يخطىء من يظن أن ثورة الشعب المصرى فى الخامس و العشرين من يناير كانت من اجل الحرية و الخبز فحسب ، بل كان الدافع إليها و الباعث عليها هو الظلم الذى حاق بالشعب كله جراء القوانين الفاسدة و الأحكام الجائرة و الحصانة بلا حدود لمن أساءوا استخدامها ، أما القوانين الفاسدة فهى اكثر من ان تحصى ، لأنها لم تتوافر فيها شروط القانون ( العمومية و التجريد ) إذ كانت تصاغ بالمزاج و تعد لخدمة شخص أو نكاية فى فئة !! تتعارض أحكامها مع أبسط القواعد التشريعية و تصادم السياسة الجنائية ، فمثلا : الذى يخطف رغيفاً عقوبته قانوناً الغرامة البسيطة أما إذا باعه مخالفاً للمواصفات ( ناقص الوزن او غير ناضج ) فإن عقوبته هى السجن و شهر الحكم و غلق المخبز ، و مثلا : من يشوه آخر بماء النار عقوبته قانوناً من سنة الى ثلاث سنوات حبس ، بينما من يسب مسئولاً قد تصل عقوبته الى سبع سنوات سجن، و مثلا : من يبنى شقة فى ملكه بدون رخصة لسكنى ابنه يعاقب قانوناً بالحبس وازالة الشقة و غرامة تهديدية يومية ، بينما من يبنى عمارة على أرض مغتصبة تكون عقوبته قانوناً غرامة مائة جنيها لا غير !!
و الأحكام الجائرة أيضاً لا تحصى و لعل أبرزها قضية خالد سعيد الذى قتل فى قسم الشرطة تحت وطأة الضرب و التعذيب و بعد تحقيق صورى انتهى الى انه انتحر !! أمر النائب العام بدفن جثته و حفظ الأوراق إدارياً، و ثار أهله و جيرانه و قدموا بلاغاتٍ و إلتماساتٍ للنائب العام دون جدوى !! حتى إذا تبنى شباب مصر قضيته و جعلها صفحةً فى شبكة المعلومات الدولية أثارت الشعب كله فخرج فى الخامس و العشرين من يناير يطالب بحق خالد سعيد فانصاع النائب العام و أمر بفتح تحقيق جديد انتهى بإحالة شرطيين الى محكمة الجنايات التى قضت أخيراً بسجن كل منهما سبع سنوات ؟ تُرى لو تم ذلك ابتداءاً هل كانت الثوة قد اندلعت !؟
زُورت انتخابات مجلس الشعب فى العام 2010 جهاراً دون خجل ، والذى اشرف عليها و أعلن نزاهتها هو المستشار رئيس محكمة استئناف القاهرة الذى أكد إنه مطمئن الى سلامة العملية الانتخابية و إنه لا يوجد ثمة تزوير أو خلافه !! تُرى لو امتنع هذا المستشار عن اعتماد نتيجة تلك الانتخابات و قال ان التزوير كان مفضوحاً ،هل كنا بحاجة الى الثورة!؟ واذا كان النائب العام قد فتح تحقيقاً فى جرائم تزوير الانتخابات هل كان حسنى مبارك و حاشيته يجترئون على التزوير فيما بعد ؟
زج النظام البائد بآلاف من المعارضين فى السجون بأوامر اعتقال ثم بأحكام قضائية ( مدنية و عسكرية ) و قام بعضهم فى العام 1995 بالطعن بعدم الدستورية على المادة التاسعة من القانون رقم 162 للسنة 1958 بشأن حالة الطوارىء التى يتذرع بها الحاكم لاحالة قضايا المدنيين الى قضاء امن الدولة ، و مع ذلك لم يبت فى ذلك الطعن حتى الان ، بل قل انه وضع فى الادراج وغطاه التراب !! ترى لو حكم بعدم دستورية ذلك القانون فأمن المعارضون من جور الحاكم و سجونه ، هل كانت اسر المعتقلين و المساجين المظلومين سيثورون ؟
عاث الظلم فساداً و دق اطنابه فضاعت الحقوق و سُلبت الأملاك و لجأ الناس الى القضاء فتاهوا بين ردهات المحاكم عشرات السنين أنفقوا فيها الغالى و الرخيص و لم يجنوا منها إلا خُفى حُنين و إلزامهم بمصروفاتٍ قصمت ظهورهم ، تُرى لو أعاد القضاء لكل مظلومٍ حقه أو بعض حقه او أعاد لبعض المظلومين بعض حقوقهم هل كان الشعب الثائر فى الخامس و العشرين من يناير يترك دور المحاكم تُحرق و تُبعثر أوراقها فى الشوارع ؟
لقد قام الثوار بتدمير قلاع الظلم و إحراقها و قد تمثلت تلك القلاع فى أقسام الشرطة و فروع أمن الدولة و دور المحاكم ، احترقت تلك القلاع تحت سمع و بصر الناس دون أن تحرك ساكناً و دون ان يطرف لأحد جفن ، و كان لسان حالهم يقول :
لا أذودُ الطير عن شجرٍ قد بُليت المُر من ثمره
بينما شكل الناس لجانا امنية لحماية البنوك و المستشفيات و دور العبادة و سائر المصالح الحكومية !!
قال المستشار محمود الخضيرى ان هناك اكثر من ثلاثمائة قاض فاسد بين القضاة و قال المستشار اشرف البارودى ان النيابة تُدار بالتليفون و طالب المستشار احمد مكى و الدكتو حسن نافعة و الاستاذ فهمى هويدى بتطهير القضاء و قال المستشار حسام الغريانى ان وزيرا للعدل طلب منه تغيير حكم نقض!! و قال ثوار يناير أنهم عثروا بأوراق أمن الدولة على مستنداتٍ تدين قضاة !! و طالب الشعب بتطهير القضاء و لكن رئيس نادى القضاة يزعم ان دعوى التطهير ستذهب فى الهواء و سيبقى القضاة المطلوب اقصائهم!!
لو كان فى مصر قضاة لكانت السلطات اليونانية سلمتنا المحكوم عليه الهارب توفيق عبد الحى و المحكوم عليها الهاربة هدى عبد المنعم و لسلمتنا السلطات الإسبانية المتهم الهارب حسين سالم ، و لسلمتنا السلطات البريطانية المتهم الهارب يوسف غالى و لسلمتنا السلطات القطرية المتهم الهارب رشيد محمد رشيد ،و لكن بعض ما ذكرت آنفاً جعل الدول تنظر الى مصر نظرة الشك و الريبة 00
اتُهم ابراهيم عيسى بسب رئيس الجمهورية فقضى بحبسه ستة شهور ، و اتُهم مرتضى منصور بسب رئيس مجلس الدولة فقضى بحبسه ثلاث سنوات و اتُهم محاميا طنطا بسب وكيل نيابة فقضى بحبسهما خمس سنواتٍ ؟! هل هذه عدالة ؟ أم أن هذه هى الحصانة ؟ لقد تدارك النائب العام الأمر فى قضية محامى طنطا فأمر- عقب الثورة – بوقف تنفيذ الحكم على أثر المقالات والنداءات و الطلبات التى تناولت القضية !! غير أن آثارها لم و لن تُمحى من تاريخ القضاء !! فها هم بعض القضاة يتنادون بتعديل قانون السلطة القضائية فى محاولة لإقتناص مزايا جديدة ليست من حقهم و لتجريد المحامين من بعض الحصانة التى اكتسبوها على مدار تاريخ المحاماة فى مصر بعد ان اثبتت الوقائع ان المحامى بدون حصانة لا يمكنه أداء واجبه و عرض دفاع موكله 00
و ابتداءاً فإن من المسلمات فى فقه القانون أنه لا يجوز تنظيم أى من السلطتين القضائية أو التشريعية بأداه أدنى من القانون حتى لا تتسلط عليها السلطة التنفيذية و تمحقها فتنتهى بذلك الدولة القانونية ، و تطبيقاً لذلك قضت محكمة النقض فى 21 / 12 / 1972 فى الطلبات ارقام 21 للسنة 39 ق ، 24 للسنة 41 ق ، 26 للسنة 41 ق ، بان المسائل التى تتصل باستقلال القضاء لا يجوز تنظيمها بأداة تشريعية أدنى مرتبة من القانون الصادر عن السلطة التشريعية ( راجع مجموعة أحكام الدائرة المدنية بمحكمة النقض الصادرة عن المكتب الفنى للسنة 23 ق ) ، و قد استقر قضاء النقض على هذا المبدأ فيما بعد ، هنالك يثور التساؤل : هل القضاة الذين ينادون بتعديل قانون السلطة القضائية لا يعلمون ان السلطة التشريعية غائبة و ان التعديل الذى يطلبونه – ان صدر – سيصدر بموجب مرسوم بقانون و هو أداة ادنى من القانون و قد استقرت أحكام النقض على ان ذلك لا يجوز!! و سيكون موصوما بشبهة عدم الدستورية ؟ ام ان القضاة يعلمون بالضرورة – لكون الأحكام بضاعتهم – و مع ذلك يطالبون بمخالفتها و الإلتفاف حولها؟ أليست هذه نكتة تبكى و لا تضحك ؟! أليس من العجيب ان ينفر الشعب بكل أطيافه من المطالب الفئوية التى يطالب بها بعض ، ثم ينحى القضاة ذات المنحى فيقدمون مشروع تعديل قانون السلطة القضائية محملاً بالمطالب الفئوية فى هذا التوقيت البالغ الصعوبة للضغط على المجلس الاعلى للقوات المسلحة !
ان قانون السلطة القضائية هو أهم قانون بعد الدستور و هو بالضرورة لا يخص القضاة وحدهم بل يخص الشعب بكافة طوائفه ( العامل و الفلاح و المحامى و أستاذ الجامعة و المرأة و رجل الاعمال و الأديب و الإعلامى و الوزير و المعلم ) لأن أحكام القضاء تصدر باسم الشعب ، و لا ينبغى ان يكون الشعب غائباً حين يًصاغ قانون من أهم القوانين المكملة للدستور ، لذلك لابد أن يتمهل القضاة حتى يُنتخب مجلس تشريعى فيعرضون مشروعهم عليه ليتم مناقشته و اقراره وفقاً للإسلوب الديمقراطى عبر مجلس نيابى منتخب ، هنالك يكون للشعب( صاحب الكلمة ) ان يقر المشروع كما هو او يستبدله بمشروع يحفظ للقضاء استقلاله فعلا 00
الغريب و العجيب انك تقرأ فى مشروع القانون عبقرية البحث عن الإمتيازات الشخصية من سلطة مطلقة و مزايا مالية و صحية و وظيفية بزعم استقلال القضاء دون ان تقرأ كلمة واحدة عن اصلاح القضاء ذاته او استقلاله فقد خلا المشروع من خطة لتعجيل الفصل فى الدعاوى أو فكرة لطمأنة المتقاضين ، و خلا المشروع من المطالبة بتوجيه جزء من رسوم التقاضى لإنشاء شركة صيانة و نظافة للمحاكم التى هى أشبه بأسواق الخضار و آل بعضها للسقوط و خلا المشروع من تفعيل التفتيش القضائى و جعله تفتيشاً مجدياً و ليس تفتيشاً صورياً ، وخلا المشروع من المطالبة بخفض الرسوم القضائية الباهظة أو إعفاء بعض القضايا منها ، و خلا المشروع من الحديث بكلمة واحدة عن تحسين أوضاع معاونى القضاة من موظفين و كتبة و محضرين و منهم من يطلبون الرٍِِِشا علناً و منهم من يعبثون بالمستندات ، و خلا المشروع من حل مشكلة الإطلاع على القضايا فى المحاكم بتوفير آلة تصوير فى سكرتارية المحاكم ، و خلا المشروع من تفعيل تأديب أو محاكمة القضاة الفاسدين محاكمة تعيد الى القضاء قدسيته و خلا المشروع من حل مشكلة القاضى الذى لا يطمئن اليه المتقاضى لعلمه إنه لن يكون محايداً، و خلا المشروع من ايجاد حل لعدم احترام القضاة مواعيد الجلسات التى تُفتتح فى الحادية عشرة ظهراً بينما يثبت ? تزويراً – بأجندات الجلسة إنها افتتحت فى التاسعة صباحاً ، و خلا المشروع من تصور لحل المشكلة المستديمة من عقد جلسات المحاكمة فى حجرات المداولة لينعم القاضى بتكييف الهواء بينما يتزاحم المتقاضون و المحامون أمام تلك الحجرة بالمئات و لا يمكنهم الوصول الى القاضى عند النداء على قضاياهم فيتم شطبها أو الحكم غيابياً فيها و لا يقبل القاضى اعادة الدعوى الى الرول إذا طلبها المتقاضى او وكيله 0000 الخ الخ
طالب القضاة فى مشروعهم بإلغاء حصانة المحامى المنصوص عليها بقوانين السلطة القضائية ( المادة 18 ) و المحاماة ( مادة 49 & 50 ) و المرافعات( مادة 106 & 107 ) و الاجراءات الجنائية ( مواد 243 ? 245 ) ، فكأن المشروع لا يلغى مادة أو اثنتين بل ، يلغى ثمانية مواد فى اربعة قوانين !! ، و الحصانة الجزئية المقررة للمحامى أثناء المرافعة ليست امتيازاً للمحامى و لكنها مقررة لتمكين المحامى من حق الدفاع الذى كفله الدستور، كما ان حصانة المحامى ليست منحة من القضاة فيستبيحوا ان يلغوها فى تشريع لا يخصهم وحدهم بل يخص المجتمع كله ، بالإضافة الى أن استقلال القضاء لا يتطلب إلغاء حق الدفاع الذى يكفله الدستور و الحصانة الجزئية للمحامى أثناء المرافعة !!
الجدير بالذكر أننى قدمت مشروعاً بتعديل بعض أحكام قانون المحاماة الى المؤتمر الاول للمحامين المنعقد بمدينة جمصة فى سبتمبر 1987 و قد تضمن المشروع صياغة مقترحة لبعض مواد القانون و مذكرة تفسيرية لها طويت على :
اولا :?????. .
ثانيا : تقرير حصانة للمحامى تعادل حصانة القاضى
ثالثا : ?????
رابعا ?????..
خامسا : نيابة المحامى عن القاضى الغائب بدون عذر فى تأجيل الدعاوى
سادسا : تقرير اولوية نظر الدعاوى التى يحضر فيها المحامون
سابعا : تنحية القاضى الذى لا يطمئن اليه جموع المحامين فى دائرة المحكمة
ثامنا : ?????الخ الخ
( نشر هذا المشروع فيما بعد بمجلة المحاماة – العددان الخامس و السادس – السنة السبعون? مايو و يونيو 1990 )
وفى المحاضرة طالبت بإجراء تعديلاً عاجلاً لقانون المحاماة لعدد من المواد أهمها المادة 49 & 50 & 54 محاماة و كانت الصياغة المقترحة كالآتى :
مادة 49 : استثناءاً من الأحكام الخاصة بنظام الجلسات و الجرائم التى تقع فيها و المنصوص عليها بقانونى المرافعات و الإجراءات الجنائية ، إذا وقع من المحامى أثناء وجوده بالمحكمة إخلال بنظام الجلسة أو أى أمر يستدعى محاسبته نقابياً او جنائياً ، يأمر رئيس الجلسة بتحرير مذكرة بما حدث و يرفعها الى النائب العام و يخطر النقابة الفرعية المختصة بذلك ..
و فى هذه الحالة لا يجوز القبض على المحامى أو حبسه احتياطياً و لا يجوز أن يشترك فى نظر الدعوى التأديبية او الجنائية المرفوعة على المحامى أحد أعضاء الهيأة التى وقع عليها الاعتداء 00
مادة 50 : تسرى على المحامى بشأن اتهامه و القبض عليه و التحقيق معه و حبسه احتياطياً و رفع الدعوى الجنائية عليه و محاكمته و تنفيذ العقوبة المقيدة لحريته ? و لو كانت الجريمة غير متعلقة باعمال مهنته ? كافة الأحكام التى تسرى على القاضى فى مثل هذه الحالات و المنصوص عليها بقانون السلطة القضائية 0
مادة 54 : يعاقب كل من تعدى على محام أو أهانه بالإشارة أو القول أو التهديد اثناء قيامه باعمال مهنته او بسببها بالعقوبة المقررة لمن يرتكب هذه الجريمة ضد أحد أعضاء هيأة المحكمة ، و تتبع الأحكام المقررة للجرائم التى تقع بالجلسات فى هذه الحالات 00
و استمع المحامون الى المحاضرة التى شرفها الأستاذ النقيب / أحمد الخواجة رحمه الله و الاستاذ النقيب / سامح عاشور ( مقرر المؤتمر ) و معظم أعضاء مجلس نقابة المحامين آنذاك و عدد كبير من المحامين ، وكان الحاضرون يبدون آراءهم استحساناً بمعظم أفكار المشروع غير ان غالبية الحاضرين اعترضوا على فكرة الحصانة الكاملة للمحامى ، فما كان منى وانا اختتم المحاضرة إلا ان قلت : ” إذا كان الحاضرون قد استحسنوا معظم أفكار المشروع و تحمسوا لها ، فإن ذينيك لم يذهبا أسفى على إعتراض بعضهم على المادة الخاصة بحصانة المحامى ، و إننى قدمت مشروعاً متكاملاً سوف تمسخه فكرة تبنى إحدى مواده دون الأخرى ، و إنى ما أسفت لاعتراضكم على أى من مواده قدر أسفى على اعتراضكم على المادة 50 و إن التاريخ سوف يحاسبكم أيها المؤتمرين على تقصيركم فى المطالبة بتقرير ما يكفل للمحامى أداء رسالته بحرية و اطمئنان و سوف يجىء اليوم الذى تندمون فيه على ذلك ”
أتذكر ذلك أسفاً و أسجله و أنا حزين ، لأنه لو صح العزم فى العام 1987 على المطالبة بحصانة للمحامى تعادل حصانة القاضى لحصل المحامون عليها مثلما حصل عليها محامو قلم قضايا الحكومة الذين صاروا هيأة قضايا الدولة فيما بعد ذلك بسنوات قليلة ، و الغريب إن القضاة لم يطالبوا بإلغاء الحصانة الكاملة لمحامى الدولة مثلما طالبوا بإلغاء الحصانة الجزئية للمحامين المستقلين !! و يالها من مفارقة سخيفة !؟
و صاغ القضاة تعديلا للمادة 47 من مشروعهم من شأنه إلغاء فكرة تعيين المحامين فى وظيفة قاض او مستشار ، فالنص الحالى جرى كالتالى : ” لا يجوز عند التعيين فى وظيفة قاضٍ بالمحكم الابتدائية ان تقل نسبة التعيين من المحامين عن الربع 00000 و عند التعيين فى وظيفة رئيس بالمحكمة الابتدائية أو مستشار بالإستئناف أن تقل نسبة التعيين من المحامين عن العشر 000 ” فاذا الصياغة المقترحة :” لا يجوز عند التعيين فى وظيفة قاض بالمحاكم الابتدائية ان تزيد نسبة التعيينات على الربع من غير رجال النيابة العامة 00000 ” ، و مع أن نص المادة 47 من قانون السلطة القضائية معطل من سنواتٍ طويلة ، إذ لم و لن يتم تعيين أى من المحامين قاضياً او مستشاراً ، و المحامون راضون بذلك عملاً بالقول المأثور : ” يا نحلة لا تقرصينى و لا عايز منك عسل ” و مع ذلك فالقضاة تحينوا الفرصة لتفريغ النص من مضمونه ، لأنهم يعلمون أن المحامى أذا أقام دعواه مطالباً بأحقيته فى التعيين قاضياً أو مستشاراً إعمالاً لنص المادة 47 سلطة قضائية فلا مناص من الحكم لصالحه باعتبار أن النص يشترط حداًً أدنى لتعيين المحامين ، أى أن تعيين المحامين وجوبيا ، بينما الصياغة المقترحة تضع حداً أقصى للتعيين بمعنى أن التعيين اصبح جوازياً ، فاذا لم يتم تعيين أى محام فى وظيفة قاض او مستشار فلا عوار فى ذلك !!
يبقى بعد ذلك اشارة الى طلب القضاة ( مادة 77 مكرر 5 ) بموازنة سنوية مستقلة لا تقل عن نسبة % من ميزانية الدولة بالإضافة الى حصيلة الرسوم القضائية أمام المحاكم و الغرامات المحكوم بها فى المواد المدنية و كذلك الأموال و الكفالات التى يحكم بمصادرتها 00 أى أن القاضى يحصل على حوافزه مما قضى من الغرامات و الأموال المصادرة ؟!!!!! هنالك تكون العدالة قد سقطت فى بئر لا يستطيع الإنس و الجن أن يخرجها منه ، لأن المعنى ببساطة ان القاضى سيكون له مصلحة شخصية مباشرة فى تغريم المتقاضى و مصادرة أمواله ؟ و لذا فسوف تكون البراءة من الإتهام انتقاصاً من دخل القاضى الشهرى وهذا يتعارض مع مبادىء الشريعة الاسلامية و قواعد العدالة واستقلال القضاء و ليس له اى مثيل فى أى قانون سلطة قضائية فى العالم كله لانه استغلال للقضاء ، أما ادارج النظام الأساسى لنادى القضاة ضمن مشروع قانون السلطة القضائية و تضمينه نصاً بشأن موارد النادى يبيح قبول الهبات و الاعانات فذلك بشكل طعنة نجلاء لإستقلال القضاء ، لأنه قد يتبرع للنادى أحد رجال الأعمال اللصوص ، فإذا ضبط رجل الأعمال و اتُهم و عُرضت قضاياه على القضاة ماذا هم فاعلون ؟ أيغضون الطرف عما قبلوه من تبرعاته التى هى سرقة أم يقبلونها على هون ؟ أيتنحون عن نظر قضاياه أم يحكمون لصالحه ؟
ذلك غيض من فيض و المشروع ملىء بالثغرات و المثالب التى تجعله أبعد ما يكون عن الحرص على استقلال القضاء و لكن الهدف منه هو استغلال القضاء..