الزراعة المصرية تنهار والحكومة لا تبالي ويشبه الفلاحون حالتهم الآن بسنوات القحط التي ضربت مصر في عصر سيدنا يوسف عليه السلام حيث انخفض سعر طن الأرز حاليا من 2400 جنيه إلي 800 جنيه فقط ولا يجد من يشتريه بسبب احتكار التصدير من قبل تجار بعينهم والذين يتم السماح لهم بالوفاء بالشروط وتبلغ تكلفة إنتاج الفدان من الأرز ما يقرب من 2500 جنيه من سولار وسماد وتقاوي وخدمة أرض ونقاوة ومبيدات وحصاد وغيرها ويبلغ عائد الفدان في ظل الأسعار الحالية 2400 جنيه بخلاف عمل الفلاح طوال العام.
وبخصوص محصول الذرة الذي يحل موسم حصاده هذه الأيام بلغ ثمن الإردب 80 جنيها وكان العام الماضي 240 جنيها وتبلغ تكلفة إنتاج فدان الذرة تقريبا ما يقرب من 2000 جنيه نظرا لكونه محصولا يحتاج عناية خاصة ويبلغ عائد الإنتاج منه 1500 جنيه تقريبا.
وبخصوص محصول القمح فإن سعر الإردب يبلغ حاليا 150 جنيها وكان ثمنه خلال الموسم الماضي 250 جنيها والموسم قبل الماضي 380 جنيها الأمر الذي يتسبب في خسائر فادحة للمزارعين وينذر بعدم الإقبال علي زراعة المحصول خلال شهرين مثلما حدث مع محصول القطن والذي انخفضت مساحته خلال الموسم الحالي إلي 290 ألف فدان بسبب انهيار أسعاره وعدم وجود مشترين له الأمر الذي يهدد الصناعة الوطنية ويعصف بسمعة المحصول في السوق العالمية.
الغريب أن الحكومة لا تنظر إلي الفلاحين والمزارعين ولا تستمع لشكواهم وتطلق مندوبها الذي يمثله بنك التنمية الزراعي لإلهاب ظهورهم بفوائد تصل إلي 17% وهم لا حول لهم ولا قوة طالما أن النجاح يقاس برضاء رجال الأعمال.
تركت حكومة رجال الأعمال الفلاحين يعانون ويلات سنوات القحط التي بدأت تعصف بهم داخل القري والنجوع وانشغلت الحكومة بتخفيف آثار الأزمة الاقتصادية العالمية علي رجال المال والأعمال وإزالة المضايقات التي تؤرقهم والعمل علي استمرار معدلات الأرباح التي يجنونها دون التأثر بالأزمة ولم تعبأ الحكومة بنتائج قراراتها علي الفلاحين والمزارعين وصغار التجار وغيرهم بقدر انشغالها بتحقيق أطماع رجال الأعمال وكبار التجار.
فشلت استغاثات المزارعين والفلاحين في شد انتباه الحكومة إلي الكارثة التي لحقت بهم في شتي نواحي الزراعة وفشلهم في تسويق محاصيلهم وضرب أسعارها بفعل فاعل لصالح فئة بعينها من كبار التجار وزاد الأمر سوءا حلول شهر رمضان وعيد الفطر وبداية الموسم الدراسي والتي دمرت ما تبقي للفلاح من أمل خاصة أنه يعاني حاليا من نتائج القرارات التي تخدم رجال الأعمال ويشعر بأن الحكومة الحالية لا تعنيها سوي شريحة بعينها خاصة أنها تخلو من خبراء الاقتصاد الزراعي لأول مرة في تاريخ الحكومات.
الأرض الزراعية معرضة للبوار بسبب عدم وجود عائد من زراعتها وعدم قدرة أصحابها علي توفير مستلزمات الإنتاج ورفض بنك التنمية منح القروض ومطالبته للفلاحين بضرورة التوقيع علي شيكات بيضاء والمحاصيل لا تجد من يشتريها وأسعارها تدهورت بمعدلات تصل إلي 70% في بعض الأنواع والمستأجرون تركوا الأرض لأصحابها ويحدث ذلك في ظل حالة من اليأس وتراجع الآمال وعدم المبالاة من جانب رجال الأعمال داخل الحكومة بحجة أن ما يحدث نتيجة طبيعية للاقتصاد الحر وتحرير التجارة في ظل الأزمة الاقتصادية، في حين أن هذه الأزمة لم تؤثر علي أسعار السلع والمنتجات من مستلزمات الإنتاج مثل أسعار الأسمدة الذي يبلغ متوسط ثمن الشيكارة 85 جنيها وثمن صفيحة السولار الذي لم يتراجع ويبلغ 24 جنيها، وارتفاع أسعار التقاوي والمبيدات وغيرها ولم تخفض الحكومة ضريبة الأطيان الزراعية ورسوم الجمعية الزراعية وتطهير الترع ورش الطرق رغم تحويلها إلي أسفلت ومقاومة الحشائش والقوارض وغيرها من الرسوم الذي يتحملها الفلاح.