أصبحت تذاكر قطارات السكة الحديد للوجهين البحري والقبلي الكابوس الذي «يعكنن» علي المواطنين فرحة الأعياد والمناسبات الرسمية في كل عام،
حيث يسيطر الزحام علي شبابيك التذاكر، بسبب سيطرة تجار السوق السوداء عليها والذين يقومون ببيعها بأضعاف ثمنها الأصلى مستغلين في ذلك انعدام الرقابة ورغبة المواطنين في قضاء إجازات الأعياد وسط أسرهم؛ لتصبح لوكاندات شارع كلوت بك، وميدان رمسيس بمنطقة وسط البلد الملاذ الأخير للراغبين في السفر، الأمر الذي أدي إلي زيادة سعر الواحدة منها بمقدار يصل إلي 80٪ زيادة على ثمنها الأصلي.
الغريب في الأمر أن الأزمة تتكرر بنفس الصورة خلال الأعياد والعطلات الرسمية كل عام، دون أن يسعي أى من المسئولين لحلها، ليبقي الركاب الخاسر الوحيد، الأمر الذي يضطر بعضهم لإلغاء سفره.
شهدت الأيام القليلة الماضية وفاة أحد المواطنين أثناء حجزه لتذكرة قطار وجه قبلي وسط الزحام الشديد من المواطنين الراغبين في السفر، مما أثار حفيظة المواطنين وجعلهم يقومون بما يشبه «المظاهرة» داخل محطة مصر، لعل وعسي أن يصل صوتهم إلي أحد المسئولين، والتي أكدوا خلالها علي أن تصريحات الدكتور «علي زين العابدين» وزير النقل بعيدة عن أرض الواقع ومجرد «فرقعة إعلامية»، بسبب استمرار استيلاء عدد من السماسرة علي التذاكر، الأمر الذي يثير العديد من الشكوك والتساؤلات حول من يقف وراء هذه المجموعة؟!
«الراى الحر» رصدت الأحوال في محطة مصر قبيل أيام من عيد الأضحي المبارك، حيث اكتفت إدارة المحطة بتعليق منشور بمواعيد منتهية تحدد أوقات حجز التذاكر، كان آخرها تحديد حجز يوم 6 نوفمبر القادم (وقفة عيد الأضحي) يوم 22 أكتوبر، في تمام الساعة الثامنة صباحاً، الغريب في الأمر أن التذاكر لم تصل إلي شبابيك الحجز لا في الصباح ولا المساء علي حد وصف الركاب، ووقف موظفو الحجز مكتوفي الأيدي أمام صيحات وصرخات المواطنين، وانتهي الأمر بالمواطنين في النهاية بالانصراف من المحطة والبحث عن وسيلة مواصلات أخري لعل وعسي أن يلحق بساعات العيد وسط أبنائه.
خلت منافذ البيع من الركاب والتذاكر في آن واحد، وتحول أصحاب الأكشاك المحيطة بأسوار المحطة إلى مناديب لبيع التذاكر (وأهو كله بثوابه) حيث ينكرون عودة أي منفعة لهم من وراء توصيل الراغبين في الشراء لتجار السوق السوداء، والحقيقة أنه تربطهم علاقات قوية، ويعمل هؤلاء التجار وسط منظومة عمل متكاملة، حيث يعتبرون أيام الأعياد والمناسبات موسم عملهم، لذلك أصبح يعمل معهم تجار تجزئة ومناديب وآخرون.
علي الصعيد الآخر يواصل ركاب الوجه البحري معاناتهم مع حجز التذاكر، حيث يقومون بحجزها قبل الموعد الذي يرغبون فيه بـ 15 يوماً كاملة في الأيام العادية، والكثير منهم لا يجدها، ولم تتخذ الجهات المسئولة أي إجراءات لضخ عدد إضافي من التذاكر خلال أيام عيد الأضحي.
أريد أن يأتي إلي هنا أحد المسئولين في هيئة السكك الحديد الذين لا يكفون عن التصريحات الوردية ويخرج لي تذكرة واحدة من خزينة المحطة، حيث أقف هنا قبل موعد حجز تذاكر يوم 6 نوفمبر بأكثر من ساعة كاملة، وعندما بدأ موظف الحجز عمله وجد عدداً كبيراً من الركاب يريدون حجز التذاكر فرد علينا بأسلوب مهذب وبكل هدوء «معلهش يا جماعة التذاكر خلصت»؛ هذا ما قاله «محمد صديق» موظف بإحدي شركات العقارات بالقاهرة، ومن أبناء محافظة المنيا.
وأضاف: قمت بالاتصال بأحد أصدقائى القاهريين وحكيت له ما حدث فطلب مني الانتظار لدقائق، بعدها أخبرني بأنه سلكلي تذكرة بقيمة 70 جنيهاً للدرجة الثانية، فطلبت منه تذكرة عودة فطلب مني الانتظار لمدة 3 أيام حتي تصل إليهم.
واتفق «عبدالرشيد محمد» مشرف عمال مع سابقه في عدم وجود تذاكر للسفر في المحطة، سألته عن الطريقة التي سوف يسافر بها فقال: مشوارنا قريب والميكروباص موجود وربنا يسترها في الطريق السريع لأن الجميع عائد إلي أهله معه المال والهدايا، «والبلطجية وقطاع الطرق ما بيرحموش». أنا هطلع أركب القطار ومش دافع واللي يحصل يحصل، كان ذلك هو رد فعل «سليمان عبدالمحسن» الأسواني عندما سألته: هل وجدت تذكرة، فأجاب بانفعال شديد (لا يا سيدي ملاقيتش ومش عاوز). عاودته السؤال عن كيفية سفره فأكد علي أنه سوف يقوم بركوب القطار وسوف يقوم بدفع نصف ثمن التذكرة فقط لأنه سوف يقف طوال الطريق. وأضاف (طالما هما مش عارفين يحلوها نحلهلهم إحنا).