لكي لا نختبئ خلف إصبعنا, ولكي نكون على قدر من المسؤولية في مواضيع أصبحت متفشية في المجتمع العربي، ويظن هذا المجتمع أنها تخدش حيائه …
فالمجتمع العربي يعمل دائما على أساس عدم نشر أي من الغسيل الوسخ ، ومع أنه يعرف بأن غسيله الوسخ بكامل ألوانه الطبيعية وغير الطبيعية, منشورة على كامل الصفحات في كل مكان. فهو لا يبحث في الأسباب التي تؤدي إلى توسيخ الغسيل, أو كيفية تنظيف هذا الغسيل في حال احتاج إلى تنظيف, أو علاج المشكلة, فقط يضع رأسه في التراب مثل النعام وكأنه لا يعرف …
لذلك سنتحدث عن ظاهرة نفسية سلوكية اجتماعية حديثة في مجتمعنا العربي..
الجنس عن طريق الانترنت أو الجنس الالكتروني, ابتدأت هذه الظاهرة مع بداية الإنترنت, وهي الآن متفشية في المجتمع العربي وباقي المجتمعات بشكل كبير..
و الجنس الإلكتروني, ” إذا صح التعبير ” : هو الكلام الجنسي بين طرفين اثنين, والقيام بأفعال جنسية متخيلة ترضي متطلبات العامة للجسم وحاجاته الجنسية, ولو بشكل بسيط ومتخيل, ولكنه كافٍ بحال عدم توفر الشريك ..
وهو يبدأ من الكلام الجنسي في الدردشة, وينتهي بالكلام وإيحاءات الصوت والصورة…
قبل أن نتساءل عن إيجابيات أو سلبيات هذه الظاهرة, سنبحث في الأسباب التي سببت هذه الظاهرة ودعت الشباب إلى التوجه لهذا النوع من الجنس ” إذا صح التعبير أيضاً “.
السبب الأساسي لهذه الظاهرة هو الكبت الذي يعاني منه الإنسان العربي, وعدم قدرته على المسير في الطريق الطبيعي، لذلك سيختار ” الطرق البديلة ” …
الهدف الرئيسي والطرق البديلة:
إن الهدف الأساسي والرئيسي والذي يسعى إليه الإنسان أو الكائن الحي بشكل عام, هو الوصول لإشباع مجموعة من الحاجات, والتي في حال تم إشباعها ستوفر له ” التوازن البدني والنفسي ”
– الطرق البديلة: هي الطرق التي تستخدم بدلاً من الطرق الطبيعية , في حال وجود عائق فكري أو ديني أو مجتمعي أو عادات وتقاليد ..
فالإنسان من لحظة ولادته يمارس حاجاته, مثل الحاجات الجسمية أو البيولوجية, وهي تكون في المراحل الأولى مثل الحاجة إلى الماء والهواء والغذاء. وعندما يكبر الإنسان يحتاج إلى أمور آخرة وهي الحاجات النفسية …
ولولا إشباع هذه الحاجات والرغبات لما بقي الإنسان إنساناً أو طبيعياً كما نكتب عنه اليوم, والإنسان الطبيعي الآن, أو التصرفات الطبيعة للإنسان هي نتاج لإشباع حاجاته في ما مضى. والحاجة التي لم تشبع تخلق نوعاً من التوتر يدفع الكائن الحي إلى المبادرة بالعمل على إشباعها مما يؤدي إلى خفض التوتر وتخفيف حدة المثير المستبعد ..
وعند النقص في الإشباع، أي حاجة ستتسبب بأمراض نفسية أو أمراض فيزيولوجية. فمثلاً عن نقص في إشباع الحاجة الجنسية الطبيعية, وعلى فترات طويلة سينتج عدة عوامل, وسيصبح الإنسان تحت ضغط وتوتر شديدين, ومن الممكن أن يسبب أمراضاً نفسية مثل الكبت، وبالتالي سيبحث عن الحلول متاحة, ولو بطريقة غير طبيعة. طالما أن الحلول الطبيعة غير متاحة. وبالتالي سيتحول إلى حلول بديلة, وسيختار الحل الأسهل والأيسر والذي لا يتعارض مع معتقدات الفرد بشكل مباشر..
إذاً وبعد هذا الكلام النفسي الطويل والعريض, إن السبب الأساسي لهذه الظاهرة هي الكبت الذي يعيشه الإنسان العربي، الذي له عدة أسباب ستشرح في المقال القادم …
إذاً الجنس الإلكتروني هو من الطرق البديلة, والمتوفرة بشكل سهل جداً وجذاب جداَ لإشباع الرغبات وتحقيق توازن نفسي وبدني .. والمغريات التي يقدمها الإنترنت دون سواه كثيرة. والجنس على الإنترنت أو الدردشة بالأخص تعتمد على التنبيه من خلال إثارة الخيال والتخيلات الجنسية, ولكن بصورة مزدوجة, وليست فردية كما في الوضع الطبيعي. ومن المغريات الأخرى في الجنس الالكتروني :
1. الجنس الإلكتروني هو متنفس للكبت الجنسي الذي يصيب الشارع العربي , وطريق للترويح عن النفس.
2. هو الطريق الأسهل والأكثر إغراء والأقل كلفة اقتصادياً ..
3. إمكانية الدخول بأسماء مستعارة وإلغاء الهوية الشخصية, والمستوى الاجتماعي لتحقيق المكنونات الداخلية ومتطلبات الجسم التي لا تعبأ بالمستوى الاجتماعي..
4. إمكانية تحقيق المطلوب والمتمنى من العملية الجنسية, ولو بشكل متخيل بسبب وجود عدد لا متناهٍ من الخيارات المطروحة على الإنترنت…
5. القفز على القوانين البيئة والعادات الاجتماعية المتوارثة, وإمكانية تحقيق هذه المتطلبات, دون نقض أي قانون ديني أو وضعي أو اجتماعي, نظراً لعدم تطور القوانين والقيود لهذه الدرجة.
وهناك بعض الأسباب والمغريات الأخرى والتي تجعل من الأشخاص المتزوجين يمارسون الجنس عن طريق الإنترنت :
فيكون السبب الأول على الأغلب, قلة اهتمام الطّرف الأول بالطرف الثاني, مما يدفع هذا الأخير للبحث عن المتنفس سهل والذي لا يؤدي إلى الخيانة الزوجية بالتعبير التقليدي, وإنما ممكن بالتعبير الإلكتروني . وهناك بعض الأسباب الأخرى …
( إن الذين يدمنون العلاقات الجنسية الافتراضية دون سبب موضوعي , يزيحون الستار عن رغبات دفينة تبحث عن مناخ خصب للإعلان عن نفسها, مثل الرغبة في إقامة علاقة جنسية موازية لعلاقة الزواج المستقرة .. يستعطون من خلالها تفعيل الجانب البذيء الكامن داخلهم, والذي يجدون صعوبة بالغة في معايشته مع شركائهم حفاظاً على هيبتهم ومظهرهم الأنيق معهم, وخوفاً من سوء الفهم, أو فقدان الاحترام، إذا رأوا سلوكاً جنسياً غير تقليدي أو تبادلوا ألفاظاً بذيئة في علاقتهم الخاصة, أو عدم التعامل بطريقة مهذبة في الحياة العادية, فيقضون ممارسة الجنس التقليدي مع الأزواج بينما يمارسون كل الأشكال الجنسية الأخرى مع شريك آخر لا يرتبطون معه بصلة مباشرة) ..( من مقال على الإنترنت)
إذاً الجنس الإلكتروني إن كان مستهجناً أو لم يكن, وإن كان معروفاً للبعض أو لا. إن كان البعض يعتبره ظاهرة عابرة أو لا. هو موجود بكثرة و هو رد فعل طبيعي لمجتمع مصاب بالكبت الجنسي ويبحث عن متنفس ولو على صعيد الخيال …