تشهد مصر غلاءً متزيدًا في الأسعار حيث وصل سعر اللحم البلدي إلى 36 جنيهًا، وزادت أسعار الدجاج وزادت أسعار اللحوم المجمدة بجميع أنواعها بنسبة 25% إلى 30%- وهي طعام الفقراء- وأصبح سعر الفول “الحصا”- الذي هو طعام المصريين الفقراء- 4.50 للكيلو بدلاً من 3.00 جنيهات أول الموسم، وكذلك جميع البقوليات، كما أصبح كيلو الدقيق بـ3.00 جنيهات وزجاجة الزيت بـ7.00 جنيهات، علاوةً على زيادة الكهرباء هذا الشهر والغاز والمياه تباعًا.
وأتساءل: أين نصيب الفقراء من الدخل القومي؟ وأين العدالة الاجتماعية التي قررها برنامج الرئيس الانتخابي؟ وأين الدعم الصحي والتعليمي والسلعي؟؟!.
لقد انسحبت الدولة من دورها الاجتماعي والاقتصادي وتركت الناس يئنون تحت وطأة الفقر، فقل لي بالله عليك أين يذهب الموظف صاحب مرتب الـ200 جنيه إلى 500 جنيه في ظل هذه الأسعار التي تكوي ظهور المصريين جميعًا؟! حتى وصل المصريون الذين هم تحت خط الفقر إلى أكثر من 50%، وللانسداد السياسي وعدم الأمل في الإصلاح والتغيير ظهرت الهجرة غير الشرعية التي راح ضحيتها زهرة من شباب البلد لقمةً سائغةً لأسماك البحر عن طريق سماسرة الموت التي يقبل الشباب عليها هربًا من جحيم مصر التي تكوي أبناءها؛ حتى إننا رأينا في برنامج العاشرة مساءً أن 8 ملايين مواطن يريدون الفرار من هذا البلد، فضلاً عن ذلك فإن كثيرًا من المصريين التحق بالكيان الصهيوني وهجر إليه وتزوَّج من “إسرائيلية” وأنجب منها أطفالاً مزدوجي الجنسية.
وهؤلاء سوف يكون لهم نفس الحقوق التي هي للمواطن صاحب الأم المصرية فهل سيخدم هذا “الإسرائيلي” المصري في الجيش أو يكون موظفًا في جمهورية مصر العربية؟.. لقد اخترق الأمن القومي المصري ولا ندري ماذا سنفعل بعد 10 أو 15 سنةً عندما يكبر هؤلاء الأطفال ويكونون رجالاً؟ ماذا حدث للمصريينَ؟ ولماذا فقدوا انتماءهم؟ ولماذا فقدوا ولاءهم لمصر؟ ولماذا يضحون بالغالي والنفيس في سبيل ترك مصر مع العلم أن المصريين مشهود لهم بحبهم لتربهم وأرضهم ؟؟؟!.
إن النظام المصري لا يقوم بدوره في خدمة المواطنين التي هي وظيفته الحقيقية وليس خدمة مجتمع الـ1/2% المحتكر للسلطة الآن وأصبحت كلمة المواطنة التي يتشدق بها النظام كلامًا فارغًا لا يتحول إلى حقوق للمواطن على الدولة؛ حيث إن النظام ترك المواطنين نهبًا لتحالف رأس المال مع السلطة في حكم مصر الذي أشاع الفساد في كل مؤسساتها.
ولكي يسيطر النظام على المواطنين بعدما أفقده روح المواطنة وروح الانتماء وروح الولاء وحرمهم من العيش الكريم في بلدهم وأشاع فيهم الخوف فإنه أطلق يد الشرطة لتضرب بيدٍ من حديد المواطنين الذين ينادون بالحرية السياسية التي هي المقدمة الأولى للإصلاح في مصر، وأصبحت الداخلية هي المسيطر على كل نواحي الشأن العام في مصر، فأصبح المواطن مراقبًا من الدولة في كل تحركاته وسكناته، وهواتفه؛ لأن النظام الذي حوَّل الدولة إلى دولة بوليسية يريد أن يطوق أي محاولة جادة لتغيير السلطة.
ويبقى الأمل في عمل دستور جديد يضعه المصريون عن طريق جمعية وطنية تضم ممثلين للمصريين جميعًا يضمن الحرية السياسية وحرية التعبير ونزاهة الانتخابات واستقلال القضاء وتبادل السلطة بين الأحزاب والاهتمام بالتنمية البشرية وفتح الأبواب للمصريين المهاجرين للعودة من الخارج واستثمار أموالهم في مصر بدلاً من استجداء المستثمر الأجنبي “الأمريكي والإسرائيلي”، ووضع خطة يحدد فيها المشروعات ذات الأولوية التي تخدم الاقتصاد المصري، وتستطيع أن توافر السلع المستوردة وتستطيع أن تصدر إلى السوق العالمية منتجاتها التي تتوافق مع رغبات المستهلكين بالخارج.
وبذلك يعتدل الميزان التجاري المصري، ويزداد إجمالي الناتج المحلي ويرتفع معدل التنمية وبالتالي ينعكس هذا على ارتفاع مستوى المعيشة للمواطنين، وهذا لن يتأتى إلا بحكومة وطنية لها ولاء وانتماء لهذا البلد.. فاللهم ارزقنا بها.