أن مجلس الوزراء أجاز لسمير مدور بتعبئة المياه المستخرجة من النبع الواقع في العقار الرقم 477 من منطقة يانوح، ولعمر حسن الحاراتي بتعبئة المياه المستخرجة من البئر الواقعة في عين دارة العقار الرقم 4377، لكن رئيس جمعية المستهلك زهير برو يرى أن الترخيص غير قانوني، لأن لا قانون يرعى تعبئة مياه الشرب، مثيراً مخاوف من أن تكون الإجازة حلقة من حلقات الفساد والمحاصصة، لأن لا قانون ينظّم عمل شركات تعبئة مياه الطاولة والشرب، والمرسوم المعتمد الذي على أساسه اتخذ القرار لا ينظّم القطاع من الناحية الفنية، مستغرباً ترخيص عمل الشركتين فيما أكثر من 428 شركة تعمل في هذا المجال من دون الحصول على هذه الرخصة، وبالتالي، فإن المنطق يفرض أحد أمرين: إمّا صدور قانون منظِّم للقطاع يعطي مهلاً قانونية لجميع الشركات لتسوية أوضاعها القانونية، أو عدم إعطاء تراخيص «تفضيلية» لبعض الأشخاص لأسباب مجهولة.
من يقمع مخالفات المياه
لكن وجهة النظر هذه تصطدم بكلام وزير الصحة المستقيل محمد جواد خليفة الذي أكّد استحالة أن يتخذ مجلس الوزراء قراراً يفتقد القانونية، وبالنسبة إلى آلية معالجة مسألة شركات تعبئة المياه غير المرخصة، أشار خليفة إلى أن الموضوع بتصرف النيابة العامة والسلطات البلدية التي من واجبها ضبط المخالفات، مشيراً إلى أن واجب وزارة الصحة العامة هو الإشراف على النشاطات المرخصة، لكنّ برو أشار إلى أن هذا الكلام غير واقعي، لأن وزارة الاقتصاد والتجارة هي من تتعامل مع الشركات غير المرخصة لا النيابة العامة، لكن في اتصال مع رئيس مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد فؤاد فليفل قال إن وزارة الصحة العامة هي التي تتعامل مع كل الحالات ولا دخل لوزارة الاقتصاد والتجارة.
12% ما تؤمّنه الدولة من مياه الشرب
هذا التضارب في الصلاحيات دفع ببرو إلى التساؤل عن الآلية لتأمين مياه الشرب للمقيمين في حال إقفال هذه الشركات، مشيراً إلى أن حاجة لبنان من المياه تفوق 250 مليون متر مكعّب سنوياً، وما تؤمّنه الدولة لا يتعدى 30 مليون ليتر أي ما لا يتعدى 12 في المئة، الأمر الذي يفرض لجوء 80 في المئة من اللبنانيين تقريباً إلى قطاع المياه المكرّرة والمعبأة الذي يفتقر إلى شروط السلامة العامة، ما يفرض تشريع هذه الشركات بسبب عدم قدرة الدولة على تأمين المياه، وهو منطق لا يوافق عليه خليفة الذي يرى أن مياه الشرب والطاولة يجب أن تؤمّنها للمواطن الدولة، وإذا أصبحت هذه الشركات أمراً واقعاً فإن هذا الأمر لا يعني تشريعها، إنما اعتماد آليات بديلة لتأمين المياه وقمع المخالفات.
ويُعدّ كلام خليفة هذا رفضاً لاقتراح القانون المقدّم من جانب جمعية المستهلك منذ سنوات لتنظيم عمل القطاع، الذي يأمل برو أن تقرّه الحكومة التي ستؤلّف، مشيراً إلى أن إقرار القانون سيفرض كسر احتكار الشركات الـ11 المرخصة التي تستخرج المياه المعدنية، لافتاً إلى أن الهدف من عدم اعتماد قانون الترخيص هو الإبقاء على احتكار هذه الشركات وتمرير قوننة بعض شركات التعبئة ضمن إطار منطق المحاصصة، مشكّكاً في فعّاليّة مراقبة الدولة في كلتا الحالتين، وفي كلام المسؤولين عن المراقبة في ظل الوضع الحالي من انحلال وتراجع لسلطة الدولة.
مراقبة مواصفات المياه
وبخصوص استيفاء المياه المعدنية والمعبّئة في لبنان للشروط الصحية والمواصفات اللبنانية، وخصوصاً بعد الفرقعة الإعلامية التي أثارتها بعض وسائل الإعلام خلال الفترة الماضية عن مياه مصدّرة إلى قبرص احتوت موادّ جرثومية وجرى إتلافها، قال خليفة إنه تابع الملف شخصياً، مشيراً إلى أن العيّنات فحصتها مصلحة الهندسة الصحية في وزارة الصحة، وثبت خلوّها من الجراثيم، مشيراً إلى أن المياه خرجت من لبنان وهي خالية من أي شائبة، إنما طريقة التخزين والشحن والحرارة أدّت إلى تلوّثها، وهو أمر وارد في التقرير القبرصي، لافتاً إلى أن وزارة الصحة تفحص عينات من ثلاثة مصادر هي النبع والمياه المعبّئة في المصنع وعينات تؤخذ من السوق، وتثبت غالبية الفحوص أن نتيجتها سلبية، أي أن لا ملوّثات في المياه، مشيراً إلى أن الشركات تقدّم سنوياً 3 تحاليل أخرى معدّة في مختبرات معتمدة للإبقاء على رخصهم.