كتب: أحمد شعبان
قضت محكمة الجنايات بمحافظة الجيزة جنوب القاهرة الاثنين 7-6-2010 بمعاقبة تشكيل عصابى تخصص فى بيع أطفال السفاح من عامين إلى 10 سنوات ، حيث عاقبت المحكمة طبيبا مصريا يدعى “كميل سمير ” بالسجن 10 سنوات لإدانته فى قضية بيع والاتجار بأطفال السفاح وبيعهم لأجانب و مصريين غير قادرين على الإنجاب . كما قضت المحكمة بسجن مساعدة الطبيب بـ(5 ) سنوات وغرامة 50 ألف جنيه، وقضت المحكمة أيضا بالسجن عامين لأربعة آخرين متهمين في نفس القضية شكلوا تشكيلا عصابيا لاستقطاب الأطفال السفاح من ذويهم وبيعهم للراغبين فى الإنجاب .
وتأتى هذه القضية خلال عام واحد بالتزامن مع قضية أخرى مشابهة أدينت فيها أمريكية الجنسية وآخرين بما يعد ظاهرة خطيرة تهدد المجتمع المصرى كما يقول علماء اجتماع وعلم نفس . وطالبت النيابة العامة بتوقيع أقصى عقوبة على المتهمين فى قضية بيع الأطفال السفاح نظراٌ لما إرتكبوه من جريمة هزت الرأى العام المصرى والعربى. وأشارت النيابة فى تحقيقاتها إلى أن المتهم الأول كميل سمير العبد “54 سنة- طبيب” اتخذ من عيادته وكرا لتجارة الأطفال واتفق مع المتهمة الثانية ريحانه يوسف إسماعيل “49 سنة- ممرضة” على تزويده بأطفال السفاح لبيعهم على أن يتقاسما ثمن البيع معا حيث أحضرت له طفلين، كما اتفق مع المتهمة الثالثة فادية سيدهم برباوي “40 سنة- داية” على رعاية الطفلين مقابل مبلغ مالى . وأضافت النيابة “أن الطبيب اتخذ من المتهم الرابع فوزي غبريال “56 سنة- بواب” وسيط لبيع الطفلة للمتهمين الخامس والسادس وهما محمد سامى أبورواش “25 سنة – سائق” وزوجته منى سعيد “23 سنة – ربة منزل” ، إلا أن عملية البيع لم تتم نظرا لاختلافهم على السعر حيث عرض السائق وزوجته 6 آلاف جنيه فى حين طلب الطبيب 7 آلاف مقابل بيع الطفلة . من جانبها طالبت هيئة الدفاع عن المتهمين بالبراءة لموكليهم ودفعت ببطلان إجراءات القبض على المتهمين، وقالت هيئة الدفاع إن مأمور الضبط القضائى مارس اختصاصات النيابة العامة، وقالت إن المحكمة تنظر جريمة مستحيلة الحدوث لعدم وجود دليل على إرتكابها . تعود أحداث القضية عندما وردت معلومات لمباحث الجيزة تفيد بقيام المتهمين بالاشتراك فى تكوين تشكيل عصابى لبيع أطفال السفاح حديثى الولادة بمنطقة إمبابة بمحافظة الجيزة ، ألقي القبض عليهم وأحالتهم النيابة العامة للمحاكمة . وتكررت جرائم بيع الأطفال حديثى الولادة فى مصر ، حيث كشف بلاغ سابق إلى النائب العام المصرى يفيد بقيام إحدى السيدات وتدعى “سوزان هاجولك”أمريكية الجنسية، تضيف أحد الأطفال ويدعى “ماركو” وعمره لا يتعدى الشهران، على جواز السفر الخاص بها، وبالشك فيها لقدومها من 4 أشهر فقط لمصر، وقواعد ولوائح الخطوط الجوية لا تسمح للحوامل فى أكثر من 4 شهور بالسفر على متن الطائرات، وعندما طلبت السفارة الأمريكية منها إجراء تحليل “D.N.A” للتأكد من نسب الطفل، رفضت إجراء التحليل، مما جعل السفارة تشك فى أمرها وقامت بإبلاغ المباحث التى أكدت تحرياتهم حول الواقعة بأن المتهمة تقوم بمغادرة البلاد والعودة أكثر من مرة وأنها سبق لها وأضافت طفلين آخرين على جواز السفر الأمريكى الخاص بها. وتم إلقاء القبض عليها لتعترف أنها متزوجة من مصرى، وأنها تقوم بتزعم عصابة لتهريب أطفال السفاح للخارج، معلنة أنها قامت من قبل بتهريب طفلين للخارج بمساعدة أطباء مصريين، وأنهم مارسوا نشاطهم على مدى فترة طويلة بشراء أطفال حديثى الولادة من أبناء الخطيئة من أمهاتهم، عبر أطباء وممرضات فى أحد المستشفيات الخاصة وعدة عيادات خارجية، وبيعهم لأسر أمريكية محرومة من الإنجاب مقابل مبالغ مالية، ويشاركها فى ذلك مجموعة من المصريين ، وأحيل المتهمون إلى نيابة وسط القاهرة التى أحالتهم لمحكمة الجنايات وأصدرت أحكاما رادعة بالسجن عليهم. ظاهرة خطيرة ويصف د. الخولى سالم أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر ظاهرة بيع الأطفال بـ “الخطيرة على مستوى العالم كله، ولكنها تزداد فى البلاد الأكثر فقرا وتخلفا”. ويضيف”للأسف الشديد فان تكرار هذه الجرائم يؤكد على تردى منظومة القيم ووصولها إلى أدنى درجاتها فى المجتمع المصرى ، كما أن غياب الطبقة الوسطى وانهيارها بالكامل فى ظل الثراء الفاحش والفقر المدقع الذى تشهده البلاد عامل أساسى فى تفشى مثل هذه الظواهر التى كانت حتى وقت قريب بعيدة تماما عن المجتمع المصرى “. ويقول د. خالد محمد أستاذ علم النفس ” نحن أمام ظاهرة خطيرة تؤشر على انحلال وانهيار أخلاقى ساد المجتمع المصرى ، ولأن الفقر المدقع هو الدافع الأساسى للأسر التى تقوم ببيع أطفالها ، كما أن الوقوع فى علاقات غير شرعية نتيجة انحلال وانحراف الشباب والفتيات بسبب ارتفاع تكاليف الزواج ، كل ذلك من أهم الأسباب التى تدفع إلى ازدياد هذه الظواهر ، للفقر الشديد مؤثرات نفسية تدفع الفرد لارتكاب هذه الجرائم بداية من الوقوع فى جريمة الزنا ونهاية إلى بيع منتج هذه الجريمة ، حيث تختفى أحلام البشر الروحانية وتنحدر إلى أحلام أكثر دونية ترتبط بالمادة والمظاهر. ويشير د. خالد إلى أن بيع الأطفال ظاهرة قديمة ولكنها تزداد بين الحين والآخر تبعا للمتغيرات التى طرأت على المجتمع ، مشيرا إلى أنها تعتبر خللا كبيرا وأن طريق إصلاحه طويل، يبدأ من تغيير النظام السياسى القائم لسياسته الإعلامية التى لا تقوم بتوعية الناس بخطورة انتشار الأمراض الاجتماعية التى أصابت المجتمع المصرى، مثل ظاهرة أطفال الشوارع وأبنائهم الذين يتحولون إلى سلع تباع وتشترى.