هجوم جديد يتعرض له شبابنا هذه الأيام من خلال مئات الأغانى الإباحية التى تعرضهاعشرات القنوات الفضائية المصرية وغير المصرية وأحياناً تتسلل لبعض القنوات الأرضية مما سهل على الشباب رؤيتها وفتحت أبواب أسواق الكاسيت للاستماع إليها. وبعض هذه الأغانى الأجنبية بدون أن تحتوى على ما نشاهده الآن من كم العرى والخروج على الآداب في الصورة والكلمات أدت عام1997 للظاهرة التى عرفت باسم ( عبدة الشيطان).
فكيف سيكون الحال في ظل الهجوم الراقص الجديد.. وهوس بعض الشباب بالاستجابة إليه.. وفى هذا التحقيق تحاول الرأى الحردق ناقوس الخطر للتنبيه إلى هذا الهجوم بكل ما يحمله من مساحات فراغ طويلة..
ولأن الشباب هم أصحاب القضية فقد إستمعنا لآرائهم المؤيدة والمعارضة لهذا الهجوم في البداية.. يقول محمد يوسف ــ كلية التجارة: الاغنية العربية تنهار وصارت مملة ومكررة ومطربوها لم يعد لهم هدف سوي البحث عن موضات لشكلهم لاعتقادهم الساذج بأن هذا هو التجديد وكأن شكل الأغنية صار هو الأساس ونسوا الجوهر. وهذا الملل دفع البعض لمتابعة الأغانى الأجنبية بالرغم من مخالفتها لأخلاقنا وقيمنا لكن توافرها على الفضائيات سهل انتشارها.
وتضيف عبير رجب ــ آداب انجليزى ــ قائلة: الموسيقى الغربية كلها حيوية ورشاقة وتنوع والمطربون العرب يتكالبون على سرقتها فلماذا لانستمع للأصل المنفذ بتكنيك عال فى الإخراج والصورة. مادامت المسألة تسلية فلنشاهد الأفضل ثم أن القنوات التى تبثه مصرية وعربية بما يعنى أن عرضه مقبول.
ويقول عمر طالب بكلية الحقوق: الموضوع كله ليس سوى مشاهد مكشوفة والأغانى الأجنبية لاتختلف كثيراً عن الأغانى العربية مثل أغانى أليسا ونانسى عجرم .
ويضيف عمر بعدا آخر للقضية بقوله: أنا لا أملك( دش) فى البيت لكنى أشاهد هذه القنوات فى المقاهى التى تعتبرها وسيلة جذب رهيبة للشباب الذى يهتم بمتابعة هذه الأغانى فكلما توقف بثها فى قناة أنتقل لأخرى.
أما وسام حسين ــ كلية الاعلام فيقول: الشباب الذى يعانى من البطالة ووقت الفراغ لابد أن يضيع وقته بالجلوس فى المقاهى التى لاتبث إلا القنوات الفضائية المليئة بالإباحية وهذه الأغانى دعوة صريحة للانحراف تقدم لشباب مراهق أو محروم يجد فيها متنفساً عن مشاعره المكبوتة.
ويقول علاء أبو الفضل ــ دبلوم تجارة: توافر( الدش) فى كل مكان هو الذى ساهم فى اطلاعنا على هذه الصور فالأغانى الأجنبية وإن كنا لانفهم كلماتها الا أن الحانها وصورها جميلة. ومعظم القنوات التي تعرضها تبثها بناء علي اتصالاتنا أنا واصدقائي فنحن نعرف كود الاغنية التي نحبها ونتصل لنطلب عرضها لكننا لانتابعها في المنزل لوجود شقيقات لنا نرفض ان يشاهدنها فنتابعها في المقاهي.
وتقول شيماء منصور ـــ الجامعة الامريكية ــ هذا فرع من ابتزاز الشباب باللعب علي أوتار غرائزهم فهذه القنوات منحطة وضد كل قيم الاخلاق والفضيلة وما تقدمه أغان سيئة السمعة. وهذا ليس غزوا أجنبيا لكنها خطة منظمة لتدمير قيمنا بتحويل هذه الاشكال المشينة إلي قدوة لشبابنا.
ــ ويقول اشرف عامر ــ مهندس: الاحصائيات في مصر تؤكد ان متوسط سن الزواج ارتفع لدي الشباب لما بعد الثلاثين وتقريبا الفتيات بالمثل ويوجد حوالي تسعة ملايين شاب وفتاة فوق الثلاثين بلا زواج وبدلا من أن نقدم لهم الحل لمشكلاتهم نثيرهم ونستفز حواسهم بلا رحمة أو شفقة سواء أكان ذلك مقصودا أم غير مقصود.
ثم ان اولادنا عندما يعتادون منذ صغرهم علي هذه المناظر فكيف احدثهم عن الاخلاق والسلوكيات السليمة. المسألة خطيرة وتحتاج لوقفة.
مسئول إعلامي في إحدي شركات انتاج الأغاني يتناول الأمر بوجهة نظر أخري فيقول:
معظم الفضائيات الغنائية العربية غير قادرة علي انتاج اغان عربية فتعرض المتاح عبر الاقمار الصناعية العربية التي لاتمانع بعض الاسر المصرية في متابعة اولادها لها بكل حرية عكس الاقمار الاجنبية وبذا تشرع هذه الاقمار العربية مشاهدة الممنوع فما قدم علي شاشات هذه المحطات خلال العامين الأخيرين ليس إلا أغان اباحية والهدف منها تجاري بحت. ووزارة الاعلام المصرية لاتستطيع منع هذه القنوات لانها تروج للقمر الصناعي المصري.
والخطر يكمن في ان تعتاد العين هذه المناظر الخارجة وتتحول لجزء من قيم وسلوكيات شبابنا.. خاصة ان ولع بعضهم بهذه النوعية من الاغاني يزداد ومن هنا تظهر الاسطوانات المهربة التي تحتوي علي مواد غنائية ممنوعة تنتجها شركات يهودية.
وهي شركات محددة الهدف وهو تدميرنا باغنياتها المحبذة علي نبذ الاديان والانطلاق نحو الاستمتاع بماديات الحياة وهذه الشركات كانت وراء كل البومات عبدة الشيطان في السابق. ومنذ عدة اشهر ضبطت الرقابة علي المصنفات عددا من البوماتها المهربة.
ويقول نور الدين فخري ــ موزع شرائط كاسيت ــ عن مدي رواج الاغنيات الغربية في سوق الكاسيت المصرية: منذ ثلاثة أعوام وهي تسير بمعدلات بطيئة برغم أن سعرها لم يكن يتجاوز الثمانية جنيهات الا أن عرضها المكثف في الفضائيات زاد من رواجها برغم ان ثمنها وصل لـ12 جنيها ومن يشتري مني هذه المجموعات شباب من14 إلي20 عاما وأكثر المطربين المطلوبين شاكيرا وجينيفر لوبيز وسيلين ديون وفريق أي شيءAnything وفريق بلو وفريق فايف والمطرب أمينم باغنيةrealslemshedy وافقد نفسك ـــloseyourself ونيللي باغنية دليماDelema. وشابي باغنيةitwosn’t;sexladyme. وفريق باك ستريت بويز وفريق لاي كاتشب صاحب الاغنية الشهيرةketshupsomg اغنية الكاتشب. الغريب فيمن يشترون مني ان عددا كبيرا منهم لايعرف كلمات الاغاني.
ويلفت خالد عايش ــ موزع البومات ــ النظر لنقطة أخري يقول: الاغاني الاجنبية لاتزور مثل العربية فجمهورها علي استعداد لان يدفع ثمنها المرتفع ليسمع الصوت نقيا لذا نجد أن اقبالهم علي الاسطوانات اكثر. فمعظم مستمعيها من أسر قادرة ماديا وغالبيتهم من خريجي المدارس الخاصة ومدارس اللغات.
ويتفق الشاعر الغنائي فوزي ابراهيم مع القول بهبوط اسهم الاغاني العربية لدي الشباب ويقول: الشباب لديهم حق في عدم متابعة الاغاني المصرية والعربية حاليا لانها في معظمها( رص كلام) علي مواكب موسيقية مسروقة من الاغاني الاجنبية مما حول هذه القوالب للبطل الحقيقي للاغنية اما الكلمات فضعف مستواها لابعبر عنا كعرب ومصريين وهذا هو دورنا كمؤلفين ان نعبر عن رجل الشارع نشعره اننا نغني بلسان حاله ليتواصل معنا. وهذا كان سر نجاح وتألق اغاني الجيل الجديد في الثمانينيات حيث أخذت الاطار العصري من الاغاني الاجنبية ووضعت داخله كلمات وألحانا تعبر عن الشباب فوقفوا وراءها وعندما هبط مستواها وزاد عدد خريجي مدارس اللغات والمدارس الخاصة اتجه الشباب ـ وهذا منطقي ـ للاغاني الغربية التي يفهمونها ككلمات في معظم الاحيان وكموسيقي وبصدق كلماتها مستواها اعلي من معظم الاغاني العربية التي تكتب حاليا والحل ان نكون حريصين علي أي موهبة مصرية تأتي بجملة لحنية او كلامية جديدة اما المطربون العرب المقلدون للغرب فقد بدأوا في السقوط فالشباب من المستعمين وجدوا الحل في مقاطعة اعمالهم مما ادي لكسادها مما سيجبر هؤلاء المطربين علي اعادة حساباتهم وهذا هو ا
لحل.. اما القنوات الخاصة سواء مصرية او عربية فنناشد ضمير القائمين عليها بضرورة المساهمة في المحافظة علي هويتنا ولا أملك غير ذلك حيث ان المطالبة بفرض مساحات اكبر من الرقابة غير مطلوب من المثقفين مهما اختلفنا مع مايقدم.
اما شيرين الحديدي ـ مديرة التسويق لاحدي القنوات الخاصة فتقول:
بدأت الشركات الاجنبية المنتجة للاغاني تغزو السوق المصرية وهي تقدم الفيديو كليب لاعمالها للقنوات التليفزيونية كهدية وتصدر اسطوانات والبومات علي مستوي جودة عالية وباسعار معقولة ومن هنا جاء انتشارها.. إلا ان الاغاني العربية مازالت الاقوي والاكثر سواء في الفضائيات او سوق الالبومات. ونحن كقناة نتعرض باستمرار كل ما هو جديد فما يأتي الينا نعرضه بعد عرضه علي لجنة من العاملين في القناة تعرض عليها الاغاني لنطمئن الي جودتها من ناحية الصناعة, وبالطبع هناك لقطات كثيرة تحذف لانها خارجة عن حدود اللياقة. والاقبال لدينا علي الاغاني العربية والاجنبية مرتفع والتليفزيون هو الذي يروج للكاسيت وليس العكس وتظل الموسيفي هي العامل المؤثر الاكبر بالرغم من ان شريحة آخر تستمتع بالمناظر اكثر من اي شيء لكننا نحذف الكثير منها حتي لا نفقد قطاعا اخر من الجمهور يرفضها ويرفض ان يتابعها اولاده فنحن نحاول ان نرضي الجميع وما يقدم لدينا بناء علي طلبات الجمهور واتصالاتهم الهاتفية. واعمار جمهورنا تتراوح بين14 و35 سنة ونجومهم المفضلون هم انريكو اجلاسيوس وريكي مارتن وامينم ومادونا وفيفتي سينت وفريق بلو وشاكيرا.
وتقول منسقة اغان بقناة مصرية فضائية: اتجهت لعرض الاغاني الاجنبية بكثافة مؤخرا: هذه القنوات تجارية واذا لم نملك عناصر الجذب للجمهور فسيبتعد عنا ويتابع غيرنا وقد لاحظنا ان القنوات التي تبث هذه الاغاني صارت الاعلي في نسبة المشاهدين لها فاتجهنا لعرضها.. وليس صحيحا مايقال عن وجود رقابة فهذه اغنية اي حذف فيها يخل باللحن لكن هناك اغاني لاتصلح للعرض من الاساس فلا تعرض.
ومن وجهة نظر اعلامية يقول دكتور كمال القاضي ـ استاذ الاعلام بجامعة حلوان ـ هذا مظهر من مظاهر الغزو الثقافي الذي يؤدي لتغيير العادات والتقاليد والسلوك وانماط الحياة تدريجيا لاسيما الاغاني التي تقوم بعملية استهواء للشباب عن طريق الموسيقي فالشباب يرقص علي الاغاني ولا يعرف معناها كنوع من التفاعل مع الايقاع السريع. والرقابة المنزلية علي هذه القنوات معدومة لانها تبث علي اقمار عربية وهنا لابد ان تأتي الرقابة من وزارة الاعلام عن طريق جهاز رقابي يتعلق بكل ماهو اخلاقي مما يحد من انتشار هذه المشكلة بالاضافة الي ضرورة الوجود الاعلامي المصري المتميز ليصمد امام المنافسة الاعلامية الشديدة وهذا يحتاج لخطة يضعها متخصصون وليس هواة ويكون هدفها وطنيا مخلصا وليس ربحيا فالاغنية سلاح فتاك اقوي من المدفع والقنبلة وهي اقوي من الافلام التي لا تشاهد إلامرة او اثنتين لكن الاغنية تشاهد اكثر من ألف مرة.. وهذا مايقال دس السم في العسل
أما الدكتورة زبيدة عطا ـ عميدة كلية الاداب بجامعة حلوان ـ فتعلق بقولها: هذه منظومة صهيونية لتدمير شبابنا والاغاني جزء منها لخلط الاوراق القيمية لدي اولادنا وهنا يأتي دور المنزل فهو الاساس لتحديد طريقة حماية الابناء ببث القيم السليمة فيهم منذ الصغر فتتحول لدرع واقية من الانحراف الذي يغرقنا في ظل سماء مفتوحة لانستطيع التحكم فيما تبثه ولا مجال للسيطرة عليه الا بالتنشئة الدينية وتنمية الذوق والاعلام المصري المضاد القوي والجذاب والنشط ليحمي ابناءه من محترفي اللعب علي غرائز الشباب المراهق الذي يحاول تقليد كل ما يشاهده باستمرار.. وهذه الاستمرارية في العرض والتكرار تعطي احساسا بانها عادية وان هذا هو الواقع ووصول هذه الاحاسيس للشباب جريمة فالفن النظيف لابد ان تكون له السيادة.. والقيم الراقية لابد ان نتمسك بها والقدوة الحسنة علينا ان نلقي عليها المزيد من الاضواء بدلا من الترويج لنماذج مشوهة اخلاقيا لاتعبر الا عن انحراف في منظومة القيم العالمية.
وتعلق الاستاذة سهيلة ابو الفرج ـ استاذ علم النفس ـ علي مسألة الاقتداء بهؤلاء المطربين بقولها: من يتابع هذه الاغاني تليفزيونيا إما شباب مراهق او محروم نتيجة وصوله لسن الزواج ولايملك الامكانات وبناء علي هذه الظروف يكون من السهل استمالتهم نفسيا لمتابعة هذه الاغاني التي تغذي السلوكيات المنحرفة في ظل الهشاشة النفسية الملموسة لدي بعض الشباب الذين نجد منهم من يتبني مظهر المطربين والممثلين وتدريجيا سيتبني سلوكياتهم التي يشاهدونها يوميا ألف مرة. ولن يكون مستغربا عودة ظواهر مثل عبدة الشيطان واتصور ان المؤامرة علي اولادنا امر لايقبل الشك ونجاحها حتي الان يدعوني لعدم التفاؤل في ظل سلبية المجتمع الذي عليه ان يستنفر كامل طاقاته للاحتفاظ بهويته وقيمه الخاصة.
ـ ويحذر الشيخ محمد حماد ـ امام مسجد السيدة زينب ـ الشباب من الانسياق وراء اهوائهم ويقول: التزموا بدينكم وابحثوا في سنة نبيكم حتي يفيض الله عليكم بكرمه فالشباب هبة من الله يسأل الانسان عنها يوم القيامة فنحن نريد من شبابنا ان يكونوا ملتزمين بدينهم بفضل حماية اسرهم لهم ومتابعة ما يشاهدونه او يسمعونه او يقرأونه ومعرفة من يصادقون.. فالبيت هو الاساس. واقول لمن يستوردون هذه الاغاني ويبثوها احذروا وتذكروا قول النبي صلي الله عليه وسلم من سن في الاسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلي يوم القيامة فكفاهم من هذه الاوزار وعليهم الاستماع بقلوبهم لقول الله تعالي ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا اولئك لهم عذاب مهين. صدق الله العظيم