اغتيال بحيرة المنزلة
واجهت بحيرة المنزلة خطر الزوال بفضل السياسات الحكومية التي أدت الي العبث بالبحيرة عبر تجفيف مساحات شاسعة منها أو تركها لتتحول الي مقلب زبالة يستوعب كل مخلفات المصانع والمناطق المحيطة بالبحيرة مما تسبب في تدمير ثروة سمكية هائلة واصابة بعضها الآخر بالتلوث.
فمن بين البحيرات الاربع مريوط – ادكو – البرلس – المنزلة تتداعي منذ السبعينيات وحتي اليوم بحيرة المنزلة – أكبر البحيرات المصرية علي الاطلاق – ويتم اعدامها لحظة بلحظة ويوما بيوم وكأن قدرها السيئ ان تقع بين محافظات خمس بورسعيد – الاسماعيلية – الشرقية – الدقهلية – دمياط فبدلا من ان تقوم تلك المحافظات برعايتها والاهتمام بها علي اساس انها اكبر البحيرات انتاجا للسمك اذ يبلغ انتاجها السنوي -60 الف طن بنسبة 53% من انتاج البحيرات الشمالية والذي يقدر ب 172 الف طن سنويا اذ بتلك المحافظات وايضا الوزارات المعنية وغير المعنية تهيل عليها التراب فاعمال الردم تجري علي قدم وساق والتجفيف يقتطع منها مساحات شاسعة مع العمد وسبق الاصرار ولكي ندرك حجم الكارثة التي تتعرض لها بحيرة المنزلة نورد بعض الارقام والمعلومات.
كانت مساحة بحيرة المنزلة قبل التجفيف 750 الف فدان 50 كيلو مترا طولا وما بين 30- 35 كيلو مترا عرضا وهي تعادل مساحة البحيرات الثلاث الاخري مجتمعة وما يقرب من عشر مساحة ارض الدلتا كلها.
تناقصت مساحة البحيرة من 750 الف فدان الي 190 الف فدان عام 1990 حتي وصلت اليوم 125 الف فدان وذلك نتيجة اعمال الردم والتجفيف والتجريف في مناطق كبيرة منها فبعد ان كانت تطل علي خمس محافظات اصبحت تطل الآن علي ثلاث محافظات فقط.
ومن المشاكل التي تعاني منها بحيرة المنزلة وادت الي تقلص مساحتها بنسبة كبيرة واثرت علي انتاجها السمكي هي تعرضها المستمر للتلوث بانواعه وعدم كفاية البواغيز والفتحات والقنوات المغذية للبحيرة بالمياه المالحة والتعدي علي المسطح المائي باقامة الاحواض والسدود وانتشار النباتات المائية والصيد المخالف وصيد الزريعة، وربما تظهر ابشع صور التلوث في تخلص خمس محافظات من مياه الصرف الصحي والذي تبلغ جملته 256 مليون متر سنويا لتلقي بها في بحيرة المنزلة وهذه المحافظات هي الدقهلية وبورسعيد ودمياط عن طريق مصرف بحر البقر والذي تقدر كميات الصرف منه الي البحرية بنحو 107 ملايين متر وكذلك مصرف فاقوس واولاد حمام ومصرف رمسيس ومحطات ضخ السرو والمطرية وفارسكور الاخطر من ذلك هي مصادر التلوث من الصرف الصناعي حيث تصب في بحيرة المنزلة مخلفات 24 شركة ومصنعا بالمحافظات بالاضافة الي الصرف الزراعي بما يحمله من بقايا المبيدات والأسمدة الكيماوية المستخدمة في الزراعة، وقد أكدت نتائج التحاليل التي أجرتها بعض المراكز العلمية وجود املاح الزئبق وأملاح الزنك في مياه البحيرة وفي اسماكها بنسبة عالية مما تسبب في موت الكثير من الاسماك واصيب المتبقي منها بالتسمم واصبح غير صالحا للاستهلاك الآدمى.
ويتحمل الصيادون جزءا مما وصل اليه حال البحيرة وذلك بانتهاجهم اساليب مخالفة للقانون في عملية الصيد، كالصيد بالتجريف او التنشيف او الشباك المخالفة او عن طريق الاحواض والسدود العلوية واستخدام المحركات والمواتير عالية القدرة مما يزيد من تلوث البحيرة وصيد الزريعة من جانب فئة لديها الامكانات التي تساعدها علي الهروب بهذه الزريعة لتحقيق الربح السريع ببيعها للمزارع الخاصة دون ملاحقتها من شرطة المسطحات المائية مما أدي الي نقص الاسماك في البحيرة.
يقول عبدالمنعم مصطفي صياد من المنزلة ابلغ من العمر 50 عاما متزوج ولدي خمسة ابناء اصبحت صيادا بالوراثة بحيرة المنزلة بها رزقي وقوت اولادى، كان الرزق في الماضي كثيرا والآن اصبح شحيحا لدرجة اني بالكاد اصطاد امما يسد رمق اسرتى، لقد ردموا البحيرة، وما تبقي منها يسيطر عليه الصيادون الغيلان الذين يمتلكون القوارب الحديثة ويصطادون حتي الزريعة ولا يبقي لنا شيئا.
ويؤكد جمعة محمود صياد من المنزلة ايضا كانت الايام الماضية جميلة كنت انزل الي البحيرة بقاربي الصغير واصطاد السمك بكميات كبيرة وفي وقت قصير الآن من اول الفجر حتي اخر النهار ولا اصطاد إلا القليل من السمك كنت عندما اراهم يردمون جزءا من البحيرة كانهم يقتطعون جزءا من لحمي ولحم اولادى، لم يبق لدينا شيء من البحيرة حتي ما تبقي منها لم يعد لنا فهناك من الصيادين من يصطادون السمك الصغير ويستخدمون شباكا ذات ثقوب ضيقة وهذا مخالف للقانون لكن شرطة المسطحات المائية أذن من طين وأخري من عجين؟
اما محمد فتح الله صياد من بورسعيد فيقول ما نصطاده اليوم من بحيرة المنزلة برغم قلته لم يعد كافيا والذي يأمر بردم جزء من البحيرة لإقامة مشروع لا يعرف المعاناة التي نعانيها، نحن الان لا نجد قوت يومنا فلمن نشكو ولمن نذهب..؟
وبالرغم من ان بحيرة المنزلة عقدت من اجلها عشرات المؤتمرات والندوات وتألفت عشرات اللجان ووصل الامر الي استجوابات في مجلس الشعب شهدت تبريرات وتسويقات تقدم بها كالعادة المسئولون من مختلف الجهات الا ان مشاكل البحيرة التي اطلت مع بداية السبعينيات من القرن الماضي مازالت تتفاقم الي ان وصل الحال الان تحت وقع هجوم التتار المستمر والمتواصل بان بحيرة المنزلة تحتضر.
ومن جهتها تطالب مؤسسة اولاد الارض لحقوق الانسان بان يتم فورا وقف جميع التعديات علي بحيرة المنزلة وعدم السماح لاي وزارة او محافظة ايا كانت دواعيها ومبرراتها بردم او تجفيف اي مسطح مائي من البحيرة كما ندعو ايضا بوقف اي مصدر للتلوث يتم صبه في البحيرة مثل الصرف الصحي في محافظات الدقهلية وبورسعيد ودمياط وكذلك وقف ضخ المخلفات الصناعية من الشركات والمصانع المطلة عليها علي تطهير البوغازات والفتحات الخمس التي تربط بين البحيرة والبحر المتوسط لتجديد المياه بشكل مستمر كما ندعو شرطة المسطحات المائية مطاردة جميع الصيادين المخالفين للحفاظ علي الزريعة وضمان نمو الثروة السمكية في البحيرة ونهيب بالسادة المسئولين الاسراع بتطبيق تلك الاجراءات لانقاذ ما يمكن انقاذه من بحيرة المنزلة التي تتعرض حاليا للاغتيال ولا احد يبالى