الخبراء يؤكدون : المواطن المصرى يدفع فاتورة ثراء المنتفعين من الأزمات .. حكومة نظيف تؤكد إنجازاتها بـ” الأرقام ” .. لكن كوارث المصريين ومآسيهم لا تكذب
أصبحت معاناة الشعب المصرى الذى يعيش 52% منه على أقل من دولارين يومياً ، أى ما يقرب من 12 جنيه مصرى ، بالإضافة إلى 23% آخرين يعيشون تحت خط الفقر، وفقاً لإحصائيات البنك الدولى ، هى السمة التى تميز مصر.. لكن هذه الأرقام لم ترحم المصريين من أن يكونوا ضحية مستمرة لجشع المنتفعين من أزماتهم .
أشهر الأزمات التى تتضرر منها المصريون هى ارتفاع أسعار مواد البناء، خاصة فى ظل عدم ثبات أسعار الأسمنت والحديد ، والصراع بين المحتكرين والمنتجين المحليين ، وأخيراً المصدرين الأتراك . هذا كله نتج عنه آثار اجتماعية خطيرة تمثلت فى النقص الكبير فى الشقق السكنية المتاحة أمام الشباب الراغب فى الزواج ، الذين يبلغ عددهم 13.7 مليون شاب وفتاة، ما يقرب من 29% من تعداد السكان ، كما يقول الخبير الاقتصادى الدكتور سيد عليوة الذى أشار إلى أن هؤلاء الشباب يحتاجون ما يزيد عن 4 ملايين وحدة سكنية لتحل أزمتهم ، لكنه يرى أنه من الصعب توفير هذا العدد الكبير، فى ظل عدم إيجاد حلول جذرية لتلك الأزمة، مع عدم قدرة الدولة على ضبط أسعار مواد البناء.
“صحة المواطن هى الأخرى مهددة بسبب جشع مستغلى الأزمات” كما ترى الدكتورة رضوى الديب خبيرة التغذية ، وقالت : ” المواطن أصبح غير قادر الذهاب للطبيب عشان يوفر المصاريف ، وده السبب اللى خلى 9 ملايين مصرى عندهم فيروس سى ، مع إنه كان ممكن من البداية يكتشف المرض قبل أن يتفاقم ” .
وأضافت أن زيادة الأسعار المرتبطة بكل أزمة غيرت من العادات الغذائية للمصريين فهم يشترون أسوء أنواع الأغذية التى تسببت فى انتشار أمراض الأنيميا وفقر الدم، والعديد من أمراض “.
“شعور المصرين بالتعرض المستمر للاستغلال يخلق حالة من الاحتقان وهذا له انعكاسات على الجانبين الاجتماعى والأمنى” والكلام للدكتور محمود رزق الباحث بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، ويضيف ” نوعية الجرائم التى أصبحت الأكثر انتشاراً الآن هى القتل لأجل السرقة والاغتصاب ، رغم أن من يتعرضون لها أما أشخاص بسطاء لا يجد السارق معهم شيئا له قيمة، وضحايا الاغتصاب أصبحوا من الأطفال حتى العجائز، وكل هذا بسبب الظروف الاجتماعية السيئة التى يعيش فيها المصريون، فالشخص عندما يشعر أن المجتمع كله يتكاتف عليه لاستغلاله دون أن يراعى أحد ظروفه يتكون لديه عداء يدفعه لاستباحة قيامه بأى جريمة.
تصاعد الاحتجاجات الشعبية مؤخرا، خاصة فى قطاعات العمال والموظفين، لتصل إلى 10 آلاف اعتصام ، و1250 إضراباً خلال عام 2008 فقط ، اعتبرها رزق أنها أحد الدلائل على تزايد حالة الاحتقان التى وصل إليها المصريون، وأضاف “حالة الغضب الشعبى التى تصاعدت فى مصر منذ 2007 ومستمرة حتى الآن، تهدد بتكرار أحداث الشغب عام 1977، لكن هذه المرة سيكون الغضب الشعبى أشد فنحن مشرفون على أزمة عالمية ستجعل الظروف المعيشية للمواطن أكثر صعوبة، وهذا يستدعى أن تبحث الحكومة عن حلول حقيقية لوقف مص دم البسطاء”.
بعيداً عن الأزمات المتعلقة بالأسعار فالأمر وصل بالمواطن المصرى إلى أن أصبح مهدد بالإصابة بالجنون ، كما يقول النائب عبد الإله عبد الحميد عضو مجلس الشورى حيث قال: يجب أن نتذكر التحذير الذى صدر من لجنة الصحة بمجلس الشورى العام الماضى الذى لم يلتفت إليه أحد فهو يهدد بارتفاع نسبة الأمراض العقلية بين المصريين، بسبب الضغوط النفسية التى يتعرضون لها بعد الزيادة المستمرة فى الأسعار بشكل لا يتناسب مع مستوى الدخل ” .