تنمية الصادرات.
وأشار التقرير إلى أن الحكومة اتخذت العديد من الإجراءات لإتاحة فرص عمل في القطاعات كثيفة الانتاج مثل الصناعة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، كما أنها تعطي الأولوية للاستثمار في التعليم والتدريب، حيث تم إنشاء جامعات التكنولوجيا التي تقدم برامج التدريب المهني، كما يتم مساندة رواد الأعمال الجدد من خلال الدعم المالي لحاضنات الأعمال ومراكز الابتكار في الجامعات، المُقدم من وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية.
وأضاف التقرير أن الحكومة تعمل أيضا على تطوير سياسات لسد الفجوة بين الجنسين، وزيادة دور المرأة في سوق العمل، وتوفير الحماية اللازمة لها، بالإضافة إلى قيامها بتوجيه مخصصات مالية إضافية لدعم الطلاب والاطفال والتغذية المدرسية.
ولفت التقرير إلى استمرار مصر في إصلاح أسعار الوقود من خلال إصلاح دعم الوقود الذي أدى إلى خفض العبء المالي لدعم المنتجات البترولية من 3.3% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي خلال العام 2016/2017 إلى 0.4% في العام المالي 2019/2020، وقد تمت عملية الإصلاح بنجاح من خلال استحداث تدابير إضافية لدعم الأسر الأكثر احتياجا لمساعدتها على التعامل مع آثار زيادة أسعار المنتجات البترولية، وبفضل هذا الإصلاح، انخفض استهلاك المنتجات البترولية بنسبة 2.1 % في العام المالي 2018/2019 بالإضافة إلى خفض الانبعاثات من استهلاك الوقود بنسبة 3.3%.
وتناول التقرير الإجراءات الخاصة بالسياسات الخضراء التي اتخذتها الحكومة، حيث أوضح أنه تم فرض رسوم تنمية خضراء على الوقود والسولار، ومن المتوقع أن تحقق إيراداً إضافياً بقيمة 0.1% من الناتج المحلي سنويا، وبدعم من البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، ستشرع الحكومة أيضا في تحديث مصفاة السولار في الإسكندرية لتحسين كفاءتها في استخدام الطاقة.
وأوضح التقرير أن الحكومة ملتزمة بالتحول نحو مصادر طاقة متجددة وأكثر استدامة، مشيرا إلى الانتهاء من تشغيل محطة “بنبان” للطاقة الشمسية، ومزرعة الرياح في جبل الزيت، مما ساهم في رفع حصة مصادر الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء إلى 11% في عام 2019.
وفيما يتعلق بقطاع النقل، فقد أشاد التقرير بالاستراتيجية التي أطلقتها الحكومة والممتدة لمدة 5 سنوات، لتحويل كافة المركبات التي تعمل بالبنزين إلى غاز طبيعي، وهو وقود أرخص وأقل تلوثاً للبيئة، وكذلك تمت الإشادة بالمشاريع الجارية لدمج الحافلات والقطارات الكهربائية في نظام النقل العام بدعم من البنك الدولي.
ونوّه التقرير إلى أنه من المتوقع أن تشكل مشاريع الاستثمار الخضراء نسبة 14% من إجمالي الاستثمارات العامة خلال هذا العام، وأنه سيتم تطبيق إرشادات الاستدامة البيئية الجديدة على نسبة 30% من المشاريع في السنة المالية 2020/2021، كما أوضح التقرير استهداف الحكومة المصرية مراجعة الإرشادات وتوسيعها لتشمل جميع مشاريع الاستثمار العام في غضون 3 سنوات، بالإضافة إلى التوسع في الاستثمارات بمصادر الطاقة المتجددة، ومشاريع النقل المستدام، وتشمل المشاريع الخضراء، محطات تحلية ومعالجة مياه الصرف الصحي، وتحسين البنية التحتية للري، وقد أوضح التقرير أنه يوجد 19 محطة لتحلية المياه قيد الإنشاء، ومن المتوقع أن تكتمل في غضون 18 شهرا.
[ad_1]