محافظ الوادى الجديد: تشييع فوفسفات أبو طرطور.. وتوقف مصنع أسمنت للعجز فى توفير الكهرباء!
* 22 مليار جنيه بنية أساسية دون إستثمار مناسب
* جامعة جنوب الوادى تحتاج إلى 30 مليون جنيه فهل مطلوب من الأهالى الفقراء تحمل تكاليفها!
* المياه الجوفية تكفى لزراعة نصف مليون فدان.. والمزروع 138 ألف فدان فقط!
*إعداد الثروة الحيوانية هزيلة ولا تتناسب مع إمكانيات المحافظة
* مهزلة القطارات تتسبب فى تطفيش السياحة.. والمحافظة تتجمل خسائر شركة الطيران !
هل يمكن أن يحل الوادى الجديد مشكلة مصر الغذائية؟!.. وبالأدق هل يمكن أن يرتفع سقف الاحلام ليحتضنالوادى الجديد الاستثمارات الجادة فى الزراعة وليس فى ” تسقيع ” الأرض؟! .. وهل يمكن إستخدام المميزات البيئية بالوادى الجديد فى إعادة صحة المواطن المصرى من خلال بناء جديد للثروة الحيوانية؟! هذه الأسئلة وغيرها حملناها ضمن وفد لجنة الأداء النقابى بنقابة الصحفيين فى زيارتنا لمحافظة الوادى الجديد..
فالوادى الجديد جغرافيا يشغل نحو 44% من مساحة مصر أى ما يقرب من نصف مساحة مصر بأكملها.. وتاريخيا مرت به كافة الحضارات وتركت أثارها وبصماتها ومنها الحضارة الفرعونية واليونانية والرومانية والقبطية والاسلامية بل والحديثة المتمثلة فى إتجاه الثورة للوادى الجديد وحتى المتاحف الحديثة والصناعات البيئية..
وبيئيا يكاد أن يكون الوادى الجديد من المحافظات القليلة التى لم يصبها التلوث بعد وهو ما يمكن أن يحل مشكلات مصر خاصة فى تربية ثروة حيوانية وداجنة نظيفة بعد أن فتكت الأمراض الوافدةمع الحيوانات المستوردة بما تبقى من ثروة حيوانية أصيلة وبعد أن إنتشرت أنفلوانزا الطيور وباتت تهدد بأن ” يتحور ” فيروسها لينتقل من إنسان إلى إنسان آخر ـ لا قدرالله ـ
.. كما يمكن للبيئة النظيفة والبكر بالوادى الجديد أن تقدم حلاً لمشكلة الأمراض المنقولة من المحاصيل الغذائية التى إستخدمت الأسمدة والكيماويات والهرمونات المخصبة والهندسة الوراثية دون أى ضوابط أو مراعاة لإخمالات التأثيرات السلبية وقصر النظر على زيادة المحاصيل أو إكتسابها ألوان ” فائقة ” حتى ولو صارت بدون طعم أو رائحة وهو ما عاد بأخطر الأمراض السرطانية والفشل الكلوى والكبد الوبائى وغيرها من الأمراض التى ” لوثت ” شعب مصر!..
كما يمكن أن يكون الوادى الجديد منفثاً جديداً للسياحة مع وجود الاثار الهائلة به، وتنوع سبل السياحة الأخرى مثل الاستشقاء والسفارى والسباق وغيرها ليتناسب عدد السياح مع الامكانيات الكبيرة للوادى الجديد..
كما يمكن للوادى الجديد أن يحل مشكلات الاستثمار فى مجال الثروة المعدنية والصناعات القائمة عليها وأن يحل مشكلة البطالة وسوء التوزيع السكانى باكتظاظ القاهرة بأكثر من 16 مليون نسمة أى بما يعادل مساحة تقل عن ثلاث مترات لكل مواطن بينما يعيش فى الوادى الجديد بمعدل 3 كيلو متر لكل مواطن!..
هذه الهموم وأيضاً الامانى حملناها فى زيارتنا .. وأن كانت بدأت بملاحظة صعوبة أو بُعد المسافة.. فالمواصلات البرية كثيراً ما حملت الشكوى من تعطلها خاصة أوتوبيسات شركة الدلتا وكم توقفت فى الصحراء ما بين أسيوط والوادى بعد منتصف الليل ليتعرض الركاب لمخاطر الصحراء.. حتى أسيوط غير ملتزمة ومن أكبر أدوات.
” تطفيش” السياحة سواء للأقصر وأسوان أو الوادى الجديد وقد صادفنا فى العودة عدم توقف القطار سوى لدقائق معدودة بأقل من أصابع الايدى الواحة وهو ما أدى إلى عدم إلتحاق معظم الركاب وتم تقديم بلاغ من الصحفيين ضد السائق ورئيس الهيئة بعد العلم من الركاب بتكرار هذا الاستهتار والإهمال يومياً.. أما خطوط الطيران فقد علمنا بتقاعس شركة مصر للطيران بعد ” موضة ” الخصخصة والتحول إلى شركات قابضة تبحث عن المكسب الشخص دون أى إعتبار لبعد وطنى أو تشجيع الاستثمار وحتى فى هذا المجال أثبتت الشركة فشلها فأى صحفى يضطر للسفر على خطوط جوية أخرى نظرا لإرتفاع أسعار خطوط الشركة ” الوطنية ” (!!) حتى مع وجود تخفيض للصحفيين تصير أسعار الشركات الأخرى أقل نسبة كبيرة!.. وقد علمنا أن المحافظة أضطرت للجوء إلى خطوط شركة بترول والتعاقد معها وتحمل تكاليف من ميزانياتها بعد أن أوقفت مصر للطيران رحلاتها نحو ثلاث أعوام.. ورغم الظلم الذى تتعرض له المحافظة من تحمل التكاليف إلا أن هذا الاجراءات أفضل ألف مرة فهو يكاد أن يكون السبيل الوحيد لزيارة الوزراء وغيرهم للتعرف على الوادى الجديد وهى مأساة بحق أن تتسول محافظة بمساحة نصف مصر زيارة وزير أو مسئول رغم أن الوضع الطبيعى هو لجوء الوزراء ومرع المسئولين إلى هذه المحافظة تحديدا للبحث عن انفاذ لما تتعرض له مصر من مشكلات غذائية وصحية وغيرها..
وبالفعل زاد عدد من الوزراء والمسئولين المحافظة فى الفترة الأخيرة ومن بينهم د. أحمد نظيف رئيس الوزراء و د. محمود أبو زيد وزير الرى والأشغال المائية و م. سامح فهمى وزير البترول و د. حاتم الجبلى وزير الصحة وعدد من المسئولين والاعلاميين والدبلوماسيين ونحو نجاح يحسب للواء أحمد مختار محافظ الوادى الجديد بمبادرته وفتح ومد أيديه للتواصل مع المسئولين وان كان من العجيب انه رغم ان المحافظة فى حاجة للاستثمار وبها استثمارات فعلية خاصة من أبناء الوادى المقيمين خارج المحافظةإلا ان محمود محى الدين وزير الاستثمار لم يقيم زيارة المحافظة!!.. وفى تقديرنا أن هذا من حُسن حظ المحافظة لأن محمود محى الدين لا يهمه إقامة المشروعات الزراعية والصناعية الجارية بقدر ما يهمه مواصلة طريق ” معلمه” عاطف عبيد من بيع القطاعات المصرية وللأسف معظمها لصالح مجموعة من “المرتزقة” أدت إلى قفز الاسعار وأمامنا نموذج بيع شركات الأسمنت على سبيل المثال لا الحصر!.. وان كنا نرى دعوة المحافظة للمهندس رشيد محمد رشيد أجدى وأفيد..
وبعيدا عن هذا فإن المحافظ الواء أحمد مختار قرر أن يطبق المثل القائل: إذ لم يأت الجبل إلى محمد ذهب محمد إلى الجبل” وهو مثل علمى ناجح.. وعليه يذهب المحافظ إلى المستثمرين فى عقر دارهم حاملا دراسات الجدوى السعودية أو أجنبية خاصة إيطاليا وهو نموذج عملى ناجح..
وإذا كان من باب الوفاء ما لاحظناه فى مبنى المحافظة وفى الكتب الصادرة عنها صور للمحافظين الذين تولو منصب محافظ الوادى الجديد ـ ومن بينهم م. ابراهيم شكرى ـ وهى لمسة وفاء فقد أشار اللواء مختار أحمد مختار إلى أن بالوادى الجديد استثمارات بنيه أساسية بلغت نحو 22 مليار جنيه أنفقت فى السنوات الماضية ومن الطبيعى أن يحين الآن استثمارها لصالح مصر قبل ابناء الوادى وان كان كل التقدير لما أوصلوه لهذا المستوى .. ولابد من التفكير فى زيادة الاستثمارات ليتحول الوادى إلى منطقة جاذبة.. وإذا كان من أبناء المحافظة 16 ألف طالب جامعى خارج المحافظة فإن الجامعة بالمحافظة ليست كواجهة سياسية أو ” ديكور ” ولكن ضرورة لوقف الطرد وأن تكون جامعة ذات طبيعة تناسب المجتمع الموجود به وان كانت الجامعة تحتاج إلى نحو 30 مليون جنيه وهو مبلغ فوق طاقة المحافظة وأبنائها فأنه يحسب للمحافظ عدم التمسك بقرض من أحد البنوك بانشاء جامعة خاصة لوجود هدف أولى وهو غرس الانتماء..
أما عن الخريجيين فإن جانب من مشكلة البطالة يرجع لموروث الاجتماعى وهو بحث الخريجيين عن التعيين الحكومى ” الميرى ” بينما النظرة الشمولية لابد من النظر إلى مستقبله كقيادة مستقبلية ولن يتحقق ذلك إلا من خلال كيانات تضم مجتمعات زراعية متكاملة تستعين بكل التخططات.. والمحافظة تحاول بقدر طاقتها توفير فرص عمل فى التخططات المختلفة إضافة لوجود فرص عمل فى شرف العوينات وسهل قروين بمرتب لا يقل عن 750 جنيها ولكن الشاب يبحث عن ” الميرى”!
إن الوادى الجديد يحتاج الى التفكير فى زيادة الاستثمارات ليتحول إلى منطقة جاذبة للاستثمار والمشروعات وأيضا الكثافة البشرية تستفيد من فرص العمل بجانب القوى الشرائية.
الدراسات التى تم إعدادها حتى عام 2017 تؤكد إمكانية زراعة نصف مليون فدان ( والمساحة المزروعة 138 فدان فقط) .. وإن كانت المشكلة ليست فى المياه بقدر مدى استغلال المياه والبعد عن سوء الاستغلال وترك مساحات للأجيال القادمة.. وهذا يتطلب الرى بالتنقيط والحفاظ على المياة وحسنا ان تقدم النائب سعد نجاتى بطلب إحاطة لوزير الرى لعمل معاهدة للمياة الجوفية على ضوء اتفاقية مياة النيل وتضم المعاهدة مصر وليبيا والسودان بصفة خاصة حتى لايكون استنزاف المياه من جهة على حساب جهة أخرى..
.. وحسنا ان يزرع الوادى الجديد نحو51 ألف فدان من القمح ويقتحم زراعات جديدة مثل البنجر والعنب والكنتالوب بجانب الزراعات الموجودة بها وأشهرها النخيل والزيتون والبرسيم والحبوب .. وهذه الزراعات يمكن أن تخلق فرص للاستثمار الصناعى ومنه مصانع تجفيف البصل ومصانع التمور والصناعات الخشبية القائمة على سحف النخيل.. كما أن تميز الوادى الجديد ببيئة نظيفة يمنح فرصة نادرة لتأسيس ثروة حيوانية نظيفة عوضا عن فشل مشروع البتلو والامراض الوافدة مع الحيوانات المستوردة ونفس الامر فى مزارع الدواجن وقد زرنا مصانع لمنتجات الالبان.. وان كان من الواجب التواصل مع المركز القومى للبحوث للاستفادة من زراعة الاعشاب الطبية والصناعات القائمة عليها خاصة مع التوسع العالمى فى الطب البديل.. ونفس الامر فى الاجهزة البيطرية خاصة مع ما اعترف به الحافظ من ان عدد رؤوس الماشية بالحافظة يبلغ نحو 102 ألف وهو رقم هزيل بينما الأمل فى تربية ما لا يقل عن مليون رأس..
أما عن استغلال الثروة المعدنية فقد تم تشييع جنازة فوسفات ابو طرطور بعد فشله الزريع خاصة لتحميل المشروعات ما لا طاقة له به مثل خط السكة الحديد إلى سفاجا وقد تم تحويل المشروع إلى شركة الوادى الجديد للفوسفات والطفلة المعدنية ليتحقق النجاح المنشود.. بينما تتعثر بعض المشروعات لاسباب خارجة عن المحافظة.. فقد منح المحافظ موافقة على ترخيص انشاء مصنع للأسمنت إلا انه تعثر فى هيئة التنمية الصناعية خاصة مع تقديرالمستثمرين لتركيب محطة كهرباء بتكلفة ما بين 30 إلى 40 مليون جنية فإذا بالتكلفة تصل إلى ربع مليار جنيه!.. وان كنا نطالب بمراعاة المشاكل البيئية المترتبة على صناعة الاسمنت حتى لايتكرر ما حدث فى حلوان بالقاهرة وانتشار أمراض التحجر الرئوى والربو..
أما عن الدخل السياحى فهو لا يتناسب اطلاقا مع كم وتنوع الاثار وأوجه السياحة بالوادى الجديد فكثير من المواقع بها بطء فى الترميم ولعل ترميم معبد هيبس ينتهى هذا العام كما هو مقرر له وان كان من العجيب وضع عوازل أرضية لتسرب المياه بتكلفة بلغت ملايين الجنيهات بينما تم الابقاء على الزراعات القريبة من المعبد وكأن أرض الوادى ضاقت بما رجعت (44% من مساحة مصر) لتمنح أصحاب الزراعات أراضى بديلة .. ويتكرر الأمر فى مقابر البجوات التى تم أسنادها لمقاول لم يحضر منذ شهور .. أما مقابر المزوقة فهى مغلقة وما تكاد أن تفتح ليعاد اغلاقها.. ورغم هذا فهناك من المزرات الرائعة للمواقع الاثرية (129 موقع أثرى) سواء القديمة مثل معبد دوس أو الاسلامية مثل قرية القصر والحديثة كالمتاحف والصناعات البيئية مثل السجاد والخزف وغيرها..
إن مشاكل الوادى الجديد يمكن حلها ولكن مصر لديها مشكلة يمكن حلها فى الوادى الجديد .. وقد كان اتجاه الرئيس عبد الماصر للاستفادة من الوادى الجديد وها هو التاريخ يعيد نفسه فهل من استغلال لهذه الفرصة النادرة والعظيمة؟!