إن مصر بلد كبير وعريق، وساحة كبيرة للمصريين بجميع أجناسهم وأطيافهم، معارضين وغير معارضين، ولولا مصر ما كنا نحن نعيش على أرضها الطيبة، ولقد خلقها الله لتكون حصناً منيعاً لنفسها وجيرانها. الأمن والأمان على أراضيها، ولذلك يقول الله سبحانه وتعالى فيها (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين). لماذا قال الله تعالى ذلك على هذا البلد الطيب؟ لأنه يعي ومدرك تماماً إن مصر ثابتة وبها الأمن والأمان إلى يوم الدين.
لكن للأسف الشديد والمخذي، ليس فقط ذلك. أبكي على حال مصر والمصريين وأني في أشد الحزن، كما لم أحزن من قبل ولم أرى الحزن في حياتي، إلاّ في هذه الأيام العصيبة. وأقولها بكل صدق.
إن ما يحدث في مصر ما هو إلاّ هرج ومرج (مع الاحترام لكل الشعب)، عندما تهدأ البلد وتبدأ تسير عجلة الحياة الطبيعية على مسار طريق الإصلاح الذي أفسد من قبل، ولو كانت عجلة التنمية بطيئة. لكن تتوقف فجأة، وتبدأ المظاهرات الواحدة تلو الأخرى، هنا وهناك. المطالب الفئوية، قطع الطرق، البلطجة.
يا مصريين يا أحبابي أنا معكم ومنكم، يعلم الله عندما أسمع بحادث هنا وهناك، أتألم مثل الطفل الذي فقد أمه وأصبح يتيماً، بلا حضن ولا حنان.
نعم.. لا شك إننا نريد أن نعيش في مستوى أفضل مما نحن نعيشه. لكن كيف؟ ونحن نتضارب في كل ركن من أركان البلد. ونريد مليون طلب في اليوم والساعة.
كيف، وأين العقل؟ مصر تحمل في جعبتها الكثير من الآلام والشكوى التي لا حصر لها، لكن كيف نريد لوطننا السلامة والتقدم، ونحن هكذا. أصبحنا نملك أمراض إنسانية غير مفهومة، تشبث بالرأي، فرض رأي. حمية جديدة ظهرت علينا، كيف نداويها.
أكرر مرة أخرى أنا مصري من طين هذا البلد، سوف أموت وأحيا على أرض هذا البلد.
أسأل كل أب وكل أم، عندما ينزل إبنكم أو بنتكم إلى الشارع. ما هي النصيحة الموجه إليه في هذا التوقيت بالذات. هل توجهوا إليه النصح والنصيحة بعدم إلقاء الحجارة هنا وهناك والتهجم على المؤسسات والدوائر الحكومية، في مصلحة من هذا كله؟ ليس هناك مصلحة. إنه تخريب لوطننا وأنفسنا، بل الوطن لا يستحق منا كل هذا وذاك. الوطن يريد أن يقف وينهض على قدميه ونحن معه حاملين آلامه وجروحاته وأنامله.
يجب علينا أيها المصريين وأنتم ووطنكم في محنة لا يعلمها إلاّ الله. ولأن تحل هذه المحنة وتخرج البلد من هذه العباءة السوداء التي لا تنير لنا إلاّ السواد الدامس. إلا بالتضحية ولو بالقليل.. كيف.. نعم كيف؟
الأمر في غاية السهولة، ولا يكلف منا الآخر إلاّ قليلاً من الضمير الإنساني من كل أطياف الشعب والتضحية بالقليل، ولا يستثنى أحداً من أحد. الرئيس، الوزير، المحافظ، رئيس الحي، الموظف، الأب في بيته، الأم في بيتها، المسؤول هنا وهناك.
لابد أن نضحي كلنا في سبيل هذا الوطن، كلاً على شاكله، وبقدر استطاعته.
ما بالكم يا ألترس أهلاوي، بورسعيدي، اسمعلاوي، اسكندراني، سويسي، زملكاوي، لماذا لم تتحدوا في شيءٍ من البناء. لابد يا ألترس أن يكون لكم هدف في وطنكم. أفيدوا واستفادوا على أرض الوطن حتى يعود النفع عليكم بالخير. (أكن لكم كل إحترام وتقدير)، لكن لابد لأهالي الألترس أن يوعوا ابنائهم ويشرحوا لهم (يعني إيه كلمة وطن).
يا مصريين عيشوا لمصر، حتي تعيش مصر لكم، حبوا وطنكم بإخلاص وتفاني بالعمل، بالتضحية.
هيا بنا إلى التعاون والحب والضمير والأخلاق العفيفة قبل العمل.
يا شباب أنتم عصب مصر، باستطاعتكم عمل المزيد لهذا البلد المجروح المتألم، كفى، البلد لو سقط سوف يسقط الجميع (واللعياذ بالله).
يحضرني قول لابن الجوزي وهو يقول : (يا من قد وهى شبابه، و امتلأ بالزلل كتابه، أما بلغك ان الجلود إذا استشهدت نطقت، اما علمت ان النار للعصاة خلقت، إنها لتحرق كل ما يُلقى فيها، فتذكر أن التوبة تحجب عنها، والدمعة تطفيها).
يا شباب أنتم سواعد هذا الوطن الذي هو في أشد الحاجه الملحة والمؤلمة التي تصبنا جميعاً بوعكة ادعو الله أن تزول في القريب العاجل على أيد شباب مصر أصحاب العزة والكرامة، هيا يا شباب مصر انهضوا من غفلتكم واصحوا على آمال تحيوا ويحيا بها وطنكم.
حماك الله يا مصر
بقلم: محمد شوارب
كاتب حر