بقلم : شاهرنورالدين
إن ما تقدم عليه إسرائيل من مذابح ومجازر ليس بحق الفلسطينيين فحسب , وإنما ضد الأمة العربية , فمذابح إسرائيل في بحر البقر وقانا وغيرها تثبت بما لا يقبل مجالاً للشك , أن إسرائيل لا تستهدف الشعب الفلسطينى فقط , وإنما الأمة العربية الواحدة بكل شعوبها من المحيط إلى الخليج ، فعلى امتداد ما يقارب المئة عام , ونحن نشهد المذابح الصهيونية والمجازر في دير ياسين وغيرها وعشرات المذابح الأخرى غيرهما من أجل إجبار الفلسطينيين على الرحيل من مدنهم وقراهم وأراضيهم , وبعد قيامها عمقت اسرائيل من ارتكاب هذه المجازر فى فلسطين وفى بعض الدول العربية الأخرى , وكانت تقوم بعمليات اغتيال للقادة الفلسطينيين فى عمق الدول العربية , تماماً مثلما قتلت أسرى الحرب المصريين فى سيناء عام 1967, وهى تقوم بضرب مواقع عديدة فى الدول العربية غير عابئة لا بالفلسطينيين ولا بالعرب ولا بالأنظمة العربية , ولا بميثاق الأمم المتحدة ولا باتفاقيات جنيف ولا بالقانون الدولى ولا بقرارات محكمة العدل الدولية ولا بشرائع حقوق الإنسان ولا بالمجتمع الدولي ولا بالشرعية الدولية .. هذه هى إسرائيل التى اقترفت محرقتها فى مخيم جنين , وكررت مجزرتها في قانا عام 2006, وضربت العمق السورى فى هذا العام , وتقوم الآن بمحرقتها فى غزة, وتصريحات قادتها تشى باستمرار عملية ( الرصاص المسكوب) لأيام طويلة ولأسابيع عديدة كما صرح بذلك رئيس وزراء الكيان الصهيونى : ايهود اولمرت , فإسرائيل غير عابئة بتوتر علاقتها مع الدول العربية , ومع الدول التى وقعت معها اتفاقيات ما يسمى ب ( السلام ) فقد صرح ناطقون إسرائيليون رسميون : آفى حاي درعى باسم الجيش الإسرائيلي, وليئور بن دور باسم السفارة الإسرائيلية فى لندن, وعوفير جندلمان باسم الخارجية الإسرائيلية بما ينص على ( إن الإسرائليين وبعد أن بدأت العملية العسكرية فى غزة لا يهتمون سوى بمصلحة البلدان الإسرائيلية القريبة من غزة, ولا أهمية لما يقال فى وسائل الإعلام عن توتر فى علاقات تل أبيب مع هذه العاصمة العربية أو تلك) , أى باختصار فإن إسرائيل تتعامل بإحتقار شديد ليس مع العرب فقط , وإنما مع كافة الدول العربية بما فيها تلك التى لها علاقات دبلوماسية وغير دبلوماسية معها !
وإذا كان من الصعب فى زمن الردة هذا تعد الجيوش وتعد المدافع والغواصات والصواريخ والطائرات والدبابات , لمقاتلة العدو الصهيونى ولرفع الضيم والظلم عن نساء وأطفال وشيوخ الفلسطينيين في غزة , أسوة بالمعتصم , الذي تنادى لصرخة(وامعتصماه) من امرأةٍ عربية مظلومة فى عمورية, فقام بمقاتلة أعدائه فيها, ورفع الظلم عن هذه المرأة .. فلا أقل من إسماع الصوت لأولى الأمر عن الرفض الشعبى الجماهيرى العربى للمجازر التى تقترفها إسرائيل بحق الفلسطينيين فى غزة, لكنهم ومهما فعلوا لن يكسروا إرادة شعبنا.
لقد حاول الزعماء الإسرائيليون ( ومن قبلهم العصابات الإرهابية الصهيونية) بدءاً من بن جوريون مروراً بليفى أشكول وجولدامائير وصولاً إلى نتنياهو وباراك وبيريز وشارون واولمرت , حاولوا كسر إرادة شعبنا لكنهم فشلوا, لقد حاولوا وخابوا. وما قبل الصهيونية , حاول غزاة كثيرون تطويع إرادة الفلسطينيين , ارتكبوا مجازر كثيرة بحق الشعب الفلسطينى , لكنهم طردوا من أرضنا ومن شواطئنا , كانت الأرض الفلسطينية جحيماً عليهم , حاول الصليبيون غزونا, فانكسروا وخابت آمالهم وحوصروا في قدسنا. جاء الفرنسيون بقيادة نابليون لكن أسوار عكا الجزار بقيت صامدة أمامهم وارتدوا خائبين , جاءت الصهيونية ومن بعدها وليدتها إسرائيل لترتكب المجازر والمحارق , واحدةً بعد الأخرى بحق شعبنا , حتى باتت المجازر والمعاناة جزءاً من تاريخ المنطقة , ونسوا أن إرادة شعب فلسطين لم تطوَع , وبقى الفلسطينيون صامدين مثل أشجار زيتوننا ومنارتنا البحرية وورودنا وقمحنا.
ومثلما ارتد أولئك الغازون خائبين .. سيرتد هؤلاء طال الزمن أم قصر, وقدر الفلسطينى أن يحاصر حصاره .. وينتصر.