تحقيق / شاهرنورالدين
صرخة ضد التعذيب، أطلقها باحث مصري الثلاثاء لفضح أساليب التعذيب وجلاديه عبر العصور، وذلك بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة التعذيب الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1997 بناء على توصيه من المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
المصريون الذين تصادف مرورهم بشارع المريوطية -وهو شارع فرعي يربط شارعي الهرم وفيصل الشهيرين في محافظة الجيزة- تفاجؤوا بنماذج تحاكي مشانق وقد تدلى منها الضحايا، وبجوارها أدوات للتعذيب فضلا عن صور توضح أساليب التعذيب عبر مختلف العصور.
وكان مراسل الجزيرة نت من بين المارين في هذا الشارع بشكل عفوي ولذلك كان أول سؤال وجهه للدكتور محمد عبد الوهاب صاحب المعرض هو السبب في إقامة المعرض في هذا المكان غير المناسب ودون دعاية، فقال إنه اضطر لذلك بعد أن حالت السلطات المحلية دون إقامته على الشكل الذي كان يريده.
وأوضح عبد الوهاب -وهو متخصص في إدارة الأعمال، تحول إلى البحث في تاريخ الاغتيال السياسي وأساليب التعذيب- أن وزير الآثار رفض إقامة المعرض داخل قلعة صلاح الدين الشهيرة بالقاهرة، ولما اضطر لإقامته في الشارع المجاور له تفاجأ بأن محافظ الجيزة يرفض تقديم مساعدة بسيطة كانت تتمثل في الإيعاز لجهاز النظافة برفع القاذورات والمخلفات من جانبي الشارع.
إقبال ملحوظ
ورغم عدم ملائمة المكان فإن المعروضات مثلت عامل جذب كبير لكل المارة الذين قال معظمهم إن هذه هي المرة الأولى التي يشاهدون فيها نماذج للآلات التي كانت تستخدم في التعذيب على مر العصور وفي مختلف بلاد العالم.
وتسمر بعض المشاهدين أمام لوحات بعينها كانت تعرض صورا بشعة لعمليات تعذيب شوهت تاريخ البشرية، بينما أجهشت سيدة في البكاء وهي تشاهد كرسيا حديديا مليئا بالمسامير المدببة التي كانت تخترق جسد ضحية التعذيب بعد إجلاسه عليه وربطه بإحكام.
ووضع عبد الوهاب -الذي يحمل أيضا الجنسية الأميركية- في صدارة معرضه نماذج تحاكي المعتقلين في سجن غوانتانامو الأميركي الشهير، فضلا عن لافتة تدعو للعمل على استرداد رفات البطل سليمان الحلبي من فرنسا بعد الحكم عليه بالإعدام نظرا لقتله الجنرال كليبر الذي قاد الحملة الفرنسية على مصر بين عامي 1798 و1801.
بداية الاهتمام
وحكى عبد الوهاب للجزيرة نت عن اهتمامه بموضوع التعذيب قائلا إنه نذر نفسه لمحاربة ظاهرة التعذيب المقيتة والجريمة البشعة التي حرمها المولى عزل وجل، وجعلها القانون الدولي لا تسقط بالتقادم مهما طال الزمن، ومع ذلك فإنها ما زالت ترتكب في العديد من دول العالم، سواء كان ذلك من جانب السلطات أو حتى من جانب سيدة تعذب خادمتها أو رب عمل يعذب من يعمل لديه مستغلا حاجته للمال.
وكشف عبد الوهاب عن أنه يقوم بنفسه بمتابعة صنع نماذج تحاكي الأدوات التي كانت تستخدم في التعذيب على مر العصور وذلك اعتمادا على مراجع تاريخية، مضيفا أنه يعمل وحده ودون أي مساعدة من أحد، لكنه يراها رسالة تستحق من أجل كشف الجلادين الذين يراهم لا ينتمون إلى الجنس البشري، معربا عن أمله في بناء متحف لهذا الغرض.
ومع أنه نذر حياته لمناهضة التعذيب وفضح الجلادين، فإن د. عبد الوهاب ختم حديثه للجزيرة نت بأنه يعتقد أن كل جلاد قام بتعذيب إنسان يجب أن يخضع إذا تمكنت منه يد العدالة لتعذيب مماثل كي يذوق من الكأس التي أذاق منها الآخرين جزاء وفاقا لما قدمت يداه.