ما أن وصلوا إلى ميناء الأتكة بالسويس في 23 أغسطس / آب ، إلا وكشف الصيادون المصريون العائدون من الصومال الكثير من الأسرار حول محنة اختطافهم لمدة تجاوزت الأربعة أشهر على يد قراصنة الصومال .
وفي البداية ، نفى الصيادون جملة وتفصيلا دفع أية مبالغ لتحريرهم ، كما نفوا مشاركة جهات أمنية مصرية في إنهاء أزمتهم ، وأخيرا ، نفى الصيادون المصريون العائدون من الصومال أي دور للحاج حسن خليل صاحب مركب “ممتاز” في عملية التحرير من يد القراصنة.
وكانت تقارير صحفية ذكرت في وقت سابق أن السلطات الأمنية المصرية أعدت خطة لتحرير مركبي الصيد “أحمد سمارة” و”ممتاز1 ” ، ووفقا للخطة توجه حسن خليل صاحب مركب “ممتاز” إلي بونت لاند وأجري مشاورات مع مواطن يمني عمل سكرتيرا للرئيس الصومالي السابق عبد الله يوسف وأجري المواطن اليمني بدوره اتصالات مع زعماء العشائر الصومالية في منطقة احتجاز المركبين بهدف مجاراة القراصنة بعد التأكد من سلامة الصيادين والمركبين .
كما اتفق حسن خليل ومعاونه اليمني مع قيادات تنظيمين مسلحين من مناوئي القراصنة علي خطة لمهاجمة المركبين وتحرير الصيادين وبالفعل أبلغ الصيادون بساعة الصفر للهجوم فعمدوا إلي مناوشة القراصنة بهدف إبعاد أنظارهم عن زوارق المهاجمين.
الصيادون نفوا بشدة صحة التقارير السابقة وكشف أحد الصيادين وهو الحسيني عبد الجليل صبيح في تصريحات لصحيفة “المصري اليوم” عن حقيقة ما حدث ، قائلا : ” إننا فوجئنا بصعود حسن خليل علي ظهر المركبة في حراسة مشددة للاطمئنان علي ولداه أحمد ومحمد بعد عملية الاشتباك التي تمت بينهما وبقية الصيادين الـ16 بعد توجيه اتهام لوالدهما بالتقاعس في دفع الفدية وتحريرهم، وظل علي المركب لمدة دقائق معدودة، قال خلالها إنني عملت كل ما في وسعي من محاولات لكنهم مصممين علي دفع فدية 600 ألف دولار، ولم يكن معي سوي 120 ألف دولار، وكان ذلك في صباح 14 أغسطس ، شعرنا بعدها أنه لا أمل في العودة لأسرنا بعد اليوم”.
وأضاف صبيح قائلا : “القراصنة كانوا يسيطرون علي الجزء الأعلى من المركب بالأسلحة ونحن داخل المركب، فوضعنا خطة للهجوم عليهم وأبلغنا زملائنا علي المركب (أحمد سمارة) بالخطة وبالتوقيت الساعة الثالثة، وهي وقت هدوء بالنسبة لهم، وأثناء قيامي مع بعض زملائي بتقديم وجبة الغذاء لهم، كان جميع البحارة في استعداد تام، وبعد دقائق تحول المركبان إلي ساحة معركة تجمع كل ثلاثة منا علي واحد وخلال ربع ساعة تم السيطرة علي الأسلحة، وقفز منهم واحد وبقي 5 قراصنة علي (ممتاز 1) وثلاثة علي (أحمد سمارة) وقمنا بفك الشيمة المقيدة للمركبين وإزاحة ما أمامها واتجهنا تجاه سواحل اليمن وكنا نتناوب الحراسة عليهم كل أربع ساعات، وفي الطريق أبدى القراصنة الـ8 أسفهم عما قاموا به، لكننا تعاملنا معهم بكل احترام وطمئناهم بأن مصر بلد الأمن والأمان، وقبل الوصول إلي ميناء السويس بنصف ساعة توجه إلينا 2 مركبة تابعة للمخابرات العامة المصرية وتسلموا الرهائن والأسلحة”.
وفي السياق ذاته ، كشف صياد آخر ويدعى محمد طلبة الهديبي عن “المعاناة” التي كانوا يعيشون فيها طوال فترة احتجازهم كرهائن ، قائلا :” القراصنة كانوا يريدوننا أن نموت جوعاً، وكانوا يعطوننا أرزاً متعفناً لنأكله، ولم نتمكن من الاستحمام طيلة هذه الشهور”.
بطولة واحتفالات
استقبال حافل للصيادين العائدين
وكان الصيادون المصريون تمكنوا من الفرار من خاطفيهم القراصنة الصوماليين وقتلوا بعضهم وأسروا 8 منهم فى 14 أغسطس/آب بعد فترة احتجاز بالسواحل الصومالية امتدت لأكثر من أربعة أشهر .
وجرى اختطاف الصيادين المصريين قبالة السواحل الصومالية في 31 إبريل/ نيسان 2009، وكانوا على متن مركبي الصيد “أحمد سمارة” ويحمل 16 صياداً، و”ممتاز 1″ ويحمل 18 صياداً.
ونقل التليفزيون المصري في 23 أغسطس صورا حية للاستقبال الحافل الذي حظى به البحارة الأربعة والثلاثون لدى رسو مركبهم “ممتاز” في ميناء الأتكة بالقرب من مدينة السويس على البحر الأحمر.
وكان في استقبال الصيادين الذين لقوا استقبال الأبطال حشد من الأهل والأقارب المبتهجين الذين تجمعوا على أرصفة الميناء ، وأخذوا يطلقون الزغاريد احتفالا بوصولهم ، كما عزفت الموسيقي احتفالا بعودتهم وكان عدد من المسئولين في استقبالهم كذلك.
وعلقت لافتة كبيرة كتب عليها “اهلا بأبناء مصر الابطال” ، وقال شيخ الصيادين في السويس بكري أبو الحسن :”إنها قصة بطولة مصرية”.
وصرح الدكتور فتحي البرادعي محافظ دمياط بأنه تم توفير الرعاية الكاملة لأسر الصيادين خلال فترة احتجازهم فى الصومال ، وأنه سوف تستمر هذه الرعاية على الأقل حتى نهاية هذا العام حتى تستقر أوضاعهم ويعودوا لأعمالهم بشكل طبيعى.
ومن جانبه ، أعرب محافظ السويس اللواء محمد سيف الدين جلال عن سعادته الغامرة لاستقبال الصيادين الأبطال العائدين من الصومال فى شهر رمضان المبارك وذلك بعد أن تمكنوا من تحرير أنفسهم من أيدى القراصنة قبالة السواحل الصومالية ، مؤكدا أن مصر لا تنسى أبناءها إطلاقا ولا تقبل المزايدة على هذا الموضوع.
وفي السياق ذاته ، ذكر محافظ دمياط أن هدية الرئيس المصري حسنى مبارك للصيادين المحررين هى ميناء للصيد فى عزبة البرج وهو يعد مشروعا ضخما له عائد اقتصادى كبير لكل العاملين فى مجال الصيد ، وأكد أن الميناء لن يكون مجرد مكان لرسو سفن الصيد ولكنه سيصبح مجمعا صناعيا وتجاريا ضخما وسيحقق مستوى اقتصادي جيد لهؤلاء الأبطال وجميع الصيادين ، مشيرا إلى أنه تمت الانتهاء من إجراءات إنشاء الميناء وسوف يتم الإعلان عن تفاصيله خلال الأيام القادمة.
يذكر أن معظم الصيادين العائدين من الصومال من أبناء عزبة البرج شمال مدينة دمياط ، وكانوا رفضوا عرضاً قدمته لهم الحكومة المصرية بإعادتهم جواً على متن طائرة تابعة لشركة “مصر للطيران” وأصروا على العودة إلى مصر بالقاربين اللذين نجحوا أيضاً في تحريرهما.