بقلم الإعلامى : شاهرنورالدين
كثرت التساؤلات بالنقد للثوار فى هذه المرحلة الخطيرة التى تمر بها مصر محفوفة بالمحاذير لعدة إعتبارات، منها أن يخشى منتقِدُهم تصنيفه كعدوٍ للثورة أو حليفٍ للمجلس العسكرى أو حتى للتيارات الإسلامية الحاصلة على ثلثى البرلمان المنتخَب، غير أن السؤال عن أخطاء الثوار يبدو الآن .. فما الذى أدى لتباعدٍ فى المسافات بينهم وبين الشعب؟
ثمانية أخطاء وقع فيها الثوّار فكانت بمثابة ثغرات فى العلاقة بين قطاعات واسعة من المصريين وبين الثورة، أول هذه الأخطاء الإفراط فى الإعتصام بالتحرير، وغلق مداخل ومخارج الميدان مع كل إعتصام واسع، بما قد يحمله من توقفٍ للمرور وتعطيلٍ للمتاجر والشركات المحيطة بالميدان إلى استياءٍ بين مواطنين لا يحملون ضغينة تجاه الثورة أو شعاراتها، وإنما يختلفون فى الوسيلة ويرفضون قطع الطرق أياً كان المبرر، ويخشون تحوُّل أى اعتصام مفتوح إلى مناخ يحتمل الفوضى كما جرى فى الإعتصامات السابقة التى انتهت بعنف وشَهِدَت سقوط قتلى وجرحى .
الخطأ الثانى هو التمسك بالرأى لدرجة الإستبداد فى كثيرٍ من الأحيان، وعدم تقبل الآراء المخالفة الأخرى ، بدعوى أنها ضد الثورة وصادرة عن “فلول” أو “حزب كنبة”، وهو فعلٌ قد يمارسه الشباب بحسن نيةٍ إلا أن آثاره تبدو سلبية فهى توحى بأن من بين الثوار من يحتكر الثورية على نفسه فقط ، وينزعها عن آخرين لايقلو عنهم وطنية بعكس أيام الثورة الأولى التى كان النزول فيها حقاً للجميع .
ثالث الأخطاء التى قللت من رصيد الثوار الخروج عن السلمية فى عدة أسابيع ، منها جمعة تصحيح مسار الثورة فى 9 سبتمبر ، والتى انتهت بمحاولةٍ لإقتحام مديرية أمن الجيزة، وسفارتى السعودية وإسرائيل، واعتصام 8 يوليو الذى شَهِدَ تعذيب 2 ممن يُشتَبه فى كونهم بلطجية وربطهما بالحبال فى أشجار، واعتصام نوفمبر الذى أصر المشاركون فيه على قطع شارع مجلس الشعب ومنع د. كمال الجنزورى، رئيس الوزراء، من دخول مبنى الحكومة .
ويعد الخروج عن السلمية التى نتمناها واحداً من أهم العوامل التى خصمت من رصيد الثوار لدى الشارع الذى التحم بالميادين بعد 25 يناير لإدراكه حينها سلمية المشروع الثورى والإنتفاضة الشعبية ، وهو خطأٌ يرتبط بآخر، وهو عدم تنقية صفوف الثوار من عناصر مخرِّبة تدخل إلى الميدان ثم تمارس الفوضى، فتتصدر المشهد ويعلو صوتها وفعلها على العقلاء من الثوار، مما يترك إنطباعات سلبية فى ذهن المواطن تجاه المجموع .
أما خامس الأخطاء وهو من أهمهم فيتمثل فى التقليل من أهمية الانتخابات البرلمانية، وعدم التركيز عليها، بل والدعوة فى بعض الأحيان لمقاطعتها باعتبارها غير شرعية لإجرائها فى ظل سلطة العسكريين، وللإنصاف لم يقع كل شباب الثورة فى هذا الخطأ فمنهم من شارك فيها ترشحاً وتصويتاً، غير أن آخرين لم يكتفوا بمقاطعتها فقط وإنما تحدثوا بنبرةٍ شديدة عن كونها غير معبرة عن الشعب، مع انتقادٍ لمن إختاروا التيار الإسلامى بدعوى جهلهم وقلة وعيهم وعدم قدرتهم على استيعاب الديمقراطية .
ويأتى تغليب ملف الحريات على ملفى الأمن والإقتصاد كسادس الأخطاء، فرجل الشارع العادى أبدى طوال الأشهر الماضية تلهفه لعودة الأمن وانتعاش الإقتصاد فى وقتٍ وجد فيه الكيانات المتحدثة بإسم الثورة تركز على ملف الحريات أكثر من اهتمامها بالأمن والإقتصاد، وهو ما دفعه لهجر الفعاليات الثورية شيئاً فشيئاً حينما وجدها تبتعد عن مطالبه الملحَّة بل وتساهم أحياناً فى مزيدٍ من مظاهر الإنفلات الأمنى، فيما يكمن الخطأ السابع فى تصدير شخصيات تتحدث فى أهداف الثورة لاصلة لها بالثورة ثم تستخدم ألفاظاً تسىء للآخر وتحقِّر منه بدلاً من نقده بموضوعية حتى لو وصلت لدرجة الحدَّة، فالقطاع الأوسع من المواطنين يرفض توجيه السباب حتى للمخالفين له .
أما ثامن الأخطاء فهو العمل على توسيع دائرة الفلول حتى صارت تضم سياسيين وشخصيات عامة كانت لهم مواقف ضد النظام السابق، ثم وُصِفُوا بالفلول لمخالفتهم آراء الثوار .
ولا يعنى رصدى وتحليلى لهذه الأخطاء أن كل الثوار ارتكبوها، فمنهم من بذل الجهد لبتر هذا السرطان ممن يقفون ضد إرادة الشعب والإبقاء على الصورة الإيجابية لشباب الثورة فى الأذهان، وقد يبدو أن هذه المحاولات لم تنجح خلال أول عامٍ مر على 25 يناير، إلا أن الفرصة تظل قائمة للحفاظ على أطهر ثورة بيضاء فى تاريخ البشرية
حفظ الله مصر وحفظ شعبها وثورتها المجيدة , والله من وراء القصد هو نعم المولى ونعم النصير