في عصرٍ تطغى فيه الضوضاء والأصوات المتنافرة، تبرز رواية “صمت الغرباء” للكاتب محمد صباح كتأمل عميق في عوالم الصمت التي يعيشها بعض الأفراد. تأخذنا الرواية إلى قرية صغيرة وهادئة في منطقة ريفية، حيث يعيش الشاب الصامت والمتحفظ، يحيى، ضمن أسرة متوسطة الحال.الصمت كلغة تعبيريةمنذ الصفحات الأولى، يرسم الكاتب صورة واضحة لعالم يحيى الهادئ، الشاب الذي، على الرغم من قلة كلامه، يحمل في داخله أحلامًا كبيرة. مقتطفات من الرواية تسلط الضوء على تميز يحيى عن إخوته، حيث كان يفضل العزلة والتأمل. “لم يكن يحيى يجيد التعبير عن نفسه بالكلمات، لكنه كان يتحدث بأفعاله وأحلامه الكبيرة”، بهذه العبارة يصور محمد صباح الشخصية المركزية، كاشفًا عن صراع داخلي بين الرغبة في تحقيق الذات واختيار الصمت كوسيلة للتعبير.القرية كرمز للأمان والبساطةالقرية التي ترعرع فيها يحيى ليست مجرد مكان عادي، بل تمثل رمزًا للسلام الداخلي والبساطة التي تميز حياة الأسرة المتوسطة الحال. على الرغم من التحديات التي تواجهها الأسرة، إلا أنها تمتعت بروح الدعم والتماسك، مما وفر ليحيى الدعم اللازم لتحقيق أحلامه.العزلة كطريق للتأمليصف محمد صباح كيف كان يحيى يجد العزلة والتأمل، وكيف كانت القراءة والتعليم وسيلته للتعبير عن ذاته. هذه الصفات جعلت من يحيى شخصية مختلفة، باحثة عن معنى أعمق للحياة. “يحيى كان دائمًا مختلفًا عن إخوته”، يعبر هذا الاقتباس عن شعور بالغربة يعايشه البعض عندما يجدون أنفسهم غير قادرين على التكيف الكامل مع المجتمع من حولهم.رؤية أعمق للصمترواية “صمت الغرباء” ليست مجرد سرد لقصة شاب يعيش في قرية نائية، بل هي رحلة استكشاف للنفس البشرية، وكيف يمكن للصمت أن يكون وسيلة للتواصل والتعبير. نجح محمد صباح في بناء عالم مليء بالتأملات والصراعات الداخلية، مما يجعل الرواية تجد صدىً قويًا لدى القارئ. إنها دعوة لفهم الصمت، ليس كعائق، بل كأداة لتحقيق فهم أعمق للذات والعالم المحيط.