ماذا يحدث لو ؟ هذا النوع من الأسئلة كنت دوما أعتبره من أغبي الأسئلة عندما كان يأتي في امتحان التاريخ و من الأمثلة علي هذا السؤال مثلا ماذا يحدث لو لم يكتشف شامبليون حجر رشيد و كانت الإجابة الإجبارية المكتوبة في كتاب المدرسة هي إننا ما كنا عرفنا فك رموز اللغة الهيلوغريفية التي فكها شامبليون و لكن لهذا السؤال عشرات الإجابات و الاحتمالات الاخري
والتي من حق الطالب أن يبدعها فربما يكتشف حجر الرشيد شخص آخر و يفك الرموز شخص آخر و ربما ما كان هذا الشخص ليسرق الحجر و يذهب به إلي فرنسا مثل ما فعل شامبليون!! و قـد يكون السؤال غبيا إذا تحدثنا عن الماضي و لكني أتصوره في منتهي الذكاء إذا نظرنا للمستقبل فمثلا ماذا سيحدث لو تم خصخصة التأمين الصحي في مصر ؟
ولمن لا يعرف قيمة هذه المؤسسة العلاجية القومية التي وضعتها الحكومة في خطة الخصخصة و ذلك من خلال قرار وزاري صدر في مارس الماضي يمكن أن أسرد بعض المعلومات القليلة عن التأمين الصحي من خلال موقع وزارة الصحة
1 صدر قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة رقم 1209 لسنة 1964 في شأن إنشاء الهيئة العامة للتامين الصحي وفروعها للعاملين في الحكومة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة
2 وفقا للمادة رقم 17 من الدستور المصري التي نصت علي أن ” تكفل الدولة خدمات التأمين الصحي … للمواطنين جميعا وذلك وفقا للقانون. ( و هذه المادة لم تتغير في التعديلات الأخيرة )
لذا فقد تعددت أنشطه الهيئة وأصبحت تشمل الفئات التالية : –
القوي العاملة في كل من القطاع الحكومي والعام والخاص وفقا لقانون رقم 79 لسنة 1975 وكذا القانون رقم 32 لسنة 1975 الذي يقتصر تطبيقه علي العاملين في القطاع الحكومي. · طلاب المدارس وفقا للقانون رقم 99 سنة 1992.
المواليد والأطفال وفقا للقرار الوزاري رقم 380 لسنة 1997
أن الأصل فى أموال التأمين الصحى أنها أموال تخص المشتركين والمنتفعين وأن دور هيئة التأمين الصحى تنظيم الخدمة فقط وهذا يعنى أن التأمين الصحى ملكية خاصة بدليل عدم تمكن أى شخص حتى لو كان رئيس الوزراء أن يستفيد من العلاج بالتأمين إلا لو كان مشتركا.. وبالتالى فإن التعامل مع هذه الأموال الخاصة معاملة خصخصة الملكية العامة بالتأجير والإستثمار والأرباح والخصخصة يعد مخالفا..
فما هو المال وقد نشرت الصحف أن مكافآت رئيس هيئة التأمين الصحى الحالى
(2007) تصل إلى 180 ألف جنيه كل ثلاث شهور أى 60 ألف جنيه شهريا
( الاحرار 4/9/2007 ) .. فماذا بعد تحويل الهيئة إلى شركة قابضة تحقق أرباح دون اكتراث بأصحاب الأموال وحقيقة ملكيتهم؟!..
ولذا لم يكن عجيبا أن تتوه الحقيقة ويتم إعلان أرقام عن خسائر التأمين الصحى فى الوقت الحالى وفقا لتصريحات رئيس الهيئة الحالى( والذى يتقاضى 60 ألف جنيه مكافأت شهرية لا يعرف أحد كيف يحصل عليها إذا كانت الهيئة تخسر !!) بينما يعلن الرئيس السابق للهيئة من تحقيق خسائر فالدكتور سعيد راتب والذى يراه حاتم الجبلى إنه( معجزة!!) ذكر فى مواجهة بجريدة الإقتصادية( 17/6/2007 ) أن الهيئة تكبدت خسائر 600 مليون جنيه ( ستمائة مليون جنيه ) العام الماضى فقط بينما فجر د. حسن عبد الفتاح رئيس الهيئة السابق مفاجأة من العيار الثقيل بقوله أن ميزانية التأمين الصحى فى 2004 أظهرت فائضا قدره ( 12 مليون جنيه ) زادت إلى 15 مليون جنيه عام 2005 وأكد أن حصيلة الإيرادات العامة الواردة من هيئة التأمينات الإجتماعية إلى التأمين الصحى( وهو قول يؤكد أن هيئة التأمين الصحى ليست هى التى تحصل الإشتراكات حتى تبرر حجة الخصخصة بفصل التمويل عن الخدمة) إرتفعت حصيلتها إلى 7.249 مليون جنيه 2004/2005 بعد أن كانت 6.175 مليون جنيه عام 99/2000 وأن هناك فائضا مرحلا من علاج الطلاب فى التأمين قدر بـ 2.1 مليار جنيه عام 2005 .. وبناء على هذا أشار د. حسن عبد الفتاح والذى عمل رئيسا لهيئة التأمين الصحى أن المشكلة ليست مالية كما تدعى الحكومة بل هى مشكلة تمكن فى تحسين الجودة ولم يكن بالضرورة أن تتحول الهيئة إلى شركة قابضة وكان الأفضل إعداد برنامج جودة تتفادى به عدم رضا المؤمن عليهم صحيا إلى أصول الدولة التى تتعرض للبيع مستقبلا؟!. وكيف نعالج مريض تأمين صحى فى مؤسسة تجارية لا تهدف سوى الربح وهو ما يعد خصخصة صريحه مهما أنكر رئيس الحكومة؟.
ويوضح رئيس الهيئة السابق أن النظام الجديد سيمدد إشتراكا فى شكل شرائح للمؤمن عليه نحو 15 جنيها وآخر بـ20 جنيها إلى أن يصل إلى 120 جنيها للفرد.. كما أن المشترك لن يسدد عن نفسه فقط بل عن من يعولهم ليسدد رب الأسرة 60 جنيها كمتوسط لأربعة أفراد فى الشهر فى الوقت الذى كان يسدد 60 جنيها سنويا وليس شهريا.. وتساءل.. لماذا لم تأخذ الحكومة ذلك فى الإعتبار معربا عن إعتراضه على ذلك القرار مستمرا على زمن قضاه فى مجال الرعاية الصحية المبنية على تأمين صحى وإجتماعى وتكافلى فى عصر الزعيم جمال عبد الناصر مؤكدا خطورة إهدار هذه المكتسبات بقرارات تجارية لا تهدف سوى لربح شركات إستثمارية تحول الخدمة الصحية إلى مجرد سلعة تباع وتشترى دون النظر إلى مصلحة المريض.
أو كما يقول د. عبد المنعم عيد عضو لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة أن وزير الصحة يعرض لقانونه الجديد الذى سيجى عن طريقة 37 مليار جنيه من المؤمن عليهم ليوزعها على الشركات الخاصة بعد ما يتم تحويل الهيئة إلى صندوق لجمع الإشتراكات(!!)..
ويبدوا أن أزمة القيادات تعد جزءا أساسيا من الأزمة وكما أوضح الزميل أسامه داود نموذج بجريدة العربى(19/8/2007 ) بأن التأمين الصحى الذى يديره د. سعيد راتب بدأ بإلغاء الأنسولين الأقلام الذى سبق أن قررته الوزارة للأطفال وأشرطة إختبارات السكر ليوفر من دماء الأطفال الذين يحتاجون لإجراء إختبار السكر بمعدلات من 3 إلى 6 مرات يوميا بينما ترتبط حياتهم بالأنسولين وبعدد مرات تصل إلى 5 مرات يوميا أو أكثر.. ومن المعروف أن الإهمال فى علاج سكر الأطفال ينقلهم إلى مراحل مرضية أكثر خطورة منها الفشل القلبى والكلوى وضمور الأطراف وفقد البصر.. فلصالح من يا وزير الصحة ـ حاتم الجبلى ـ يتحرك التأمين الصحى ضد المواطن الغلبان؟!
.. حسبنا الله ونعم الوكيل..
أن هذا القانون كما وصفته ـ الجبهة الوطنية ـ بأنه قانون سىء السمعة.. كما أنه لا يستنع إلى صوت المعارضين وتجدر الإشارة إلى إعفاء د. محمد حسن خليل إستشارى القلب من رئاسة قسم القلب بمستشفى مدينة نصر للتأمين الصحى لإعتراضه على خصخصة العلاج ورفضه إنشاء الشركة القابضة لرعاية الصحية والمساس بحقوق المنتفعين.. وبعد أن فجرت جريدة الاهالى هذا الخبر أو هذه الفضيحة جاء الرد الهزيل من المتحدث الرسمى أو المتحكم الرسمى فى وزارة الصحة عبد الرحمن شاهين أنه لا يعرف هذا الطبيب وكأن المشكلة فى معرفة سعادته به من عدمه!!
كما يلاحظ إعلان وزير الصحة عن ضم مستشفيات جراحات اليوم الواحد للشركة القابضة للتأمين الصحى دون الإشارة إلى أن صاحب فضل إنشاء هذه المستشفيات المتميزة هو د. إسماعيل سلام وأنها جاءت لخدمة الواطن العادى وشملت أحياء شعبية مثل المرج والساحل وغيرها .
وأخيرا فإن هناك حلول لمشكلة التأمين الصحى بعيدا عن سياسة الجباية وقهر المواطن وتهديد المريض بالحبس.. وأهمها عمل برنامج لتحسين الجودة أو كما إقترح د. على النويجى يمكن عمل برنامج يقوم على مرتكزات:
1ـ الإحتفاظ بهيكل التأمين الصحى الراهن مع تطويره وعدم الإنسياق وراء الشعارات البراقة وأحلام غير واقعية تتستر خلفها الحكومة من أجل خصخصة العلاج فى مصر.
2ـ إنهاء سياسة التعاقد مع الأطباء والأخصائيين والعودة إلى سياسة التوظيف الدائم مع تفرغهم تماما للعمل التأمين والعودة إلى إرسال بعثات داخلية وخارجية لأطباء التأمين لضمان المتخصصين اللازمين للتأمين وإنهاء سياسة التعاقد مع المعامل ومراكز الأشعة التشخيصية وتوفيرها فى عيادات التأمين.
3ـ توظيف مزيد من الأطباء فى التأمين مما يوفر خدمة طبية معقولة فى كافة التخصصات بحيث يقوم الطبيب بفحص عدد لا يتعدى عشرة أفراد .
4ـ إعداد العيادات الخارجية بالغرف المناسبة لفحص المرض وتوفير المعامل بها وتوفير أجهزة الأشعة التشخيصية.
5ـ إصدار مجموعة من البروتوكولات تحدد كيفية إجراء كل الخدمات الطبية التى يقوم بها أطباء التأمين الصحى.
6ـ الإهتمام بالتسجيل الطبى الذى لا يلقى أى عناية ولا يعتبر حتى من كماليات المعالجة الطبية مع أن التسجيل الطبى الدقيق يمكن أن يؤدى إلى إكتشاف خطأ الطبيب أو عدم جدوى الدواء المستعمل وبعد هذ يمكن النظر فى تكلفة العلاج وكيفية الوفاء به من كافة المصادر ومنها المؤمن عليه نفسه على أن يقتصر تحويل المشترك فى التأمين على أداء الإشتراك وعدم تحصيل أى مبالغ أخرى فى مقابل خدمات.
أن الحلول موجودة ولكنها تطلب وزير صاحب قرار وليس وزير “بيزنس ” كما تطلب وزير إنسان وليس وزير لا يراعى البعد الإنسانى وهى أمور لا تجدها فى وزير سوى من عينة د. إسماعيل سلام الذى وضع نصب عينيه رعاية المرضى الفقراء..