أصاب السلمي…أخطأ السلمي!
بقلم : ميمد شعلان
أصاب السلمي…حينما خرج علينا بقرار إصدار (قانون إفساد الحياة السياسية) بديلا غاليا عن (قانون الغدر) والذي سيطبق على جميع القيادات والأحزاب السياسية وموظفي الدولة ممن سيثبت تورطهم في إفساد الحياة السياسية والمزايدة في مبتغياتها وذلك وفقا للإجراءات القانونية من حيث تحقيقات النيابة والإحالة إلى محكمة الجنايات. وقد أبدينا أملنا في تحقيق أول طريق للتغيير الجذري بتفعيل دورة هذا القانون حتي يفتح المجال لرأب الصدع المتفشي بينا ونحن علي أعتاب مرحلة هامة في تاريخ البلاد…أقصد بها إقصاء فلول النظام الفائت من زمنه الذين هم كالجراد يحوم علي رحيق الغلال فينخر في عضدها.
أخطأ السلمي…بعدما دعا لإجتماع اليوم مع رؤساء الأحزاب والقوي السياسية، وذلك لمناقشة الإتفاق علي المبادئ الأساسية لدستور الدولة…أخطأ السلمي حينا أخذته حميته في التلفظ بهذا القرار الذي من شأنه سيلقي بنفسه أمام ساحات من القضاء الشعبي! أخطأ السلمي حينما أخذه دوافع البعض من الذين يتسترون وراء مسرح العمليات للتفاوض بإسم الشعب عن خلاصه، ونسي حظا برفضنا- الكاسح- محاولة لإغتيال إرادة وإختيار الشعب!
فذلك مخالف للقانون وذاك معاقب للدستور…فضلا عن المخاوف التي تنتج من هذا التصرف إلزام اللجنة المنتخبة من مجلس الشعب والشورى لصياغة الدستور بهذه المبادئ. أضف لذلك بعدم الترحيب بها لا من قريب أو من بعيد كشكل سيحظي بشرعية تحميها لأن الشعب لم ولن يُستفتى عليها! والغريب أننا نسعى إلى تقليد تجربة (العلمانية الأتاتوركية) بمبادئ يضمنها عندهم السلاح العسكري المتمثل في قوي الجيش، ومن ثم تعرضت (تركيا الحديثة) لتاريخ طويل من غياب الإستقرار السياسي والإقتصادي، بل ووصلت إلي مرحلة إنتشرت فيها منظومة من الفساد الأخلاقي والإداري المهني خلاف الفساد الفكري وسلبية البعض بصورة يرثي لها الجبين. ولولا مرحلة حكم (أردوغان) وحزبه- العدالة والتنمية- لظلت تركيا قابعة متذيلة دول العالم الثالث البائد الهالك، لكن مازالت تلك المبادئ العلمانية فوق الدستورية سيفا بتارا للرقاب، يسعى أردوغان إلى التخلص منها بوضع دستور جديد شامل كامل لمشروع قومي كبير يعرف بإسم (الشرعية الدستورية الشعبية) المعبرة عن قيم وحقوق الأفراد في مجتمعاتها.
فنحن لا نعرف ضمانة لتلك المبادئ التي يحاولون وضعها في مصر سوى الجيش، وبالتالي إدخاله في العمل السياسي وتكرار نفس لغط الحقبة القديمة من عصرها إبان خمسينيات وستينيات الزمن المنصرم حيث الإشتغال والإنشغال بالألاعيب في ميدان العمل السياسي، فيكون- الجيش- حارسا على مبادئ وضعتها قوى سياسية بمعزل عن إرادة الشعب، ومنها إعطائه ومجلسه العسكري- المبجل- طوق من الوهم والهيمنة الفعلية يعلو بها فوق السلطات التنفيذية والتشريعية حتي يعلن عن تدخله بمجرد خروج تشريعات وقوانين لا تتوافق مع تلك المبادئ.
الشاهد لدينا…بأن المبادئ الدستورية تلك لها من توابعها وتداعياتها ماينزع حقا أصيلا للشعب في النظم الديمقراطية وهو أنه مصدر السلطات، وتجعل الحكومة المنتخبة والرئيس المنتخب في مرتبة أقل من الضامن لتلك المبادئ أو بمعني أشد قسوة تجعل منهم مسخا لا يثور ولا يجول أو حتي يتحرك ساكنا إلا برهن أشارة المشير ورفاقه من العسكر. فالدستور الذي ستضعه اللجنة التأسيسية بمثابة تفسير وشرح لها ليس إلا! كون تلك المباديء الدستورية هي في الأساس مواد تشكل دستورا خاصا بها إذا تم إعتمادها وإرساء هيكلتها حتي تكون (القشة التي قسمت ظهر البعير) فتأخذ معها آمال وأحلام الملايين ممن رسموا (الحرية والكرامة والعدالة) نبراسا ومنهجا يهتدون به. فدعونا نخرج جميعا الجمعة القادمة (جمعة رفض الوثيقة)…دعونا نخرج جميعا إخوان سلفيين…ليبروقبطيين رافضين…رافضين وثيقة السلمي…رافضين سلب حقك وحقي…ثائرين بواقع ثوري…ثائرين بشكل سلمي…هتافنا واحد (الشعب يريد…!). دمتم في رعايته.