أُعلن عن وفاة شخصين في أحد مراكز الإحتجاز بسبب التعذيب في السودان، مما أعاد للشعب السوداني شبح الخوف من التعذيب الذي كان يمارسه النظام السابق، الأمر الذي أثار غضبا في الشارع في ظل المعاناة التي يعيشها.
كما وقد طالب العديد من النشطاء والقوى الثورية بتعديل القوانين وهيكلة القوات الأمنية والعسكرية وحصرها في جهتين فقط، في حين يرى البعض أن تلك الحالات هي مؤشرات على عودة الديكتاتورية والتي تستدعي الثورة مجددا.. متى تنتهي عمليات القتل والتعذيب خارج إطار القانون في السودان؟. وفقاً لـ سبوتنيك.
يقول رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان الدكتور محمد مصطفى، إن الثورة ابتدرها الثوار الصادقون، ودفعوا أرواحهم رخيصة من أجل التغيير الحقيقي، لكن للأسف قد وضع بعض الثوار الزائفين عربتهم أمام قاطرة الثورة، مستغلين محدودية خبرة شباب الثورة.
انتكاسة للثورة
وأضاف لـ”سبوتنيك”، ما أن تحقق التغيير الجزئي بسقوط رأس النظام، إلا وبدؤوا صراعاتهم القديمة المتجددة والتي ظلت تقوض كل المحاولات الجادة لإقامة ديمقراطيات ثابتة وراسخة، فالقوى السياسية غير الديمقراطية والجيش شركاء الفترات الإنتقالية، ظلا يتنافران ويتصارعان على حساب السلام والاستقرار والتحول الديمقراطي السلس، وإصرار الطبقة المسيطرة على مراكز صنع القرار في السلطة المركزية على الإحتفاظ بدولة التفاوت الطبقي.
وأشار رئيس الحركة الشعبية إلى أن كل هذه الصراعات أقعدت عملية السلام العادل والشامل وتحقيق دولة المواطنة المتساوية، وبالتالي فإن تلك الانتكاسة هي تطور طبيعي للإنتقال إلى الديكتاتورية، حيث أن الشباب الثائر يسلم سلطته بعد انتفاضة شعبية دامية للقوى السياسية، لتعود القوى السياسية غير الديمقراطية بسلطة الثوار إلى الديكتاتورية.
نقطة البداية
وأوضح أن الديكتاتوريات تعيد الثورات إلى نقطة البداية في طريق البحث عن الحرية والديمقراطية لتفقد في طريقها مجددا مئات الشهداء، فالذين سقطوا شهداء في الأيام الفائتة هم بداية التحول إلى الديكتاتورية، ويكمن الحل في تصدر الثوار الحقيقيون للمشهد السياسي ليقودوا عملية التغيير الشامل.
التعذيب مستمرمن جانبه يقول المحلل السياسي السوداني بكري المدني، إن حالات التعذيب في المقرات الأمنية وأماكن الاحتجاز لم تتوقف منذ عهد البشير وحتى بعد عامين من الثورة في البلاد، وكانت أكثر حالات التعذيب بعد سقوط النظام السابق في عملية
فض اعتصام القيادة العامة، ووفقا للتحقيقات الجارية فإن المشتبه فيه حتى الآن هى القوات النظامية.
وأضاف لـ”سبوتنيك” أن الحالتين الأخيرتين من الوفاة نتيجة التعذيب في المقرات الأمنية لا يمكن فصلهما عن الحالات المماثلة في السابق، وللأسف لا يمكن اعتبار حالات التعذيب المتكررة والتي يرتكبها أفراد من مؤسسات نظامية “حالات فردية”، وأن المتهمين بارتكاب تلك الجرائم معزولين عن مؤسساتهم الأمنية.
قوانين خاصة
وتابع المدني، المؤسسات الأمنية من الواضح حتى الآن أن لديها قوانين خاصة تبيح لها حق الاعتقال والتحقيق والاستجواب، رغم أن هناك توصيات في الوثيقة الدستورية بمعالجة بعض القوات إلا أن هذه القوات مازالت موجودة وتحتفظ بمقارها وهياكلها وقوانينها التي تبيح لها التحفظ والتحقيق والاستجواب والاعتقال.
وأكد أنه تحت هذه القوانين والإجراءات تقع التجاوزات “مع العلم أنه لا يوجد قانون يبيح التعذيب أو الضرب”، فمن يقومون بالتحقيق والاستجواب يتجاوزون الحق القانوني النظري للمواطن لتعذيب وضرب المشتبه فيهم أو المتهمين المفترضين.
وطالب المدني بأن يكون حق الاعتقال والتحفظ والتحقيق والتحري وغير ذلك، حق حصري للشرطة السودانية والنيابة العامة فقط، وأن يتم معالجة وضعية بقية القوات التي كان لها هذا الحق في السابق، وأن تكون هناك قوة عسكرية رئيسية واحدة متمثلة في الجيش السوداني.
واقعة مؤسفةوأثارت وفاة شخصين، يعتقد أنهما قضيا تحت التعذيب من قبل أجهزة أمنية وعسكرية في السودان، موجة غضب عارمة ومطالبات بتحديد الجناة وتقديمهم للعدالة، فيما أعلنت كل من قوات “الدعم السريع” وقوات الشرطة احتجاز عدد من منسوبيهم بشبهة المشاركة في التعذيب الذي أفضى إلى الموت.
ولقي بهاء الدين نوري، وهو شاب يقطن في ضاحية الكلاكلة جنوبي الخرطوم، مصرعه عقب اقتياده على متن عربة من دون لوحات من قبل مجهولين إلى جهة غير معروفة، ولاحقاً أبلغ أحد أفراد قوات الدعم السريع التابعة للجيش السوداني، أسرته بوفاته في أحد المراكز
الطبية التابعة لتلك القوة، بيد أن أسرته رفضت تسلم الجثمان واتهمت محتجزيه بقتله “تحت التعذيب” وفقا لصحيفة “الشرق الأوسط” السعودية.
ونقل موقع “مونتي كاروو” السوداني على الإنترنت عن مصادر في الشرطة، أن بهاء الدين، استدرج من قبل مجموعة على عربة من دون لوحات، زاعمين أخذه لإصلاح أجهزة تكييف تخص إحدى الشركات، واعتقلته في معتقل تابع لقوات الدعم السريع، تحت تهم تتعلق بالانتماء لجماعة إرهابية تتاجر في المفرقعات.
وقال المتحدث باسم قوات الدعم السريع العميد جمال جمعة، في بيان، إن الشاب توفي بعد القبض عليه بواسطة استخبارات قوات الدعم السريع.
وأضاف جمعة أن قيادة قواته أمرت بوضع رئيس دائرة الاستخبارات بقوات الدعم السريع والضباط المعنيين والأفراد الذين شاركوا في القبض والتحقيق معه للتحقيق والتحفظ، لحين الانتهاء من التحقيق في القضية.بدوره، ذكر مكتب النائب العام، أن الشاب توفي بالوحدة الطبية التابعة للدعم السريع، بناء على بلاغ نقيب تابع لقوات الدعم السريع. وقالت نشرة صحافية صادرة عن المكتب التنفيذي لمكتب النائب العام، إن أحد اختصاصي التشريح أجرى تشريح الجثة، لكن النيابة أمرت بإعادة التشريح بواسطة فريق طبي مكون من ثلاثة أخصائيين بناء على طلب ذوي القتيل، وأوضحت أن إجراءات التحقيق لا تزال مستمرة لحين صدور تقرير إعادة التشريح.
من جهة أخرى، أعلنت الشرطة السودانية وفاة مواطن آخر يدعى عز الدين علي حامد، نتيجة لتدهور حالته الصحية، بعد فترة وجيزة من إطلاق سراحه من الاحتجاز بالضمانة العادية، بينما قالت أسرته إنه تعرض لعملية “تعذيب وحشية” أدت لوفاته، في أحد المستشفيات التي نقلته إليه.
وقالت الشرطة إنها وضعت جميع منسوبي “شرطة الدوحة – أم درمان” تحت الحجز، وفتحت تحقيقاً في قضية مقتل عز الدين علي حامد.
وذكر بيان للشرطة أن القتيل كان يواجه بلاغاً جنائياً تحت المادة 174 من القانون الجنائي (السرقة)، وألقي القبض عليه ووضع في الحجز لدى شرطة المباحث الفيدرالية في المنطقة، وبعد الإفراج عنه بالضمانة العادية، تدهورت حالته الصحية، ونقل لأحد المستشفيات وهناك فارق الحياة.
ووفقاً للشرطة، نقل الجثمان إلى المشرحة لمعرفة أسباب الوفاة، وأظهر التقرير الطبي أن القتيل تعرض للضرب، وبناء على التقرير الطبي، تم تعديل البلاغ للمادة 130-2 من القانون الجنائي “القتل العمد”، وفتح تحقيق بمواجهة منسوبي المكتب ووضعهم في الحجر الشديد، وتولت النيابة التحقيق في البلاغ.
وبرزت دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي بالسودان تطالب بتقييد حركة “السيارات من دون لوحات”، واعتبرتها “نوعاً من الجريمة المتنقلة”، وبقصر سلطة القبض على الشرطة تحت إشراف النيابة العامة.
ومنذ 21 أغسطس من العام الماضي، يشهد السودان، فترة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم السلطة خلالها كل من المجلس العسكري، وقوى “إعلان الحرية والتغيير”، قائدة الحراك الشعبي.
[ad_1]