الفضائيات ونوم العسل .. بقلم نخيل ميسان
27/7/2012
على الرغم من التقدم التقني الهائل الذي اجتاح العالم ،وكثرة ادوات التواصل بين الناس في شرق العالم
أو غربه، جعل من منه-اي العالم- كقرية صغيرة كما يطلق عليه الان.
فمتصفح النت مثلا يمكنه ان يطلع على اخبار العالم بنقرة زر لا تتجاوز خمس ثوانٍ من الوقت ، كما يمكنه محاورة اي شخص اخر في اقصى شرق الارض أو اقصى غربها ، صوتاً وصورةً دون ان يكلف نفسه عناء السفر اليه ،وفي اي وقت شاء .
على الرغم من كل هذا ،لا زالت وسيلة قديمة حديثة لها الاثر البارز والمفعول السحري في نشر الخبر وتلقيه ،قديمة من حيث اكتشافها زمنيا ،وحديثة بتطورها المستمر ،فبعد ان كانت مقتصرة على منطقة محدودة ،اصبحت ذات ابعاد شاسعة الامتداد والانتشار
فقد سخرت القنوات الفضائيات التلفازية ، هذا التقدم لمنفعتها وراح بثها يلج الامصار والبلدان لما لها من جمهور واسع فهي تخاطب شرائح مختلفة ،ومستويات علمية تتسع يوما بعد يوم ،معتمدة على الاقمار الصناعية التي تتيح لها انتشار واسعا دون ان تكترث الى منافسة الوسائل الاخرى ، لما لها من وقع في نفوس جماهيرها المتباينة، ذوقا واهواءً وطموحات وامال وامنيات ، فهي تخاطب الالاف بل الملايين على وجه الارض ،من ابسط انسان وحتى اعلى سلطة ،بلا اكتراث منها بمستوى ثقافة أو علم أو اطلاع مشاهدها
وقد يتبادر هنا سؤال
اذا كان عمل الفضائيات هذا فهي متشابهة وعملها واحد ،ولا فرق بين فضائية واخرى ،وهذا حكم جائر اذ اننا ساوينا بين من هو شريف وعفيف وبين من هو وضيع وخسيس
فهناك فضائيات تعبر بصدق عن احلام وتطلعات وامال وطموحات شعوب تسربلت بالظلم من قرنها الى اخمص قدميها ،دون تزلف منها لهذا الحاكم أو ذاك ،وبغض النظر عن كم تربح او تخسر ،بل انها احيانا تقدم الشهداء في سبيل احقاق الحق
وكم من حقيقة عرفها العالم اجمع بفضل فضائية شريفة عملت بجد واخلاص دون ملل أو كلل ،لم يكن همها الا الافصاح عنها دون رتوش او زخرف
بل ان بعض الفضائيات ازاحت طغاة بنوا مجدهم على اعناق المسحوقين والضعفاء من شعوبهم ،وزلزلت الارض تحت اقدام اخرين سيأتي دورهم قريباً.
ومن هذه الشعوب التي تجرعت الامرين ،وعلى مدى عقود كثيرة ،الشعب العراقي الذي تعرض لشتى انواع الظلم والهوان والحرمان على يدي حكامه منذ ان انشأت الدولة العراقية ومرورا بكل الحكومات المتعاقبة ، وصولا الى الاحتلال الامريكي الغاشم الذي احرق النسل والحرث ، وحتى ساسته الذين تسلقوا كراسي الحكم على دماء واشلاء وانتهاك حرمات وسحق كرامات العراقيين الشرفاء، الذين ?اي الساسة ?
اتخذوا من الفضائيات المأجورة بوقاً لهم لتزمر وتصفق لإنجازات وهمية لاوجود لها الا في مخيلتهم النتنة، ونهبوا ثروات العراق وخيراته ليملئوا كروشهم السمينة الفاجرة ،ليبقوا ابنائه دون مأوى يقيهم زمهرير الشتاء أو قيض الصيف ، وهذه روابط لبعض اصوات من طفح بهم الكيل وضاقوا بساسة الجور والطغيان وتكميم الافواه ،فصدحت حناجرهم وارتفعت ايديهم لتشير الى الجناة الظلمة ،الذين سرقوا البسمة من افواه الارامل واليتامى.
فقد رمتها كثير من الفضائيات ممن اتخذ ( النوم في العسل) منهاجا لعمله وطريقا في تعامله ،وترك ملايين من البشر ممن ينوؤن تحت سياط جلادهم من الحكام ،فرموا هذه الروابط في اقرب سلة للقمامة ،ولم تتعبوا انفسكم بفتحها
http://www.al-hasany.com/vb/showthread.php?t=329388