هناك بعض وقائع الفساد فى السياحة والآثار يبدو أن كبار المسئولين سواء بوزارة السياحة أو المجلس الأعلى للآثار لا علم لهما بما يجرى وهو ما يعنى أن المعاونين لهما غير أمناء..
فمنذ أيام التقيت بالسيد/ زهير جرانة وزير السياحة مع الزميل الأستاذ ماجد على ـ رئيس تحرير الاقتصادية ـ ويبدو أن الوزير كان متوتراً لأسباب لا نعرف بها حتى أنه أنهى الحوار قبل موعده وقبل أن نعقب على إجاباته والتى جعلتنا نشفق عليه من إجابات عجيبة..
فالسيد وزير السياحة يتعجب ممن يقولون أن مصر حصلت على صفر فى عجائب الدنيا الجديدة وأن مصر لم تشارك لأن وزير الثقافة لم ير بدخولنا لهذا الاحتفال(!).. ويتعجب الوزير من معنى الحصول على درجة صفر لأننا لم ندخل إمتحان
[.. إجابة السيد الوزير نفسها تؤكد استحقاقنا الصفر لأنه أولاً لم يدرك أن تعبير الحصول على صفر ليس شرطاً أن ندخل إمتحان على طريقة المدارس بل هو تعبير مجازى علماً بأن هذا السباق كان إمتحان بالفعل ولو على قدرة المسئولية والوزراء على اتخاذ القرار..
فوزير السياحة يرى أن وزير الثقافة لا ير بدخولنا هذا الاحتفال.. ورغم أن وزير الثقافة كما أتلف الآثار وأقام الاحتفالات خاصة احتفالات الأوبرا التى كلفتنا ملايين الجنيهات كل مرة إضافة للإضرار بالآثار سواء بمعبد حتشبسوت أو الأهرامات ونفس الأمر فى الألعاب النارية فى معبد الأقصر وغيرها من المغامرات رأى هذه المرة ألا نشارك فى هذا الاحتفال.. وقد ذكرنا من قبل أن من حق د. زاهى حواس ألا يقابل مسئول هذه اللجنة أو الجمعية لأنه تحكمه قوانين الآثار التى تقصر المقابلات على الجهات العلمية المعترف بها.. ولكن ما علاقة هذا بأن يكون فاروق حسنى وزير الثقافة صاحب القرار فى عدم مشاركة وزارة السياحة فى نشاط سياحى ـ تجارى؟!.. ولماذا لم يفكر وزير السياحة ولو بصفته مسئولاً عن هيئة التنشيط السياحى فى مقابلة أصحاب المهرجان؟!.. وهل استفاد وزير السياحة عن عدم مشاهدة 1.7 مليار نسمة لحدث الاحتفال ومصر خالية الوفاض؟!.. إن إجابات وزير السياحة كلها تؤكد أنه مغيب تماماً كما ذكر أن نسبة الإشغالات فى فنادق طابا تتعدى الـ40% رغم أن أصحاب الفنادق ذاتها أكدوا أن معظم الفنادق لا تتعدى الإشغالات بها 1% فقط لأسباب حكومية مثل إهمال الطرق وهو ما أدى إلى وقوع عشرات الحوادث ونفس الأمر فى المطار إضافة إلى أسباب عامة للأحداث الأمنية.. ونفس الأمر فى “تسقيع” عدد من المستثمرين للأراضى بينما ينفى الوزير ظاهرة “التسقيع” تماماً كأن كل المستثمرين جادين وشرفاء!
أما عن تملك الأجانب لوحدات سكنية وغيرها فهو يرى أن هذا أمر طبيعى لأنه ناجح فى أسبانيا وهذه الإجابة المطلقة للوزير تحتاج إلى توقف.. فهناك مناطق لها طبيعة خاصة مثل سيناء.. والأقصر وعدد من المناطق الأثرية.. فالتملك هنا لا يقارن بأسبانيا ولكن يمنح فرصة سرقة الآثار أضعافاً مضاعفة.. وتملك الصهاينة الذين يمكن لهم حمل جنسيات أخرى يثير القلق الأمنى لدى أى مواطن.. وإذا كان لا خلاف على العمل لمزيد من الدخل إلا أن اهمال المحاذير يجعل كفة الخسائر أكبر ألف مرة..
وهكذا كانت إجابات السيد الوزير والذى رأى أن كل تلميذ يعرف التاريخ الفرعونى وأن المشاركة فى سباق العجائب لن يأتى بمردود أكثر من الموجود.. وهكذا يرى الوزير أن كل تلاميذ العالم يعرفون تاريخ مصر ولا داعى للمشاركة فى أى مسابقة حتى لو كانت مصر تمتلك عشرات المواقع التى تستحق أن تكون أكثر من العجائب وأن هذا لا يتعارض إطلاقاً مع احتفاظنا بمكانة الأهرامات..
أما نقطة الخلاف الكبرى التى توقف عندها حوار وزير السياحة فهو يرى أن دعاية الحملة الفاشلة نورت مصر أنجح الحملات ولم تتكلف سوى 20 مليون جنيه فقط!! رغم أن الحملة تكلفت 100 مليون وزادت 11 مليون أى أن الوزير لا يعلم بأكثر من 90 مليون جنيه ضائعة!!
.. ويبدو أن وزارة السياحة تعتبر نفسها تكية خاصة للمال السائب.. فملايين الجنيهات والدولارات وبكافة العملات تهدر لأسباب تافهة وسط تصرفات ليست فوق مستوى الشبهات.. من أبرز هذه الفضائح الحملة الإعلانية التى تكلفت نحو مائة مليون جنيه.. ففضلا أنها بلا عائد حقيقى وإلا لما شاهدنا استمرار نفس الأسلوب الذى تنتهجه الفئة المقصودة بالتعامل الحسن مع السياح مثل السائقين وغيرهم حيث أن الواقع أنهم لا يشاهدون مثل هذه الإعلانات وفى أحسن الأحوال يتهكمون عليها.. فقد جاءت العجائب فى تقديم موظفة بعقد ـ وبالمخالفة للقوانين واللوائح ـ بطلب للوزير لتخصيص اعتماد ملايين الجنيهات لمضاعفة الدعاية!!
وفى الوقت نفسه يتم تعيين مستشارين “بالكوسة” للسيد الوزير بمكافأة 15 ألف جنيه شهرياً.. ولأن مجمل هذه الأموال من المعونة الأوروبية أى بجهود من فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولى فمن الممكن أن تنول من الحب جانب!..
البداية تجئ فى حصول وزارة السياحة على منحة أوروبية قدرها 100 مليون جنيه تقسم على خمس سنوات وتخصص للدعاية السياحية مثل الإعلان الساذج “نورت مصر”.. ورغم عدم مردود الحملة أو الإستفادة منها سوى لأصحاب عمولة الإعلانات فقد جاءت “الأعجوبة” فى الخطاب الذى تقدمت به المدعوة/ راندا مصطفى ـ إستشارى حملة التوعية السياحية الداخلية ـ والمقدم لوزير السياحة محمد زهير جرانة والتى تقول فيه: بالإشارة إلى العقد المبرم بين هيئة التنشيط السياحى وشركة “استديو” للدعاية والإعلان بشأن الحملة الإعلانية (القومية) للتوعية السياحية فى إطار جهود الهيئة الرامية إلى إزدهار الحركة السياحية ولتحقيق أكبر قدر من مستوى الوعى السياحى لدى المواطنين وزيادة تعريفهم بأهمية صناعة السياحة أتقدم ـ الحديث للست راندا ـ باقتراح زيادة موازنة الإنفاق لهذه الحملة بنسبة 25% من قيمة الموازنة بالعقد (أى مبلغ 11 مليون و87 ألف جنيه تقسم إلى 2 مليون و896 ألف جنيه كل عام)
هذا الخطاب يثير أكثر من ملاحظة أهمها:
– أن المستشارة المعجزة رأت أن الشركة التى فازت بمبلغ مائة مليون جنيه من تكية المال السائب تستحق زيادة هذا السفه بنسبة 25%!
– أن المستشارة التى رأت من نفسها زيادة الميزانية ليس من حقها تقديم طلب رسمى لزيادة المبالغ لأنها ليست موظفة أو مسئولة حكومية بل مجرد مستشارة بعقد يمكن أن يتم إلغاؤه فى أى لحظة ولكن فى مثل هذا الطلب ـ إن كان يصلح ـ أن يقدم من لجنة من الهيئة.. ورغم هذا وافق الوزير لها ودون لجان أو مناقشات!
– أن مصروفات الدعاية تتضمن بنود تكشف عن إهدار المال العام فى دعايات ساذجة ومنها عقد خمس مؤتمرات صحفية بتكلفة 150 ألف جنيه (توجد مؤتمرات طبيعية بالوزارة) وأغانى فيديو كليب بمبلغ 250 ألف جنيه (لإرضاء أصحاب هز الوسط) وإعلانات تليفزيونية بمبلغ مليون و375 ألف جنيه بخلاف 5 مليون و37 ألف جنيه لنفس الغرض أما الراديو فمبلغ مليون و350 ألف جنيه وإضافة أغنية بـ40 ألف جنيه أما الإعلانات فى الشوارع فقيمتها 22 مليون جنيه و200 ألف وفى الصحف (ومنها الصفراء والزرقاء والابتزاز والافساد) مبلغ مليون و200 ألف جنيه وبوسترات بـ220 ألف جنيه وبرامج بـمليون و650 ألف جنيه ومستحقات الوكالة 360 ألف جنيه مع ملاحظة أن الوكالة طلبت منحها عقدا يضمن لها أن تكون الوحيدة التى لها الحق فى إنتاج أى منتجات إعلانية أو دعائية لصالح الحملة (يبدو أنها ترى أن الإبداع توقف عند العباقرة الذين يعملون بها وبالأدق يستفيدون منها)!
ولا أحد يعرف كيف وافق الوزير على هذا التهريج والسفه فى إهدار المال العام وهو الذى تضمنه الخطاب المقدم للسيد/ مدحت السكرى رئيس قطاع الشئون المالية والإدارية والاقتصادية بهيئة التنشيط السياحى والموقع من حسن جمال الدين ـ رئيس القطاع وأمين عام الصندوق!
ووسط هذا السفه كان طبيعياً أن تجئ مستندات بزيادة الدعم المالى للصحف والمجلات بمبلغ مليون و812 ألف جنيه… وبالطبع تتضمن فضائح عمولات المحررين وشراء ضمائرهم وتحت أيدينا مستندات تتضمن مكافآت لا تقتصر على موظفى التنشيط السياحى بل تضم معهم ضباط وزارة الداخلية ومحاسبين وزارة المالية وصحفيين ومذيعين ولكل منهم عدة آلاف من الجنيهات أو من تكية المال السائب.. والمستندات تحت أيدينا إذا كانت تهم الداخلية والتى تنبه على الضباط فى حالة حصولهم على أى مكافأة خارجية إخطار الوزارة أو نقابة الصحفيين التى لم تفكر فى اتخاذ وقفة لإعادة هيبة الصحفى والذى تحول إلى مندوب للوزارة فى جريدته وليس العكس!!
وهذا بخلاف السفريات الخارجية والفسحة وبدلات السفر!!..
.. مع أطيب التحيات لإهدار المال العام !