بقلم: شيماء الألفي
لم اندهش من خطاب أوباما الثاني في القاهرة 19 مايو 2011 عندما استند الى مراعاة الهيمنة الاميركية السياسية أو هيمنة القطب الأوحد الذي يريد حكم العالم من أقصاه الى أدناه بالتفوق العسكري وبآلة عسكرية متطورة و”مزيّنة” بآلاف الصواريخ النووية وغيرها من منظومات البر والجو والبحر (حسب مفهومه الأمريكي للهيمنة)، بل وزاد عليها الهيمنة الاقتصادية والتجارية وغيرها من سياسة التقسيم والتفتيت مستنداً إلى ما يجري في أكثر من منطقة عربية وإفريقية من حروب على أسس عرقية وطائفية ومذهبية.
وكان هذا بناءً على كم التغييرات الهائلة والغير متوقعة في بناء الكيان العربي السياسي وذلك إثر تنحي الرئيس التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك وتقسيم السودان بين الشمال والجنوب وبقاء النزاع على “ابيي” وعدم وضوح في الرؤية في ليبيا مع استفحال التدخل الغربي والأميركي عبر قوات الأطلسي فيها وصولاً إلى تقطيع الوقت بين الرئيس اليمني علي عبدالله صالح ودول مجلس التعاون الخليجي من جهة والمعارضة اليمنية من جهة ثانية وعدم نجاح محاولة تخريب النظام الإسلامي في إيران وفي سوريا وضبابية المشهد في البحرين، إلا أن أوباما وصف هذا التغيير بأنه انتفاضات شعبية عفوية ووصلت إلى تغيير ديمقراطي للسلطة في تونس ومصر ومسلحة في ليبيا وسورية حيث نفى أوباما أي تدخل أمريكي في مسار هذه الثورات لجهة التوقيت والاستثمار وكأن أمريكا هي جمعية خيرية همها الأساسي رؤية العالم بأكمله مستقراً ومسالماً وديمقراطياً وينعم بالاقتصاد الحر والسياسية النظيفة.
في خطابه الأول في جامعة القاهرة حاول أوباما الموازنة بين تحسين صورة أمريكا لدى المسلمين والعرب بعد أحداث 11 سبتمبر واحتلال أفغانستان والعراق وتصنيف العرب بين معتدل وإرهابي وبين محاربة الإرهاب الناشئ عن التطرف الإسلامي أو الأصولي المشوّه للإسلام الحقيقي والمتسامح بسبب وجود طالبان والقاعدة وبن لادن. وأما الآن بعد إسقاطه لاسطورة بن لادن وقتله على يد قوات النخبة الأمريكية ورمي جثته في البحر، فقد قام أوباما بحركة ” كش ملك ” في خطابه بطي هذه الصفحة بعد 10 أعوام من بروز هذه الاسطورة وما سببته من الأذى والدماء والدموع حيث لا تكاد منطقة أو دولة عربية سالمة من إرهاب القاعدة وبطش أمريكا، ومن هنا ازداد معدل شعبيته من جديد بين الشوارع الأمريكية المتألمة من أحداث 11 سبتمبر المدمرة وقد تلاعب بمنتهى الدقة المعهودة من رؤوساء أمريكا برؤوس أقلام موضوع التعبير الممل المعنون بــ : ” وحش القاعدة يهدد العالم”.
وقد تناسى الشباب الأمريكي الآن النسبة المتضخمة من البطالة التي شهدوها فقط في عهد رئيسهم الحالي عربي كيني الأصل، كما أن رجال الأعمال الذين رفضت حكومتهم تمويل مشاريعهم الاقتصادية بحجة استنفاذ الميزانية في العراق قد تناسوا أيضاً احتجاجهم على هذه الفوضى في العراق بمجرد ” كش ملك ” الذي قام بها أوباما بقتل بن لادن.
أما عن تبني أمريكا لإسرائيل ، فإن ازدواجية المعايير الواضحة في خطابي أوباما (أمريكا) لم ولن تتغيرز وقد أخطأ كثيراً من راهن على تغيير السياسة الأميركية بعد مجيء أوباما فلا دولة فلسطينية مستقلة ولا عودة للاجئين ولا سيادة للفسطينيين على أرضهم المغتصبة ولا رؤية واضحة لما يسمى السلام وسياسة تهويد القدس، وستظل عملية تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية مستمرة.
ومهما تكررت خطابات أوباما الطامح إلى ولاية رئاسية ثانية كما أعلن أخيراً وعلى خطى الزعماء العرب، فإن العرب أو من سيتبقى منهم لم ولن يصدقوا يوماً من أوجد إسرائيل لذبحهم وتخريب أنظمتهم ودولهم واستقرارهم وكي لا يتحول أوباما الى مجرد مبشّر برتبة رئيس عليه ان يترجم أقواله إلى أفعال أو…….. يقوم أحد الزعماء العرب بحركة ” كش ملك “.