فى الثانى و العشرين من نوفمبر الجارى (2011 ) تناقلت الفضائيات العالمية بثاً على الهواء من ميدان التحرير بالقاهرة لقوات الشرطة المصرية و هى تفض اعتصام بعض اسر شهداء ثورة الخامس و العشرين من يناير الذين لم يحصلوا على مستحقاتهم المالية التى قررتها الحكومة ، و كانت طريقة الشرطة فى فض الاعتصام طريقة فاجرة ، فقد طوق آلاف الجنود ميدان التحرير من كل الجهات فلم يعد هناك منفذا لهروب المعتصمين ثم اقترب الجنود من المعتصمين و تكاثروا عليهم كل خمسة او سبعة جنود يضربون معتصماً واحداً بالهراوات بكل قسوة و شدة على كل مناطق جسمه حتى يسقط قتيلا او مصاباً ثم يتحولون لغيره حتى اذا فرغوا من البشر تحولوا الى اللافتات فمزقوها و الأمتعة فجمعوها و أحرقوها ثم تحولوا الى الطعام فبعثروه و داسوا عليه بالاقدام ، ثم نظر أحد الجند فوجد دراجة بخارية فأشعل فيها النار ؟! و انسحب الجند ثم أمطروا الميدان بقنابل الغاز المسيلة للدموع !، و اسفرت هذه الواقعة عن قتلى و عشرات المصابين ؟! هكذا رأى العالم كله خسة هؤلاء الجنود و علم المشاهدون خسة و دئاءة الآمر بهذه الجريمة التى تتضائل أمامها جرائم الدكتاتور حسنى اللامبارك المخلوع على خلفية قضية تعذيب رجل واحد فى قسم الشرطة هو خالد سعيد ، و قد أوجد نظامه حينها مبرراً قانونياً يصبغ الجريمة بالشرعية ، أما ماقامت به شرطة اللواء منصور العيسوى فى ميدان التحرير فهو جناية كبرى فى حق الشعب المصرى كله الذى ثار على ظلم و جبروت الشرطة فأحرق معاقلها و خرّبها و افرج عن أسراه المعتقلين ظلماً و هرب كل جهاز الشرطة فى صورة مزرية و توعد الثوار جلادى الشرطة حتى أصبحت الشرطة تطلب الحماية و الأمن بعد ان كانت تبث الرعب فى القلوب ؟! و خشى الثوار على مصر فتعالت الأصوات تطالب ببناء شرطةٍ جديدةٍ عمادها احترام حقوق الانسان و الذود عن الشرعية و تأكيد سيادة القانون ، فأعيد تعليق لافتة ” الشرطة فى خدمة الشعب ” على اقسام الشرطة و قبل الشعبُ ساخطاً خطة تطهير الشرطة كما ارتآها اللواء منصور العيسوى وزير الداخلية الذى احال بعض كبارالضباط اصحاب السمعة السيئة الى الاستيداع بعد ترقيتهم الى الرتبة الاعلى و لم يُوقف الضباط المتهمين بقتل المتظاهرين عن العمل ولم يوجه رجاله الى حُسن التعامل مع المواطنين ، تقبل الشعب خُطة التطهير مُكرهاً و ارتضاها آسفاً على أمل أن يحظى الوزير بولاء الضباط فيوجههم الى ما يبتغيه الشعب و ما ثار من أجله و ما سقط فى سبيله من شهداء ، غير ان الصورة فى ميدان التحرير كانت صادمة و الحقيقة كانت صاعقة ، اذ كيف تجاسر هؤلاء الجند على ضرب و سحل و قتل المعتصمين بهذه الطرق البربرية ؟ و كيف استباحوا تخريب و احراق أمتعة و لافتات و دراجة نارية للمتظاهرين ؟ و الأهم من ذلك كيف يرتكبون مثل هذه الجرائم فى وضح النهار و امام كاميرات الفضائيات العالمية ؟ وأخيراً كيف استباح هؤلاء الجند كرامة المصريين و دماءهم بعد ثورة يناير ؟ ! لذلك لم تكن مفاجأة أن يتنادى الشعب كله الى مليونية فى ميدان التحرير فى اليوم التالى لاعلان الغضب العام و المنادة بسقوط وزارة الدكتور عصام شرف ( الذى خان قسم الثورة ) و المطالبة بتحقيق فورى و محاكمة الآمر بالضرب و الحرق و القتل ، بل تعدى الأمر الى مطالبة المشير حسين طنطاوى بالرحيل هو و المجلس الاعلى للقوات المسلحة ! كما قام بعض الساسة بتقديم بلاغ للنائب العام ضد وزير الداخلية و الإعلام و السؤال الآن هل غاب عن فكر وزارة الداخلية أن الجرائم التى تورط فيها جنودها قد تجر البلاد الى هوةٍ سحيقةٍ ؟ ألم يتعظوا من حوادث الثورة ؟ أنا اعتقد إنهم ? بإعتبارهم من ذيول حسنى اللامبارك ? توقعوا ما حدث و أرادوه لتنتكس الثورة و ليفرح حسنى اللا مبارك الذى ما ان علم بما يدور بالميدان حتى طلب اعادة التلفاز الى جناحه الملكى بالمشفى و قال معلقا :” عشان ما سمعوش كلامى ، أنا قلت ح تخرب و أهى خربت ” ان ما يحدث الآن يتطلب من المصريين الكثير و الكثير ليس المطلوب ان ننضم الى المعتصمين و المتظاهرين فى التحرير أو أن نشجب سلوك سلوكهم ، و لا يكفى أن نوجه اللوم و النقد الى سلطة الحكم المدنية او العسكرية و نكون مقصرين اذا كان جهدنا ان نجلس امام التلفاز نترحم على الشهداء و نتأسف على المصابين فحسب ! إن المطلوب من كل مصرى أن يعيش الحدث و يقدم ما يجب عليه لمصر ، فالشباب فى التحرير يقف صخرة و يدافع عن الكرامة و يضحى من اجلها ، و السياسى يقدم النداء و النصح للمجلس العسكرى بالتنحى عن ادارة البلاد و تسليم السلطة لأحد الذين بشروا بالثورة او دعموها ( الدكتور محمد البرادعى او الدكتور عبد الحليم قنديل او الدكتور ممدوح حمزة او الدكتور حسن نافعة مثلا ) ليشكل بدوره مجلسا لقيادة الثورة يشترك فيه ثوار التحرير ، و على مجلس قيادة الثورة اعادة تفعيل محكمة الثورة ( و هى لا تزال قائمة قانوناً ) و تكليفها بنظر كافة الجرائم التى ارتكبها الطاغية حسنى اللا مبارك و اعوانه قبل الثورة و بعدها و أخصها مذبحة فض اعتصام التحرير، و تعيين المستشار هشام البسطويسى نائبا عاما و على فضيلة شيخ الازهر أن يُصدر بياناً يشجب فيه قتل او ضرب المتظاهرين المصريين مثلما شجب قتل المتظاهرين فى سوريا ( بعد الثورة المصرية ) و أن يؤم الشعب عقب صلاة الجمعة القادمة لصلاة قنوت يدعو فيها الى كشف الغمة عن مصر ، و على فضيلة المفتى ان يُصدر فتوى عاجلة بحرمة اطلاق الغازات المسيلة للدموع او الغازات المثيرة للاعصاب او الغازات السامة على المتظاهرين فضلاً عن بيان جزاء من يأمر بالقتل ، و على الصحفيين – فى يوم يتفق عليه – ان يجللوا الصفحة الاولى من صحفهم بالسواد تنديداً بسلوك الداخلية و امتعاضاً من صمت المجلس العسكرى ، و على كافة البنوك العاملة فى مصر ان تفتح حساباً لصالح مصابى و شهداء الثورة ، يموله الشعب بكل طوائفه ، مادامت حكومة الثورة تبخل على الثوار و الشهداء و تمنح زعيم العصابة معاشاً شهرياً يتجاوز تسعين ألف جنيهاً ، و هو الذى قتل الشعب و سرق ثروته واشاع الفوضى و شمت فى المصائب