الراقص فى المقبرة……….
عشت يا راقص المقبرة بين الناس يتيما ضعيفا .
ترنحت سفينك من عواصف الطغاة فلم تجد غير المقبرة تؤنس وحدتك انسا.
هذا مكر لئيم , وذاك هجر حبيب , وهذا الدرب سبيلك يا عابر السبيل المظلم .
تاتيك الشمس دامية وتسال , الم تكن الشمس نورا؟
ياتيك القمر بالليل موحشا وتسال , الم يكن انسا مؤنسا ؟
تساقط عليك النجوم شهبا تلظى وتسال , الم تكن نورا ؟
وتقول يا يتيم …….الم تحملنى الارض ؟ الم تحملنى السماء ؟
هل لانى ضعيفا انبذ واترك وابعد ولا ارى الا حياة البرزخ والقبر ؟
نعم ايها الناس , سانزل الى القبر احيا فى باطن الارض ما دام ظاهرها لا يسعنى لانى يتيم ضعيف .
ولاسكب دموعى فى قلوبكم لعلكم ترقون وتحنون , او اسكبها لتحرق قلوبكم كما حرقتم قلب اليتيم .
عن اذنكم .
الان اهبط .
الان انزل .
الان وداعا يا كل من فوق الارض ورحبوا بى يا من تحت الارض .
انزل وليس معى الا الناى الذى لازمنى منذ ولادتى .
الان ارقد فى باطن الارض واروى للثرى حكايتى .
الان اتناول الناى ثم اهب واقفا راقصا ملحنا بالناى , كيف كانت حكايتى .
ومع عزفات الناى ورقصاتى المذبوحة تسقط دموعى لتروى الثرى فيخرج لى الله زرعتى وطعامى .
تعالى صوت الناى وازدادت رقصاتى وكثرت دموعى وعلا صراخى حتى سمعنى كل طير فى السماء وروح تدب فى الارض .
جاء الناس والتفوا حول قبرى
يتهامسون .
ينصتون .
يسمعون .
يقكرون .
فسمعونى وسمعوا ارجوزتى وقالوا .
انس ولا جان ؟
حي ام ميت؟
ما هذا الصوت الذى يقطر قطر الدم ؟
ما هذا الحزن الذى ملا الثرى تحت الارض؟
والتفوا ونادونى وقالوا ايوجد احد هنا؟
قلت انا اليتيم . انا الراقص فى المقبرة .
قالوا اخرج يا بنى وحرر نفسك .
قلت لقد حررت نفسى يوم ان اطلقت نفسى من قيدكم .
فقالوا اخرج يا بنى من ظلمتك .
فقلت والله ان ظلام القبر اخف عليا من ظلام نفوسكم .
يا بنى اعتلى .
قلت لقد اعتليت يوم تركت سفالتكم .
قالوا يا بنى تعالى معنا لك زهور وبيت .
فقلت زهور قبرى رائحة عطرة لم تنجسها نجاستكم .ولى بيت انام وارقد وارقص فيه وانه لاوسع من بيوتكم .
فامضوا واتركونى فانى
الراقص فى المقبرة
الراقص فى المقبرة