تحقيق : محمد سرور
تجارة الأعضاء البشرية في مصر مابين البايع والشاري يفتح الله! 1. لمصر الريادة حتى في تجارة الأعضاء!! 2. بين الكنيسة والأزهر، نقاش دين أم طب أم قانون؟! 3. من المستفيد من القانون؟البائع أم المشتري؟!! 4. وجهات نظر مختلفة، وقانون واحد!! ظاهرة؟ أم جريمة؟ أم مجرد نقل؟ من الموضوعات التى فرضت نفسها على المجتمع هو موضوع نقل الأعضاء البشرية، خاصة بعد أن أصبحت تجارة الأعضاء ظاهرة واضحة عجز المجتمع بكل فئاته المختلفة عن التصدي لها لأنها مشكلة أخلاقية أكثر من كونها إجرامية وتجارة الأعضاء “بزنس” سريع وغير شاق وأصبح لهذا المجال سماسرة محترفون فى اختيار ضحاياهم من فقراء المجتمع ويقنع السمسار ضحيته بأقل ثمن لنقل أى جزء من جسده لأحد الأغنياء ويحصل من هذه العملية على أموال طائلة دون عناء وبذلك يتحول الفقراء إلى قطع غيار للأغنياء وعلى الجانب الأخر نجد بعض الأطباء يكونون عصابة للعمل فى هذا النشاط المحرم، متجاهلين شرف المهنة وقسمها. وأصبح المجتمع فى حاجة لقانون يقلل من هذه الظاهرة التى تفشت فيه وإنقاذ الضحايا الأبرياء من أيدي السماسرة والأطباء وغيرهم ممن يحترفون المهنة. لذلك وجدنا قانون نقل الأعضاء يفرض نفسه كموضوع يستحق النقاش بمجلس الشعب ليمر بمرحلة زمنية معينة ويدخل في حيز التنفيذ. دراما سينمائية أم حقيقة واقعة؟! أم الاثنان؟ وبين هذا القانون وما يدور على أرض الواقع نجد الواقع الأليم يلعب دوره مع سيدة تدعى (وردة) والتى ذكرت وكأنها تسرد أحداث فيلم عربي ما فعله بها زوجها الذى أقنعها اقناعاً تاماً بأنها موجودة في مستشفى خاص في مصر الجديدة، بعد أن افاقت من غيبوبة لتعرضها لحادث، ولم يكن ذلك صحيحاً، وإنما قد تم تخديرها من قبل زوجها أثناء زيارتهما لأحد الأقارب وتم نقلها إلى المستشفى وهي فاقدة الوعي، وتم بيع كليتها عن طريق زوجها دون أن تعلم هي شيئاً عن الموضوع، وإكتشفت بالصدفة أثناء عملها لبعض التحاليل أنها فقدت كليتها. وبالتدريج إكتشفت خدعة زوجها ووجدت نفسها مضطرة لمقاضاة زوجها بتهمة سرقة كليتها وبيعها بمبلغ 2700 دولار وهذه القصة برغم واقعيتها إلا أن البعض يظنها ضرباً من الخيال لصعوبة تصديق أنه يمكن لزوج أن يصل جشعه وطمعه وحبه للمال إلى هذه الدرجة، دون الإلتفات ومراعاة العامل الإنساني. أما ما حدث لـ”سيد محمود أبو ضيف” كان أكثر درامية فهو في بداية حياته كان في حاجة لأموال كثيرة تمكنه من إعالة أسرة، ولأن مهنته لن تمكنه من ذلك فهو قهوجي فكر في السفر للخارج وتعرف بالصدفة على أحد الأشخاص يدعى جمال عبد الناصر وعلم منه بأنه يرغب في السفر للخارج فعرض عليه المساعدة وبالفعل وافق سيد على عرض المساعدة وطلب منه إجراء بعض الفحوصات حتى يتمكن من السفر وعلى الفور ذهب معه لعمل بعض التحاليل الطبية وتوجها بعدها بصحبة أحد الأطباء إلى مستشفى ابن سيناء بالمهندسين ولم يشعر بنفسه إلا بعد مرور عدة ساعات وإكتشف سرقة كليته بعدها فتوجه إلى جمال فأعطاه خمسة ألاف جنيه وقال له”إحمد ربنا إنك كويس”. ونفس الواقعة حدثت مع علاء موسى الذي دخل مستشفى دار الشفاء بحلوان لعمل فحوصات طبية وسرقت أجزاء من جسده وعندما إكتشف السرقة بدأ يصرخ في المستشفى فقاموا بإلقائه خارجها ولم يكن قد تجاوز مرحلة ال رامي قصته مختلفة، حيث باع كليته بناء على إتفاق مع أحد السماسرة مقابل الحصول على عشرة ألاف جنيه ودفع ثمن التحاليل الخاصة بالعملية من المبلغ الذى حصل عليه من السمسار وبعد العملية عرض عليه السمسار شراء أجزاء أخرى من جسده مقابل مبلغ أعلى ولكنه رفض خوفاً على صحته وطلب منه جلب أصدقائه لشراء أجزاء منهم مثل فص من الرئة بمبلغ 20 ألف جنيه وقرنية العين ب 15 ألف جنيه ولكنه إكتشف فى النهاية أن المبلغ الذى حصل عليه من السمسار كان أموال مزورة فرفض توريط أصدقائه مع هذا النصاب. وفى إحدى المستشفيات الخاصة دخل شاب يبلغ 28 عاماً من العمر للتبرع بالدم لمريضة فى إحتياج لفصيلة دم نادرة فطلب منه الطبيب التوقيع على موافقته بالتبرع وبدأ يأخذ عينة منه لتحليلها وأثناء ذلك قام بتخديره وبعد عشر ساعات أفاق الشاب وشعر بألم شديد فى جنبه وكشف ملابسه ووجد جرح ناتج عن عملية جراحية، وإكتشف السرقة فأخبره الطبيب أن كل الإجراءات قانونية ولم يتمكن هذا الشاب من عمل أي إجراء. وليست الحالات الواردة أعلاه هي كل المشكلة، فهناك مئات بل آلاف الحالات المشابهة التي يعج بها سوق تجارة الأعضاء البشرية الذي يزدهر في مصر ، والذي وصلت بعض منازعاته إلى القضاء، وبلغت واقعية هذه الأحداث أنها أصبحت متناقل حديث الشارع المصري، حتى جسدته السينما المصرية في فيلم بعنوان \” إلحقونا\” بطولة الفنان نور الشريف، وكان ذلك دليلاً على تفشي الحالة في المجتمع ولن تتوقف السينما عند هذا الحد وإنما تبحث عن كل ما هو غريب وما هو محتمل أملاًًًً فى الحفاظ على أفراد المجتمع ودائماً السينما هى مرآة المجتمع. واختلفت طرق الجريمة للحصول على الأعضاء سواء كانت من الأحياء أو الموتى وتحول عدد كبير من المجتمع الى عناصر اجرامية يجب التصدى لها وتحولت بعض المستشفيات الخاصة لتركيز نشاطها الخفي على هذه التجارة لذلك لم تجد الدولة غير محاولة تقنين هذه الجريمة والحفاظ على الأغنياء والفقراء أيضا فى نفس الوقت. ولكنها وقعت فى حيرة للمرة الثانية وهي التعارض فى وجهات النظر الخاصة بقانون نقل الأعضاء بالاضافة الى رفض بعض المواد التى يتضمنها القانون، وبين رجال الدين والنصوص الشرعية التى تحرم والاجتهادات التى تحاول الحفاظ على الانسان وتحافظ على ترابط المجتمع بما يتفق مع أصول العقائد الدينية المختلفة ومنظمات حقوق الانسان التى اعتبرت أن هذا القانون يفتح الباب لتجارة الاعضاء ولكن بشكل رسمي. والجانب الثالث كان انقسام الآراء داخل المجتمع ذاته فالبعض اما يعارض بشدة أو يوافق بشرط أن يكون المقابل مجدي للغاية. كلمة القانون وقانون نقل الأعضاء البشرية ينظم اجراء عمليات نقل وزراعة الأعضاء البشرية في مادته الأولى، كما نص على إنشاء هيئة قومية يصدر بتشكيلها قرار من وزير الصحة في المادة الثالثة من القانون، وتتولى هذه الهيئة إدارة وتنظيم عمليات نقل الأعضاء والأنسجة، والقيام بتصنيف الأعضاء والأنسجة المتبرع بها وتسجيل راغبي زرعها وفقا لنوع الأنسجة والفصيلة والمناعة، والإشراف والرقابة علي المستشفيات والمراكز الطبية المرخص لها بإجراء عمليات نقل وزرع الأعضاء وتبين اللائحة التنفيذية لهذا القانون القواعد والضوابط والاختصاصات الأخرى لعمل هذه الهيئة. كما أوضح القانون فى مادته الرابعة أنه لا يجوز نقل أعضاء أو أجزاء منها أو أنسجة من جسم إنسان حي إلي آخر، إلا لضرورة تقتضيها المحافظة علي حياة مريض لغرض علاجه من مرض جسيم، وبشرط منع النقل من شخص متوفى وعدم وجود وسيلة علاجية مناسبة لحالته، وألا يترتب علي النقل تهديد خطير لحياة المتبرع، ويحظر نقل الأعضاء أو أجزاء منها أو أنسجة مما يؤدي إلي اختلاط الأنساب. أما المادة الخامسة فقد ركزت على انه لا يجوز للمتبرع أن يوافق علي استقطاع أحد أعضائه أو جزء منه أو أنسجته لنقله إلي آخرمريض إلا إذا كان كامل الأهلية وتوفر رضاؤه التام عن ذلك، ويجوز للمتبرع العدول عن الموافقة قبل البدء في إجراء عملية الاستقطاع، ويثبت هذا الرضاء بالكتابة في حضور أحد الأقرباء من الدرجة الأولى على أساس ما قرره هذا القانون ولا يجوز نقل الأعضاء أو أجزاء منها أو أنسجة من شخص فاقد للأهلية ، لا برضاه ولا حتى بموافقة من يمثله قانونا. وتتابعت المواد لتنص فى المادة السادسة على إلزام الطبيب المختص بعدم إجراء أي عملية استقطاع لأي عضو من أعضاء جسم الإنسان أو جزء منه أو أحد أنسجته لو كان ذلك على سبيل البيع أو الشراء أو بمقابل مادي. فى حين أوضحت المادة السابعة أنه لا يجوز إجراء عملية الاستقطاع أو الزرع إلا بعد إحاطة كل من المتبرع والمريض علما بطبيعة عملية الاستقطاع والزرع ومخاطرها المؤكدة والمحتملة سواء كان ذلك على المدى القريب أو البعيد بواسطة اللجنة المقررة من قبل وزارة الصحة، ويتم إثبات ذلك بشكل رسمي ومكتوب وعليه توقيع الطرفين، وفي حالة تعذر الحصول على هذا التوقيع يتم التثبت من الإحاطة المذكورة وفقا للإجراءات التي يكفلها هذا القانون. وركزت المادة الثامنة على انه لا يجوز إجراء عمليات الاستقطاع وزرع الأعضاء إلا في المستشفيات والمراكز الطبية التي يرخص لها وزير الصحة بعد الحصول على موافقة الهيئة القومية بذلك وفقا للشروط والإجراءات التي حددها القانون في لائحته التنفيذية. وتشكل لجان ثلاثية من أطباء في المستشفيات والمراكز الطبية المرخص لها بالموافقة أو الرفض على إجراء عملية الاستئصال والزرع وفقا للإجراءات التي يحددها القانون في نصوصه، ولا يجوز أن يشترك في عضوية الفريق الطبي المختص بإجراء هذه العملية أحد أعضاء اللجنة المختصة بالموافقة. هل يجوز النقل من ميت؟!! وما هي دواعيه؟ وأوضح القانون في المواد من التاسعة وحتى المادة الثامنة عشر والأخيرة بأنه في جميع الأحوال تكون الأولوية في نقل الأعضاء من الأحياء من المصريين إلي المصريين حتي الدرجة الرابعة، وفيما عدا المصريين يجوز النقل لغير المصريين إذا كان قريبا حتى الدرجة الثانية للمصري المتبرع، وقد راعى القانون في بنوده مراعاة الأولوية الخاصة بكلا الطرفين، المتبرع والمريض. ويجوز لضرورة تقتضيها المحافظة علي حياة إنسان أو علاجه من مرض خطير أو استكمال نقص حيوي في جسده، نقل عضو أو جزء منه، أو أنسجة من جثة ميت إلي جسد إنسان حي، وفى حالة الاستقطاع من جثة شخص متوفى يجب إصدار إذن من النيابة العامة أولاً عندما تكون الوفاة موضوعاً لتحقيق جنائي. وفي جميع الأحوال يجب أن يكون النقل دون مقابل، ويتم تطبيق نفس القاعدة عند النقل من الموتى المصريين إلي المصريين الأحياء علي النحو الذي أشارت إليه المادة التاسعة من هذا القانون ويجب مراعاة الكرامة الإنسانية عند نقل الأعضاء وحمايتها من أي ضرر يحيق بها. وتناول القانون الجانب الخاص بتعريف الموت ليكون واضحاً من ناحية تحديد ما إذا كان المتبرع ميتاً أم على قيد الحياة، محدداً أنه المفارقة التامة للحياة، ويتم التحقق من الوفاة بصورة قاطعة بواسطة لجنة مكونة من ثلاثة أطباء متخصصين علي الأقل، وتصدر هذه اللجنة لإقراراً بالموت وفقاً لمعايير طبية دقيقة عالمية ترفق بهذا الإقرار. بشرط أن يوقع عليه جميع أعضاء اللجنة. العقوبات والأحكام وفي المادة الثانية عشر تناول القانون الجزء الخاص بالعقوبه وأوضح أن من يقوم بإستقطاع أو زرع احد الأعضاء أو الإتجار فيها بشكل يخالف هذا القانون يعاقب بالسجن مدة لاتقل عن خمس سنوات وغرامة لاتقل عن عشرين ألف جنية ولاتزيد على مائة ألف جنية وأوضح القانون أنه فى حالة وفاة المتبرع تكون العقوبة أشغال شاقة مؤبدة وغرامة لاتقل عن مائة ألف جنية ولاتتعدى مائتى ألف جنية وفي حالة إستقطاع عضو أو جزء من شخص متوفى بدون وصية منه بذلك أو في حالة الإخلال بالشروط والقواعد التي أقرتها المادة العاشرة تكون العقوبة الحبس وغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تتعدى الخمسبن ألف جنيهاً. ويقاضى بالحبس مدة لا تزيد علي خمس سنوات أو بغرامة من عشرين إلى مائة ألف جنيه أو كليتهما كل من استقطع عضوا أو جزءا منه بدون علم أو موافقة المنقول منه، ويشمل ذلك كل صور التحايل والسرقة والإشتراك في هذه العملية. وللمحكمة الحق في إصدار عقوبات إضافية لما سبق حسب نظرتها لنوع وأسلوب الجريمة، ومن هذه العقوبات: 1. عقوبة الطبيب المشترك في العملية بالحرمان من مزاولة المهنة مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات. 2. مصادرة الأدوات والآلات المستعملة في الجريمة. 3. غلق المؤسسة أو المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة مدة لا تتجاوز سنة . وفي حالة التجاوز أو التلاعب في فقرات ومواد هذا القانون تكون العقوبة الحبس مدة لا تتعدى سنة وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تتجاوز عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين. أم الدنيا ومكانتها في سوق الأعضاء برغم عدم حصول مصر على مراكز متقدمة نسبياً في كثير من المجالات الحيوية عالمياً، إلا أنها إحتلت المستوى الثالث في مجال تجارة الأعضاء وذلك لأن العديد من أفراد المجتمع إستغلوا بيع وشراء الأعضاء البشرية حتى تحول الموضوع إلى مهنة، لها تجارها ومحترفيها، هذه المهنة الوحيدة التي جمعت بين درجات إجتماعية مختلفة، بين طبيب وتاجر ولص، والمستفيدين من هذه التجارة هم الوسطاء والأغنياء من مَن هم في حاجة لهذه الأعضاء، بينما نرى أن الخاسر الوحيد والأعظم في ذلك هو من يبيع عضواً من أعضاءه، لأنه في النهاية يكون قد باع جزءاً من صحته وسلامته، وهذا ما لا يمكن شراؤه بالمال فيما بعد. الحاجة إلى القانون وبالنظر إلى مدى أهمية هذا القانون نجد أن تفاقم الحاجة إليه من مرضى الفشل الكبدي والكلوي والمصابين بفيروس “سي” أو “بي” والكثير غيرهم يكون دافعاً ومحفزاً لإصداره. وأكدت ذلك إحصائيات معتمدة ورسمية. نقل الأعضاء البشرية، بين مؤيد ومعارض واجه هذا القانون العديد من الانتقادات التى وجهت إليه، وخصوصاً بعد أن تحول موضوع التأييد والمعارضة من أمر طبي بحت إلى منظور ديني عن التحليل والتحريم وتحديد دين ومعتقد المتبرع ودين المريض الذي ينبغي التبرع له، حيث إنقسم رجال الدين فى الرأي الخاص بالقانون فمنهم المؤيدين وعلى رأسهم شيخ الأزهر،حيث أعلن عن ترحيبه الشديد بمشروع القانون ليخدم الحالات الطبية الطارئة وبشروط محددة. موضحاً أن الشريعة الإسلامية لا تعارض نقل الأعضاء البشرية بدون أي مقابل مادي، دون إلحاق ضرر بالمتبرع أو المريض. أضاف قائلا أن القرآن الكريم مليء بالآيات التي تحث على الحفاظ على النفس البشرية وأيضاً السنة النبوية. وحثت الشريعة الإسلامية الأطباء على العناية بالمريض وإجراء كل السبل الممكنة والمشروعة للحفاظ على حياته مؤكداً في النهاية أن لا ضرر ولا ضرار. وما يفهم من ذلك أن الشريعة الاسلامية لم ترفض نقل الأعضاء من شخص حي الى أخر، على إن هذه الموافقة مشروطة بنوع التبادل الذي سيتم بين المتبرع إلى المريض، متجنبة حتى تسمية المتبرع بالمنقول منه والمريض بالمنقول إليه، لأبعاد الموضوع بصيغة تامة عن التجارة والمبادلة ليكون تبرع أو هبة أو مساعدة، مؤكدة على وجوب عدم طلب مقابل، ليكون ذلك بصيغة المساعدة أو الهبة، بعيداً عن الإستنفاع التجاري المادي، حتي لا يتحول الإنسان إلي مجرد (قطع غيار)، ويخضع لتصرفات عصابات (مافيا نقل الأعضاء). ومن ناحية أخرى فقد ذكر عن البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية رفضه لهذا القانون تماماً، موضحاً أن سَبب الرفض يرجع إلى حرص البابا على سلامة كلا الطرفين المتبرع والمريض. بينما يرى البعض أن جزء القانون المتعلق برفض نقل الأعضاء بين الجنسيات والأديان المختلفة هو ما كان سبب الرفض الديني للقانون من قبل الكنيسة، فقد فسره البعض بانه بداية حملة عنصرية ضد الاقباط المصريين. ولا يقتصر هذا الرفض على الطائفة المسيحية فحسب، بل ويتجاوزه ليكون رفضاً من كلا الطرفين، فقد لاقى هذا القانون أيضاً رفض عدد من علماء الأزهر إلى جانب الكنيسة القبطية، فالفريق الأول رأى أن عملية نقل الأعضاء بين المسلمين وغيرهم أمر جائز، ومن ناحية أخرى أكد الفريق الثاني أن هذا الأمر يضر بالوحدة الوطنية في المجتمع. آراء عامة ونقاش الأطراف المعنية ورأت بعض الصحف إن تشريع هذا القانون في هذه الآونة، أو مجرد مناقشته، سوف تفتح بابا واسعاً للاعتداء على حقوق الإنسان وآدميته، وإذا كان العلماء والباحثون يعكفون حاليا في أبحاثهم حول توليد الأعضاء البشرية من الخلايا الجذعية، التي تستمد من الأجنة التي لم تدب فيها الحياة بعد، و استخلاص الخلايا من الحبل السري الذي يقطع عقب الولادة فلا ضير أن ننتظر بضع سنوات لنرى نتائج تلك الأبحاث التي قد تحقق المطلوب دون الحاجة إلى قتل إنسان وفيه ولو شبهة حياة تتردد بحجة موت إكلينكي. وبذلك يكون القانون من وجهة نظر البعض فتح الطريق لتجارة الأعضاء تحت رقابة القانون وخاصة لأنهم وجدوا فى نصوصه نقاط ضعف أو وسيله لتلاعب بعبارات قانونية تبيح ماهو ممنوع حيث أكد اللواء محمود قطري أن الدولة تستغل القانون لصالح الأغنياء وهى وسيلة للقضاء على الفقراء أو ليصبحوا قطع غيار للأغنياء. فى حين أن هذا القانون من وجهة نظر الحقوقين وبعض المنظمات الحقوقية يعتبر تعدي على أفراد المجتمع ومساعدة فئة قوية من المجتمع للقضاء على فئة أخرى مهضومة عاجزة عن معرفة حقوقها لإنشغالها بما هو أهم. أما عن رجال القضاء فوجدوا فى هذا القانون حماية المتبرع وأن السرقة كجريمة خاصة بهذا المجال يعاقب عليها القانون وفى النهاية نجد أن هذا القانون مثل معظم القوانين التى وجدت صعوبة فى البداية وتقبلها المجتمع بعد أن أصبح يطبق بشكل فعلي وفى النهاية أفراد المجتمع مسئولين عن حماية أنفسهم أو توخي الحذرحفاظا على أنفسهم فى ظل الظروف الراهنة التى يمر بها العالم والحالة الإقتصادية العامة التى تعد من أهم العوامل الرئيسية في إنتشار سرقة الأعضاء وضرورة وجود هذا القانون كرادع لهذا الشكل من أشكال السرقة. ومن ناحية المرضى، نجد أنهم بحاجة ماسة لهذا القانون، الذي، إن صدر، قد ينقذ حياة الكثير من المصابين بحالات العجز الكلوي والكبدي والأمراض المتعلقة بالأعضاء القابلة للزرع والتبديل، منهم من يتجاهل آراء دينية أو قانونية منمقة قد تؤدي به إلى خسارة ما لا يمكن إرجاعه أو تعويضه