القواعد: جمع قاعدة وهي أصل الشيء وأساسه, وهي مجموعة من القواعد التي تنظم موضوع ما.
التجريب والإبداع: التجريب هو الشيء الجديد, وكل شيء جديد إبداع, ولكن يجب أن يكون التجريب بعد دراسة مفصلة للقاعدة.
لماذا التجريب: لأن القاعدة تؤدي نوع من الملل من نفس الكلام, ونفس الطريقة بالتعبير, كما أنّ القاعدة لا تتطور بشكل سريع مع تطور المجتمعات… مثال ” برنامج البرنامج ” لا يشمل على شيء من قواعد البرامج المملة, ولكن في كل حلقة يبدع فريق العمل بشيء جديد, شيء لا يمكن أن تتقبله إذا طرحته على ورق لمعد محترف ولكن غير خلاق. لأن الأفكار الجديدة تحتاج إلى عقول منفتحة, فليس بالضرورة أن تتقيد بالقواعد بالقدر الذي يجب أن تصل فيه فكرتك في سلاسة ويسر إلى الناس.. ” المضمون المتطور أهم من القواعد البالية “.
ثم إن القواعد في الأساس لم تأت إلا من التجريب واختيار الأحسن لغوياً وفكرياً….
العالم الرقمي .. حياة ثانية …
لقد دخلنا في آخر كم سنة في عالم جديد, شديد الاختلاف عن العالم الذي كنا نعيش فيه .. لقد تطورت حياتنا بشكل كبير وسريع جداً.. وبغض النظر عن السلبيات والإيجابيات في هذا التطور, إلّا أن أثره على حياتنا بشكل لا تستطيع أن تتجاهله أبدا. بل أصبح هذا التطور أساس حياتنا الحالية .
عالم الرقميات:
طريق جديد للتواصل والنشر وتعبير والاستفادة والقراءة والتجارة والشعر والغزل وكل مناحي الحياة.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن, هل يستطيع الأدب والفن التطور لكي يسير إلى مستوى قريب من مستوى التطور السريع جداً الذي نعيشه. بما أن الأدب هو مرآة للشعوب الذي يعبر عنها في طبيعة الحال.
هل يستطيع بقواعده الجافة مواكبة هذه الحياة الجديدة..
هل نستطيع مثلاً أن نكتب في قصة أو في رواية مصطلحات شديدة الانتشار من شبكات التواصل الاجتماعي. أو علينا تجاهل هذه المصلحات بما أنها ليس عربية بشكل الصحيح .. ولكن ألا تكون القصة بمصطلحات شعب ما أقرب إلى هذا الشعب وتوفي بالغرض بالشكل الأمثل – الأسئلة برسم التساؤل والإجابة –
من سينحني الآن ومن يحدد درجة الانحناء:
هل ستنحني القاعدة أم التطور السريع جداً, وهل يجب علينا أن نبقي على قواعد والإنسان العربي يتطور. – التطور عند الإنسان العربي طبعاً من الناحية التقنية فقط وليس من باقي النواحي- ثم إن التطور ليس بالضروري أن يوافق القواعد طالما هذا التطور مستورد من الخارج.
أو لماذا نحن نجعل العلاقة ضدية بين التحديث باللغة أو بين القواعد وبين التطور السريع جداً الذي حصل …
السؤال الأهم من عليه تغير القواعد وتطوريها وفق المعاير الجديدة .. وهل يستطيع شخص غير مختص؟؟؟؟؟ ..
التغيير.. دائماً يحتاج إلى عقول منفتحة غير منضبطة تحت القاعدة أو الممكن والمتاح, التغيير يحتاج إلى إبداع…. هذا التغيير يحدث بالرغم منا شئنا أم أبينا, هل سنبقى متفرجين أم علينا ضبط هذا التغير؟ .. – السؤال
برسم معشر الأدباء والفنانين –
كسر أم بناء أم إعادة ترميم:
معطى ” بيت جديد ولكن الأحوال الجوية تغيرت في فترة سريعة, وأصبح البيت لا يؤمن وظيفته الأساسية وقابل للسقوط.. هل يجب علينا الترميم أو إعادة البناء… وفي الحالتين إعادة الترميم أو بالبناء الجديد يحتاج اختصاصياً … ”
وكذلك الأدب والفن: فإذا كان الأدب والفن بعيدين عن الواقع العربي لأنه لا يتطور بتطور الثاني فإنه سيسقط كما سقطت الكلاسيكية في أوائل القرن العشرين…
وأيضاً لكي نتفادى الكسر العشوائي في القواعد بقصد أم من دون قصد. ولأن هذا الكسر سيكسر معه الأدب والفن بطبيعة الحال, إذا يجب علينا عدم كسر القاعدة بل البناء عليها أو إعادة ترميمها نتيجة التطور الذي حصل, لأن القاعدة لم تبنَ في الأساس على المعطيات الجديدة. والأهم من هذا كله عند الكسر لقاعدة ما, يجب علينا بناء قاعدة جديدة تكون حجر الأساس لتطور الجديد الذي حصل….
مسرح التجريب: ” نوع من أنواع المسرح يعتمد على التجريب ولكن على الذين يعملون في هذا النوع من المسرح أن يكونوا ذوي خبرة في جميع المدارس المسرحية لكي يكون التجريب عنده نابع عن خبرة وعن ثقافة ومعرفة ودراية كافية ومعيار نجاح هذا المسرح هو الجمهور في الدرجة الأولى.
أي أنه على الذي يجرب أو الذي يسعى لكي يطور في مجال ما, أن يكون ذو خبرة في هذا المجال لكي لا يصبح التطوير والتجريب شغله إلي ما له شغله, فنكون قد أهنّا الأدب وقللنا من مستوى المعطى الفني ونكون أيضاً قد قللنا من مستوى الأديب ودورة الفعلي…
الوظيفة الجسيمة للأديب الآن ..
الوظيفة الجسيمة للأديب والمثقف والكاتب. أولاً: أن يكون على دراية كافية بالمستوى التطور الذي وصل للإنسان العربي, وأن لا ينفصل بثقافته عن التطور بعالم الاتصالات, فكثير من المثقفين والأدباء الآن لا يتعاملون مع الانترنت لأنهم لا يمتلكون الدراية الكافية، فهم لا يستطيعون تطوير الأدب في هذا المجال مع أنه الآن أصبح من الأمور الأساسية ..
ثانياً: أن يحاول تطور الأدب والفن وفق قواعد معينة لكي يستطيع الأدب والفن اللحاق بما تطور إليه الشعوب وأن لا يكون الأدب والفن متأخرين…
ثالثا: أن يعمل على ضبط هذا التطور لكي تبقى اللغة في نقائها وجمالها الطبيعيين .
عدم اشتراك الأديب والكاتب بهذا التطور سيعني أمرين:
إما أن يكون الأدب شديد البعد عن الإنسان وتطوره في المرحلة الآنية واللاحقة, مثل الذي يكتب عن التواصل عبر الحمام الزاجل, والعالم يتواصل بالإيميل ومواقع التواصل الاجتماعي…
أو يطور الأدب والفن غير المختصين, فينحدر الأدب إلى مستوى القاع نتيجة عدم الخبرة في التطوير وفي الموضوع الأساسي أيضاً…
كيفية التطور والمعيار ونوعية المنتج ..
” ملامسة القارئ ودغدغة مشاعره.”
المعيار الأول الذي من أجله يتم تطور الأدب والفن والموسيقى, وهو أيضاً الأساس والحكم في هذا التطور…
فيجب على الأدب والفن والموسيقى أن يلامس القارئ شخصياً وإلا فقد مضمونه الحقيقي وما يسعى إليه من رقي إنساني…
وبما أن هذا القارئ أو المشاهد يتطور مع تطور الحياة بشكل سريع, فبناء على هذا التطور يجب أن يتطور ما يشاهده وما يقرأه لكي لا يفقد الأدب والفن مصداقيتهما…
بعض الأمثلة في التطور الذي حصل:
– الرحابنة مثلاً كسروا رتابة الفن وأعطوا الكلمة البسيطة حقها وجمالها الفعلي والطبيعي…
– ميخائيل نعيمة قلب الكثير من المقاييس في النقد والشعر…
– جبران أدخل كلمات جميلة على اللغة
– زياد الرحباني ” يكفي ذكر الاسم ”
لقد أدركنا بفضل الغرب أن نظم الشعر ممكن في غير الغزل والنسب والمدح والهجاء والوصف والرثاء والفخر والحماسة.. لذلك أطربتنا نغمة شعرائنا الذين كان لهم الجرأة على اقتحام تلك الحدود المقدسة ” الأبناء والبنون. ميخايئل نعيمة ”
وأخيراً ” نوعية القارئ ومستواه ثقافته يحددان مستوى الأدب والفن الموجه إليه وطريقة الكتابة ”
أمثلة :
المسرح : يجب أن يمس المنتج المسرحي كل شرائح المجتمع بدءاً من الأمي إلى الأديب والمثقف والدكتور… لذا يجب على المسرح أن يتطور بشكل سريع مع تطور المجتمع…
– المقال: حسب توجه المقال للسواد الأعظم أو لطبقة المثقفين ويختلف في طريقة الكتابة والألفاظ وسرعة التطور…
– الرواية” يجب أن تكون ذو سوية
– القصة: تختلف حسب التوجه..
ففي كل هذا مجالات تختلف سرعة التطور, ونوعية الكتابة, بناء على المتلقي ففي المسرح يجب أن تكون اللغة سهلة جداً, والفكرة مفهومة والتطور السريع .. أما مثلاً في الرواية ليس بالضرورة أن تكون الكلمات سهلة والفكرة سهلة طالما الرواية تتجه إلى قارئ ذو سوية حصراً, والرواية لا تستطيع ملاحقة التطور والكتابة عنه بشكل خاص لأنه في الرواية يطلب التنويع جداً ….
إذاً تطور الأدب والفن سيحصل شئنا أم أبينا. إن كنا نريد أو لا نريد. الفرق أنه إذا سعينا كمثقفين وأدباء وفنانين إلى اللحاق في الركب, وليس اللحاق فقط بل الوقوف على رأس هذا التطور بناء على معرفتنا, وضبطنا هذا التطور من جهة والمحافظة على اللغة وتطورها من جهة أخرى. – وليس كسر قواعد اللغة بحجة التطوير ? والأهم رسم خط مهم وواضح, لكي يبقى الفن والأدب في موقعهما ويرتقي الفنان والأديب بموقعه أيضاً …
أما إذا كنا بعدين عن هذه المسؤولية سيتحول الأدب والفن إلى شيء رديء, ويفقد مضمونة. وحتى إن بقي الفن والأدب متأخرين عن ركب الشعوب سيفقدان مصداقيتهما في التأثير على المجتمع..
التطور يجري من تحت أقدامنا, والوظيفة الأولى والأخيرة كفنانين وأدباء أن نكون على مستوى الحدث, ونضبط هذا التطور على حسب خبرتنا السابقة, وان نعتمد على القاعدة ونطورها خير من أن يكسر القاعدة غيرنا بحجة التطوير…
وبما إننا نتكلم عن القاعدة يستحضرني شعر ” لأحمد مطر ” لا يخص موضوع المقال وإنما لتغير الجو عند القارئ ..
– بدعة عند ولاة الأمر صارت قاعدة..
– كلهم يشتم أمريكا..
– وأمريكا إذا ما نهضوا للشتم تبقى قاعدة…
– فإذا ما قعدوا، تنهض أمريكا لتبني قاعدة….