قبل حوالي 18 عاماً تقدم شوقي محمد السيد لخطبة قريبته هدي سمير.. كان وقتئذ موظفاً صغيراً في أواخر العشرينات من عمره. وكانت خطيبته تحت العشرين.. وكان لصلة القرابة دور في سرعة إتمام الخطبة والزواج .
تزوجت “هدي” ابنة منطقة منشية صالح ببندر أبوكبير من “شوقي” واقاما في عش الزوجية بمنطقة سيدي بشر بالإسكندرية.
مضت الأشهر الأولي في “تبات ونبات” لم يعكر صفو حياتهما سوي بعض الخلافات البسيطة التي تحدث بين أي وعروسين في بداية الزواج نتيجة اختلاف الطباع والعادات والتقاليد والنشأة التي نشأ عليها كل منهما.
حاول الزوجان في بداية أيام الزواج والخلافات انهاء ما بينهما من مشاكل تارة بأنفسهما وأخري بمحاولات تدخل الاهل والأقارب وفي سنة أول زواج تفاقمت الخلافات بسبب شكوك الزوج في تصرفات عروسه مما دفعها لترك منزل الزوجية والعودة إلي إسرتها وتدخل الأهل والأقارب لإعادتها إلي بيتها.
عادت “هدي” إلي بيتها.. واعتقدت ان المياه سوف تعود إلي مجاريها مع زوجها “الشكاك”.. تحملت علي نفسها عندما ظهرت عليها اعراض الحمل.. أرادت ان تعيش مثل كل الزوجات في بيتها آمنة مستقرة ومضت شهور الحمل ووضعت مولودها البكر أسماه “سمير” وبمرور الأيام بحلوها ومرها انجبت طفلتهما الثانية اسمياها “سارة”.. ومضت الأيام حتي انجبت آخر ابنائها “محمد”.
كبر الابناء الثلاثة.. وبلغ الأبن الأكبر من العمر 17 عاماً والابنة 15 عاماً وآخر العنقود 12 عاماً في ظل الخلافات الزوجية والأسرية التي تزداد يوماً بعد يوم حتي وصلت إلي طريق مسدود بعد 18 سنة زواج.
الهروب
لم تجد الزوجة الأم مفراً في الخلافات الزوجية المتزايدة التي تراكمت بسبب شكوك الزوج في سلوكها سوي كيده وإيهامه بأنها علي علاقات متعددة بأشخاص يعرفهم ولا يعرفهم.. قالتها في لحظة يأس بحسرة وألم حتي تنهي الخلافات وتركته وعادت إلي اسرتها واقامت بمنطقة منشية صالح ببندر أبوكبير شرقية بعدما تركت الجمل بما حمل!!
هروبها من العذاب وعش الزوجية لم يرضي الزوج الذي أحيل إلي التقاعد من عمله بعد حصوله علي المعاش المبكر بهجر الزوجة لعش الزوجية.. ترك مسكنه بالإسكندرية وجاء بندر أبوكبير استأجر شقة وأقام بها وطلب من بعض اقاربه التدخل للصلح بينهما والاقامة معاً في مسكنه الجديد بأبوكبير.
بنت ناس
تدخل أهل الخير وعادت “هدي” إلي احضان بيتها والابناء في مسكن الزوجية الجديد معتقدة ان زوجها عاد إلي صوابه وعالج نفسه من مرض الشك لكن توقعاتها ذهبت أدراج الرياح في الاسبوع الأول من عودتهما إلي عش الزوجية.. عاد الزوج إلي نفس تصرفاته.. حاول معاتبتها علي تصرفاتها واسباب الخلافات بينهما وحاولت التأكيد له انها “بنت ناس” ولا أساس لشكوكه وتشككه في اخلاقها وان تكون من نسج خياله لكنه لم يقتنع فكادت له واخبرته انها كذلك.
لم يتمالك الزوج اعصابه.. اعتبر كلامها اعترافاً بالخيانة.. تركها في غرفتها وطار إلي المطبخ.. احضر خنجرا محاولا طعنها لكنها قاومته رغم اصابته في يده بجرح غائر.. سالت دماؤه وظل يطاردها حتي لحق بها ورغم قواه المنهكة امسك بها وخنقها ولم يتركه إلا جثة هامدة وتركها ووخرج من المسكن.
البلاغ
فكر الزوج فيما يفعل.. لكنه لم يفكر كثيراً طار إلي مركز شرطة أبوكبير وسلم نفسه للرائد محمد عبدالعظيم رئيس المباحث مقرراً انه قتل زوجته منذ دقائق لشكه في سلوكها.
فوجئ الرائد محمد عبدالعظيم رئيس مباحث مركز أبوكبير برجل في العقد الرابع من عمره يقتحم مكتبه وفي حالة يرثي لها وباستطلاع الأمر أكده انه قتل زوجته منذ دقائق معدودة وحضر ليسلم نفسه لشك القاتل في سلوكها.
تم اعداد قوة علي الفور قام بها النقيب أحمد سامي عماد معاون المركز وتوجهت لعنان المنزل وعثر علي الزوجة ملقاه أعلي سرير بغرفة نومها مغطاه بمفرش – مجردة من كامل ملابسها ومخنوقة بحمالة صدر.
الصحة
تم انتداب مفتش الصحة الذي اكتشف ان الوفاة بسبب اسفكسيا الخنق.
شكل العميدان عبدالرءوف الصيرفي مدير المباحث الجنائية وسعيد عمارة رئيس مباحث المديرية فريقا للبحث باشراف العقيد سامي العزازي ووتبين ان الزوجة هدي سمير “38 سنة” ربة منزل تربطها صلة قرابة بزوجها شوقي محمد السيد “46 سنة” موظف بالمعاش وانهما تزوجا منذ 18 عاما وحضرت من محافظة الدقهلية للعيش بمنزل الزوجية بمنطقة سيدي بشر بمحافظة الإسكندرية وانه سرعان ما بدأت الخلافات بينهما بعد شهرين فقط من الزواج لشكه في سلوك زوجته مما ترتب عليه تركها المنزل لمرات عديدة وكانت محاولات الأهل بالصلح بينهما تعيد المياه لمجاريها حيث أنجبا ابناءهما الثلاثة.
التحريات
توصلت التحريات إلي انه خلال الفترة الأخيرة تفاقمت الخلافات بينهما ووصلت لطريق مسدود وتركت علي أثره الزوجة المنزل بعد تأكيده لها بأنه لها علاقات متعددة بأشخاص يعرفهم وان سيرتها أصبحت علي كل لسان وترك منزله بالإسكندرية وحضر للاقامة بمركز ابوكبير بالشرقية وفي ليلة الحادث تناولوا العشاء جميعا وخلو الابناء للنوم وبمجرد دخول الزوجين لحجرتهما حاول معاتبتها علي تصرفاتها واحتدم النقاش مؤكداً لها انه مازال يشك في سلوكها وان أخبارها يعلمها أولا بأول وذكر اشخاص بعينهم ونفت هي كل ما واجهها به متهمة له أنها يتخيل اشياء ليس لها اساس من الواقع وأنما من نسج خياله وتركها وخرج لصالة المنزل لثوان وعاد وبيده خنجر محاولا طعنها ولكنها نجحت في الامساك به رغم احداثه جرح غائر بينها والقت به بعيدا وحاولت الفرار ولكنه لحق بها قبل خروجها من الغرقة وقام بخنقها بيده وعندما خارت قوته التقت حمالة الصدر وعاود خنقها مرة أخري ولم يتركها إلا بعد تأكده من أنها اصبحت جثة هامدة.
وقرر اللواء حسين ابوشناق مدير أمن الشرقية احالته للنيابة.. حيث قام المتهم بتمثيل الجريمة ببرود أعصاب ولا مبالاه وسط استياء أهل منطقة منشية صالح ببندر أبوكبير.
قرر شريف فادي مدير نيابة أبوكبير باشراف المستشار راضي عبدالرازق القصاص المحامي العام لنيابات شمال الشرقية تجديد حبسه بعد توجيه تهمة القتل العمد مع سبق الاصرار.