خواطرومتاهات كثيره تدور برأسى إيه يعني لما رغيف العيش يغلى سعره 5 قروش ولا حتى 20 قرش طيب ما هي اللحمة بيزيد سعرها كل شهر والزيت كل أسبوع والخضار كل يوم ، إلى أن سقطت عيناى على أحد هذه الطوابير وكان يمتد على طول أكثر من عشرين مترا ، عندها فقط أدركت لماذا لا ينبغى أن يزيد سعر العيش .
حيث تمر مصر خلال الآونة الأخيرة بأزمة طاحنة فنرى كثيراً من المواطنين ربما يتقاتلون من أجل الحصول على احتياجاتهم من الخبز حتى أنه قرأنا في الصحف أن شهيداً سقط في البحيرة و هو يدافع أو يتدافع للحصول على رغيف الخبز ، كما تقدم مواطن آخر ببلاغ إلي الشرطة يشكو فيها فشله في شراء الخبز لإطعام أسرته، مؤكدًا أن بعض أصحاب المخابز تعدوا عليه ومنعوه من الحصول علي الخبز وهددوه بالضرب والإيذاء، إذا تقدم بشكاوى ضدهم ووجهوا إليه سيلاً من الشتائم .
هذه الأزمة ربما لم تمر بمصر بهذا الشكل الشديد على مدار الأربعين سنة الماضية ، فلم تتفاقم من قبل بهذا الشكل ، وهناك من يرى أن أسباب هذه الأزمة يعود بالأساس إلى انخفاض المخزون الاستراتيجيى للقمح و هناك من يرى أن هناك ثمة ضغوط دولية للوصول إلى هذه النتيجة وهناك من يري أن الأساليب التي يتم بها التعامل مع الخبز سواء من رداءة الخبز أو تعامل المصريين مع الخبز ربما تودي إلى مثل هذه الأزمة و هناك من يرى أيضا أن هناك حزمة من الأسباب تؤدي إلى هذه النتيجة .
فيروى الجماهير المرابطون مآسى لا تحصى تصادفهم كل يوم جراء سعيهم للحصول على “الرغيف” ، بداية من الطوابير التي لا تتحرك ومرورا بالخناقات وحوادث التحرش والسرقات ، وانتهاء بخيبة الأمل التي تصيبهم بالإحباط في كل مرة يخرج عليهم فيها مسئولو المخبز ليخبروهم بأن العيش قد نفد .
وبشكل عام ، يحتل الخبز مكانة مهمة في كل بيت مصري ، حيث يحمل الاسم الشعبي للخبز في مصر دلالة خاصة, ويسمي المصريون خبزهم باسم العيش, في إشارة واضحة للحياة. ويشكل الخبز الجزء الأساسي في الوجبات الثلاث لهم يومياً .
فهكذا دائما المصريون ، يقسمون بالعيش والملح , ولا يملكون رغيف خبز خاص بهم مثل شعوب العالم , وكما يقول الكاتب الصحفى مجدى الدقاق : “يعتبر المصرى الحياة أكل عيش , يسعي فيها للحصول على عيشه, ومع ذلك يضع الأحذية في واجهات المحلات ويزينها ويغلفها, ويبيع العيش علي أرصفة الشوارع , ويتركه مكشوفاً , وفي القرى والمناطق الشعبية بل في بعض المدن, يذهب الآلاف منهم في الصباح الباكر للوقوف في الطابور للحصول علي الرغيف المدعم من المخابز, في حين تخرج المخابز من أبوابها الخلفية, رغيفا مختلف الشكل والحجم وتبيعه علي الرصيف المقابل بسعر مضاعف” .
ووفق الأرقام الرسمية ، تقدم الدولة 9 مليارات جنيه دعماً سنوياً لرغيف الخبز في العاصمة وحدها, لكن الغريب في الأمر أن تلك المليارات يذهب معظمها إلي جيوب عدد من أصحاب المخابز, والسماسرة, والمتاجرين بالخبز في السوق السوداء, وبالتالي يضيع الدعم ولا يستفيد منه مستحقوه من الفقراء ومحدودي الدخل .
ويؤكد مسئول بمديرية التموين بالقاهرة, أنه يتم يوميا صرف2700 طن دقيق بالسعر المدعم , وهو18 جنيها للشيكارة الواحدة, تنتج نحو30 مليون رغيف, بواقع 4 أرغفة لكل مواطن قاهري ، و علي الرغم من ذلك, فإن السوق السوداء تلتهم معظم هذا الدعم, حيث تباع شيكارة الدقيق المدعم فيها بنحو130 جنيها .
أما فى محافظة الجيزة المنكوبة أيضاً بأزمة رغيف العيش ، فيشير مسئول بوزارة التضامن لقطاع التموين بالمحافظة, إلى أن سبب الأزمة يتلخص فى لجوء عدد كبير من أصحاب المخابز إلي حيل جديدة لتهريب حصة الدقيق المدعم المسلمة لهم, إلي السوق السوداء, موضحا أن أبرز الحيل تمثلت في إخفاء الدقيق المدعم في خنادق تحت الأرض .
مشيراً إلى إن حصة المحافظة من الدقيق المدعم تبلغ 39 ألف طن شهريا, توزع علي1282 مخبزا بلديا بأنحاء المحافظة, تنتج13 مليون رغيف يومياً , حيث يبلغ نصيب المواطن الجيزاوى ثلاثة أرغفة ونصف الرغيف من الخبز المدعم .
ورغم توقع البعض بارتفاع سعر رغيف الخبز المدعم ، إلا أن البعض الآخر يرى أن الدولة ليس لديها نية في رفع سعره المدعم؛ خوفًا من ردِّ فعل الرأى العام تجاه ذلك ، وأجمعوا على أنه فى كلتا الحالتين ستقع الكارثة وتزداد الأزمة اشتعالاً.
وتواجه الحكومة ضغوطاً جادة من الخبراء بضرورة وضع خطة فورية للسيطرة على هذا الخطر المحدق قبل فوات الأوان ، كانت الفترة الأخيرة قد شهدت بالفعل ارتفاع أسعار الخبز “الفينو” و”الشامي” بنسبة 100% في القاهرة وعدد من المحافظات بسبب الزيادة المفاجئة في أسعار الدقيق؛ حيث قفز سعر الطن استخراج 72% من 1600 إلى نحو 2600 جنيه، إضافةً إلى تراجع وزارة التضامن الاجتماعي عن قرارها السابق بتوفير دقيق فاخر لإنتاج “فينو” مدعم بسعر 10 قروش للرغيف .
وقد واجه الدكتور علي مصيلحي ـ وزير التضامن الاجتماعي ـ حربا شعواء بسبب اتهام جهات له بالتعامل مع أصحاب المخابز بدون شفافية، وقالوا إنهم لا يهمهم سوى محاربة المخابز وإلقاء عدم جودة رغيف العيش عليهم واتهامهم بالتلاعب في الأوزان والأسعار .
ووصف مسئول بالشعبة العامة للمخابز باتحاد الغرف التجارية بالقاهرة – مسئولى وزارة التضامن الاجتماعى بالظلمة ، لافتاً إلى أن الحكومة ستواجه أزمةً طاحنةً خلال الأيام المقبلة بسبب عجزها عن تدبير الكميات اللازمة من القمح والدقيق .
وقال إن الحكومة تقوم بتوجيه الإتهامات لأصحاب المخابز بأنهم وراء أزمة الخبز للتهرب من مسئوليتها المتمثلة في توفير رغيف العيش بمواصفات جيدة وسعر مناسب .
وتشير المعلومات إلى أن مخزون الدقيق الفاخر لا يكفي لأكثر من 30 يومًا، وانتقد وزارة التضامن لسماحها للمزارعين ببيع القمح مباشرةً إلى شركات المطاحن، التي رفعت الأسعار إلى مستوياتٍ قياسية .
ويحذر المراقبون من أن هذا التخفيض سيكون له تأثيرٌ سلبيٌّ على المعروض من القمح، وسيترتب عليه ارتفاعٌ كبيرٌ في الأسعار، مشيرًا إلى أن هذا يأتي في إطار ترشيد الدعم وتقليل الكميات في صناعة الخبز، وكذلك تقليل الدعم في الموازنة العامة للدولة .
وترجح التوقعات ارتفاع أسعار الحلويات و الفينو وكل ما يدخل في صناعته الدقيق الأبيض الفاخر، مؤكداً أن الدولة سوف تحافظ على سعر رغيف الخبز، وأن ما سيحدث هو تقليل كمية الخبز فقط، الأمر الذي سوف يشعل الأزمة ويزيد من طوابير الخبز أمام أفران الخبز البلدي “المدعوم” وحدوث كوارث واعتداءات من أجل الحصول على رغيف الخبز خاصةً بين الفقراء .