– 40% خسارة تجار الذهب فى مصر بسبب الإرتفاع العالمى
– خروج بعض التجار عن السوق خوفاً من تقلبات البورصات
– ازدهار سوق الفضة والذهب الصينى ؛ للتغلب على جنون الأسعار
– التنازل عن الشبكة فى اتفاق “الخطوبة”، والبنات ” هنعمل إيه”
تسبب الإرتفاع الجنونى فى أسعار الذهب الخام ببورصات زيورخ ولندن ونيويورك فى زيادة أسعار المشغولات الذهبية بالأسواق المصرية، مما أدَّى إلى انخفاض مبيعات التجار بنسبة 40% خلال الأيام القليلة الماضية، وهو الأمر الذى يمثل خسارةً كبيرةً يتحملها أصحاب المحلات فى الفترة الحالية .
وتوقع عبد الله عبد القادر رئيس شعبة المشغولات الذهبية بغرفة القاهرة التجارية إستمرار الارتفاع الجنونى فى أسعار المشغولات الذهبية خلال الفترة المقبلة ، وعزوف المستثمرين عن الاستثمار فى قطاع العقارات، وتحويل هذا الاستثمار إلى قطاع الذهب بإعتباره ملاذاً آمناً للاستثمار فى الوقت الراهن؛ مما يؤدى إلى زيادة الطلب عليه من جانب المستثمرين فى البورصات العالمية.
وأضاف أن السوق المصرى تأثر بشكل كبير بالإرتفاعات المتوالية لخام الذهب فى الأسواق العالمية؛ حيث إعتمد على الاستيراد من الخارج فى هذا القطاع، مطالباً بالإسراع باستخراج الذهب المصرى وطرحه بالسوق المحلى ؛ لحمايته من التقلبات العالمية، والتى تؤثر على ربحية التاجر وليس أصوله من الخامات.
وأوضح شريف السرجاني نائب رئيس الشعبة العامة للمصوغات الذهبية بإتحاد الغرف التجارية أن مبيعات تجار الذهب فى مصر انخفضت بنسبة 40% خلال الفترة الأخيرة جراء الارتفاع الجنونى فى أسعار الخامات والمشغولات الذهبية، مشيراً إلى أن التاجر هو الخاسر الأكبر من عدم استقرار الأسعار، ففى حالة الإرتفاع يمتنع المواطنون عن الشراء لضعف قدرتهم الشرائية، وكذلك عند انخفاض الأسعار انتظاراً لمزيد من الهبوط .
ويؤكد السرجاني خروج بعض التجار من السوق وتحولهم لأنشطة أخرى، بسبب تآكل هوامش أرباحهم، والتخوف من تكبد مزيد من الخسائر نتيجة التقلبات التى تسيطر على أسواق الذهب العالمية فى ظل الأحداث السياسية الساخنة فى منطقة الشرق الأوسط ، وانخفاض سعر الدولار، والاتجاه الصعودى للبترول، مؤكداً أنه لا توجد ضرورة ملحة لتوقف نشاط هؤلاء التجار لعدم تأثر أصولهم من خامات الذهب.
وأشار إلى أن هناك إقبالاً متزايداً على شراء المعدن النفيس من جانب حكومات بعض الدول؛ لتخزينه كقيمة مضافة فى مواجهة الأزمات المالية. موضحاً أن أزمة دبى كانت من الأسباب الرئيسة لزيادة أسعار الذهب؛ حيث تجاوزت سعر الأوقية 1220 دولاراً، ومن المتوقع أن تصل إلى 1500 دولار خلال الشهرين المقبلين، وتجاوز سعر الجرام عيار 21 حاجز الـ 186 جنيهاً والـ24 حوالى 212 جنيهاً ومن المنتظر أن يصل الأول إلى 200 جنيه، والثانى 255 جنيهاً .
فى الوقت ذاته لجأ عدد كبير من المستثمرين إلى بيع الذهب من أجل اغتنام فرص جنى الأرباح بعد صعود الأسعار إلى مستويات قياسية، ولم يكن هذا الوضع هو حال المستثمرين فحسب، بل كان حال عديد من الأسر المصرية التى عمدت إلى بيع مجوهراتها وبعض قطع الذهب لديها ؛ لكى تستفيد من الفرق من ارتفاع سعر الذهب.
والسؤال الذى يطرح نفسه ، كيف يواجه التجار الأزمة ؟! وهل ارتفاع سعر الذهب عاد بالنفع على تجار الفضة والذهب الصينى الذى انتشر مؤخراً ؟
( الرأى الحر ) تجيب على هذه التساؤلات من خلال جولة ميدانية قام بها في سوق الذهب، فإلى التفاصيل:
التجار يستغيثون
بدأت جولتنا مع أحد محلات المجوهرات بالزيتون، والذى أكد صاحبه أن هناك أزمة حقيقية فى الذهب ، وأن المحل أصبح الآن يعتمد على الاستبدال؛ حيث يتجه المستهلكون إلى استبدال قطع ذهبية لديهم بجديدة مع دفع فرق السعر.
وقال: إن هناك حالةً كبيرةً من الركود لم تمر بها الأسواق من قبل، مشيراً إلى أن موسم العيد مثلاً كان يمثل لهم فرصة لتنشيط حركة البيع؛ حيث تكثر حفلات الخطوبة والزفاف، إلا أن ذلك لم يحدث هذا العام بسبب الارتفاع الجنونى للذهب، وإحجام عدد كبير من المقبلين على الزواج من شراء “الشبكة” التى كان يتباهى بها البعض من قبل.
ألبير تاجر ذهب شاهدناه يحاول أن يسترضى زبائن لديه بالمحل بأى شكل من الأشكال؛ لدرجة بلغت أنه قال لهم : ” اشتروا وادفعوا جزءءاً من المبلغ، وبقية المبلغ كمان أسبوع أو اتنين”.
وعندما سألناه عن حال السوق قال: إن الزبائن تأخذ وقتاً كبيراً فى الفُرجة، وعندما يسألون عن الأسعار يتركون المحل وينصرفون دون نقاش ويتركون ما قاموا بإختياره من المشغولات الذهبية.
وأكد التاجر أن المواطنين فى ظل الإرتفاع غير المسبوق لأسعار الذهب بدؤوا يتجهون إلى شراء الفضة والذهب الصينى .
الحاج صبحى صاحب أحد محلات الذهب بوسط البلد حينما سألناه عن أزمة ارتفاع أسعار الذهب وكيف يتعامل معها أجاب: “هو إحنا زى الكبار والجبابرة اللى فى البلد ، اللى الحكومة مريحاهم ومش حاسين بالمصيبة اللى فيها الصغيّرين اللى زيّنا ، إحنا حالنا سيئ للغاية، والناس كلها تدخل لكى تبيع، ومفيش شراء، ومش عارفين منين يأكل ولادنا لما نروّح لهم من غير فلوس”.
أمير تاجر ذهب بالمطرية، لم يختلف كثيراً عن سابقيه؛ حيث أكد لنا أن سوق الذهب يحتاج لتنظيم خاص فى ظل انتشار السوق السوداء والذهب الصينى بالأسواق .
وأشارأمير إلى أن الأزمة المالية العالمية سببت لهم خسائر كبيرة وحركة ركود .
الفضة والصينى
انتقلنا إلى تجار الذهب الصينى والفضة؛ لمعرفة أحوال السوق معهم فى ارتفاع سعر الذهب، وتسجيله أعلى المعدلات.
سمير صاحب محل فضيات أكد لنا أن سعر جرام الفضة بلغ 15 جنيهاً، وشهدت الفضيّات حركة بيع وحراكاً خلال الفترة الماضية، وحينما سألناه هل هناك إقبال من الفتيات على شراء الفضة؟ أوضح سمير أن هناك تشكيلات من الفضة تشبه الذهب بالضبط؛ مما يدفع كثير من الزبائن للشراء مقارنةً بأسعار الذهب المرتفعة للغاية.
علاء صاحب فاترينة للذهب الصينى قال: إن الذهب الصينى يباع بالقطعة، علاوةً على أنه من الممكن بـ200 جنيه شراء شبكة كاملة من دبلة وخاتم وأساور، موضحاً أن هناك عرائس تذهب له وتطلب منه شبكة كاملة لكى ترتديها فى حفلة خطوبتها فى ظل عدم استطاعة العريس شراء الذهب.
المثير خلال مشاهدتنا وجولتنا الميدانية لمحلات الذهب الصينى أن فاترينات الذهب الصينى انتشرت بشكل كبير غير معتاد؛ لدرجة أن المحلات غير المتخصصة فى بيعها أو فى بيع الإكسسوارات تعرض فاترينات له، وهو ما شاهدناه مع أحد محلات البقالة الذى قال لنا إنه لجأ إلى شراء كمية من الذهب الصينى فى أزمة ارتفاع أسعار الذهب وعدم قدرة المواطنين على الشراء.
التنازل عن الشبكة
ولم يكن المواطنون أحسن حالاً من التجار؛ حيث تؤكد مروة وجدى (مترجمة) أنها تنازلت عن أى شبكة أو مقتنيات ذهبية؛ لكى ترتبط بخطيبها، مشيرةً إلى أن الشباب هم المظلمون فى ظل تلك أزمة ارتفاع أسعار الذهب.
أما نوران (تمهيدى ماجستير) فأكدت لنا أنها اتجهت لبيع عدد من المقتنيات والمشغولات الذهبية بمحرد أن عرفت ارتفاع أسعار الذهب، ووصول عيار 21 لأكثر من 188 جنيه، مبرره أنها كانت بحاجة لمبلغ مادى كبير، وارتفاع سعر الذهب جاء لصالحها.
خيَّم الصمت والهدوء على أسرة كاملة داخل محل ذهب؛ حينما أدركوا أن ارتفاع أسعار الذهب لن يمكنهم سوى شراء دبلة الخطوبة فقط؛ هبة العروسة أكدت لنا أنها موافقة، وليس هناك أدنى مشكلة، معربةً عن أنها راضية؛ لأن أزمة أسعار الذهب وارتفاعه دائماً موجودة، وكان من نصيبهم أنها ارتفعت للغاية خلال تلك الأيام.
خسائر بالجملة
وعن الخسائر المتوقعة للموردين والتجار بسبب ارتفاع سعر الذهب، قال أحمد المواردي رئيس مجلس إدارة موردى الذهب: إنه من الصعب تحديد أى توقعات للخسائر خلال الفترة الحالية؛ خاصةً أن الأزمة لا تزال مستمرة ومتصاعدة بما يبشر بتوقعات متزايدة فى الخسائر.
وتابع المواردي: إن سعر الذهب مرتبط بسعر الدولار وبرميل النفط، فكلما هبط سعر الدولار صعد ارتفاع سعر الذهب والعكس، مستطرداً أنه إذا اشتعل برميل نفط بالسعودية ترتفع حينها أسعار الذهب .