كتب: أحمد شعبان
فى أولى جلسات نظر القضية التى هزت الرأى العام المصرى، قررت محكمة جنايات الجيزة يوم الأحد الموافق 18 يوليو إيداع المتهم محمود طه أحمد سويلم (54 سنة) مرتكب مجزرة أتوبيس (المقاولون العرب)التى أسفرت عن مصرع 6 أشخاص وإصابة 6 أخرين من عمال الشركة بجروح وإصابات متفاوتة، تحت الملاحظة بدار الصحة النفسية والعصبية بالعباسية لمدة 45 يوما وإعداد تقرير عن حالته الصحية والعقلية لبيان مدى مسئوليته عن أفعاله، وحددت جلسة 21 سبتمبر لإيداع التقرير واستكمال نظر القضية .
وشهدت الجلسة حضورا إعلاميا وجماهيريا كبيرا، وجاءت اجابات المتهم على اسئلة رئيس المحكمة بكلمات (أنا مش فاهم ..أنا مش عارف) ، حتى عند سؤاله عن استخدام السلاح الآلى، أجاب بكلمات غير مفهومة .
وعقدت جلسة المحاكمة وسط حضور كبير وحراسة أمنية مشددة على غير العادة، حيث حضر المتهم فى تمام السابعة صباحا قبل بدء الجلسة بـ 5 ساعات ودخل القفص وجلس على الأرض وأدار وجهه للحضور ليخفى وجهه من المصورين .
كما حضر الجلسة 16 شاهدا على الجريمة كانت ادراه شركة المقاولين العرب وجهت لهم خطابا يطلب منهم حضور الجلسة، وحضرت أسرة المتوفى سالم عبد السلام ورفضت التحدث لوسائل الإعلام ولم يحضر احد من أسرة المتهم.
وطلبت النيابة توقيع العقوبة المقررة طبقا للقانون، وقالت إن القضية تضمنت اعترافات المتهم، وأرفقت بها التقارير الفنية الخاصة بتشريح جثث الضحايا والكشف الطبى على المصابين وتقرير المعمل الجنائى الذى أثبت أن المقذوفات المستخرجة من أجساد الضحايا والمصابين تتطابق مع الطلقات الحية التى عثر عليها فى مسرح الجريمة، وأنها خرجت من السلاح المضبوط نفسه.
وطلب محامي المتهم من المحكمة إحالته لمستشفى الأمراض العقلية لكشف مدى سلامة قواه العقلية لإصابة المتهم بهلوسة عقلية أثناء ارتكابه الجريمة من عدمه استنادا إلى المادة 62 من قانون العقوبات.
وقال محامى المتهم إن موكله أصيب بالجنون اللحظي أثناء ارتكابه الواقعة بسبب ما تعرض له من السخرية والاستهزاء واللامبالاة من زملاءه، بالإضافة إلى انه تعرض لمحاولات قتل هو وأسرته 3 مرات منها حادث سيارة فى العمل له ولابنه احمد ولكنه نجا منه .
وقال محمد سعد أحد ركاب الأتوبيس الذى تصدى للمتهم: إن المتهم محمود وقف بالأتوبيس قبل الشركة بمائتي متر، وفك حزام الأمان وأمسك ببندقية آلية وتحرك داخل الأتوبيس فسأله: (فيه أية يا محمود؟)، فخرجت طلقة أودت بحياة المجني عليه جمعة، وطلقة أخرى أصابت أبو سريع، وتحرك داخل الأتوبيس ونادى بصوت عال: اخرج يا عبد الفتاح من تحت الكرسي، وبدأ الموظفون يقفزون خارج الأتوبيس، ثم توجه المتهم إلى المجني عليه عبد الفتاح، وأطلق طلقة نارية عليه أودت بحياته، وظل يطلق طلقات عشوائية داخل الأتوبيس ويصيب الموظفين.
وأضاف سعد قائلا: (إن المتهم أثناء عودته بظهره امسك منه ماسورة البندقية بيده وكانت ذات سخونة شديدة فرفعها الى أعلى خوفا من إطلاق طلقات أخرى خوفا على الركاب وبعدها لم تطلق طلقة واحدة، وتمكن من إيقاع المتهم على أرضية الأتوبيس فرد المتهم قائلا: خلاص يا محمد أنا عملت اللى أنا عايزه وقوم علشان أروح الشركة).
من جانبه قال محمد على المغربي مدير مساعد شركة المقاولين إن المتهم ذو خلق، وكان انطوائيا ولم يتحدث مع احد، وعندما أطلق النار وقال: (أنا صعيدي يا أولاد الكلب وماحدش يضحك على، وطلب المتوفى عبد الفتاح وأطلق علية النار).
وقال نميرى عبد التواب وهو مصاب (إن المتهم لا يوجد بينه وبين احد فى الشركة أى خلاف، ولكنه فى يوم الحادث أصيب بالجنون).
القتل العمد
وكان النائب العام قد أمر بإحالة المتهم إلى الجنايات في ضوء ما انتهت إليه تحقيقات نيابة جنوب الجيزة الكلية، حيث نسبت إلى المتهم تهم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لستة أشخاص والمقترن بالشروع فى قتل آخرين، وإحراز وحيازة سلاح نارى آلى وذخيرة حية بدون ترخيص .
واعترف المتهم خلال التحقيقات بأنه ليس نادما على ارتكاب جريمته، بل إنه يشعر بالفخر لقتل من أهانه، مشيرا الى انه لم يكن بينه وبين أحد الضحايا ثأر عائلي قديم، لكنه ارتكب الجريمة لمجرد أنه شعر بالإهانة والخزي من قيام 3 من الضحايا بالاستهزاء به أمام العاملين بالشركة لأنه (على حد قولهم) رجل مغفل يرفض التنقيب عن الآثار أسفل منزله مثلما يفعل العديد من أبناء المنطقة التي يسكن بها في حلوان.
وكانت النيابة قد استمعت لأقوال 27 شاهداً من بينهم المصابون والناجون وبعض شهود العيان والعاملين فى الشركة، وكلفت النيابة لجنة من الآثار لمعاينة منزل المتهم فى عرب غنيم بحلوان ومنازل بعض جيرانه، وأثبتت المعاينة صحة أقوال المتهم بأن المنطقة بها (هوس) البحث عن الآثار، رغم أنها لا توجد بها آثار، وطلب النائب العام من محكمة الاستئناف تحديد جلسة عاجلة لبدء محاكمته.
وانتهت النيابة من تحقيقاتها فى 48 ساعة فقط استمعت فيها لاعترافات تفصيلية من المتهم بارتكابه الجريمة وأنه تحصل على السلاح منذ عامين، واشتراه من أمين شرطة بـ7 آلاف جنيه وأنه وضعه أسفل مقعده فى الأتوبيس وأخرجه قبل 200 متر وسأل عن القتيل عبدالفتاح عبدالفتاح سالم ثم أطلق النار بعشوائية على باقى الضحايا، وقال المتهم فى التحقيقات إنه قرر التخلص من 3 فقط من زملائه لأنهم شاركوا جيرانه فى البحث عن الآثار أسفل منزله فى حلوان وأن منزله سينهار.
وأضاف أن زملاءه لم يتوقفوا عن السخرية والاستهزاء به طوال الفترة الأخيرة، وأنه قرر التخلص منهم ثأراً لكرامته. وشرح المتهم فى تحقيقات النيابة أن جيرانه فى منطقة عرب غنيم فى حلوان كانوا ينقبون عن الآثار أسفل منازلهم، وأنه حرر محضراً ضدهم ولم يتحرك أحد أو يتوقف الجيران عن أعمال التنقيب.
وشكلت النيابة لجنة من هيئة الآثار وكلفتها بالانتقال إلى منزل المتهم ومنازل جيرانه للتأكد من صحة الأقوال التى رددها فى التحقيقات، عن تورط جيرانه فى الحفر أسفل منزله والبحث عن آثار.
وأجمع المصابون على أن المتهم أوقف الأتوبيس فجأة وأخرج سلاحه الآلى وسأل عن القتيل (عبدالفتاح) وأطلق النار بعشوائية على الجميع، وأضافوا أن البعض منهم قفز من نوافذ الأتوبيس، هربا من الموت وقالوا إن محمود طه رجل محترم وتربطهم علاقة طيبة به ولم تصدر منه تصرفات غريبة من قبل.
وتلقت النيابة تقريراً من مدير المركز الطبى بالمقاولون العرب الدكتور (حاتم حسين)، أكد فيه أن المتهم منذ تعيينه فى الشركة عام 86 وهو يخضع لكشف طبى دورى، وأنه لا يعانى من أمراض نفسية أو عصبية نهائياً وأنه سليم تماماً وخال من أى أمراض معدية وأنه عرض على لجنة طبية فى نوفمبر الماضى وهو الأمر الذى تتبعه الشركة منذ سنوات طويلة.
يشار الى ان الحادث وقع صباح الثلاثاء الموافق 6 يوليو 2010 وفى أثناء تحرك أحد أوتوبيسات شركة (المقاولون العرب) المخصصة لنقل العاملين الى إدارة المشروعات الميكانيكية والكهربائية بمحافظة الجيزة، حيث توقف سائق الاتوبيس على قبل حوالى 200 متر من ورش الادارة المذكورة، وقام السائق محمود طه أحمد سويلم بسحب بندقية آليه مخبأة أسفل المقعد الخاص به وبدأ فى اطلاق النار عشوائيا على ركاب الحافلة، مما اسفر عن مصرع 6 واصابة 6 اخرين .