“يبدو أولئك الذين يفكرون لأنفسهم بمظهر المتعالين الراضين عن ذواتهم، لأنه يتعذر عليهم أن يكونوا غير راضين، أو أن يكونوا من الضالين العابثين، لأنهم يحطموا الأصنام” … هكذا وسم أرنست دمنيه أصحاب الفكر المتميز وهكذا ظن الأخوان المسلمون ? خطأً – أنفسهم حيث لم يكونوا من ندرة الذكاء والنزاهة في عصر الصراع السياسي اللاخلقي ، وحيث عجزوا عن التخلي عن نظرة الاستعلاء التي أوردتهم المهالك في الوقت الذي لم يكونوا فيه لأصنام السياسة محطمين.
يبدو هذا التناقض جليًا في موقفهم من الاستفتاء على دستور 2014 حيث اتخذوا موقفًا مقاطعًا له، بينما كانوا يهاجمون مقاطعي الاستفتاء على دستور 2012 وحجتهم في ذلك كانت أنهم لو كانوا على حق فليهبوا إلى الصناديق ويثبتوا وزن كتلتهم التصويتية – وهو ما أراه صوابًا – .
في الواقع أن الجدل الدائر عبر وسائل الإعلام وإن كان تكريسًا لبثّ روح التفرّق في صفوف مختلف الفرقاء إلا أن جذور الأزمة قد تشابكت واعانت بعضها بعضا كنتاج لسلوك النخبة السياسية من هنا وهناك .
كيف يمكنني أن أثق بعد اليوم فيكم أو في سواكم والتناقض وسمكم وشعاركم ؟؟ شيزوفرينيا لا يؤلمني أن ألحظها في سلوك الساسة بقدر ما يؤلمني أنها تتخذ من جموع الشعب وقودًا تقتات به لتحقق أهداف النخب المتسلقة على أكتاف الديمقراطية حينا وعلى الدين أحيانًا .
هل بات هذا الوطن المكلوم في أخلاقه مرتعًا لأصحاب الضمائر المعيبة ؟؟ أم أن ثقافة اللاوعي والهذيان بين التمجيد والتطبيل صارت سمةً لا يمكن أن تفارقنا ؟؟
يستغل هؤلاء وغيرهم ممن وجدوا في أتباعهم طاعةً عمياء، ميل المواطن لهذه الأيديولوجيا أو تلك حيث تعدّ شخصية المصري شخصية عاطفية تقوم على الفعل و رد الفعل، وهذا ما يسهل عليهم توجيهها، علاوةً على أن هذه الشخصية العاطفية تحب إلي درجة الجنون والتضحية بذاتها في سبيل محبوبها سواء أكان ذلك مبادئ أم أشخاص يستغلوا ذلك في تجنيدها لتحقيق مساعيهم السياسية، وهنا مكمن الحقيقة والخطر في آنٍ واحد.
هكذا تستمر سلسلة سقوط آخر ورقات التوت التي تميّز الفترة الحالية في تاريخ الجماعة، ومنظّريها، ولا أدري أهي البلاهة أم التعالي أم أن الله أبى إلا أن لا يتركهم لغيهم وأوجب فضحهم بفاعلهم فأضلّ أعمالهم ……
عصام الكحلوت