” ليس كل انحناء احترام ” قالت له, بعد أن طلب منها الانحناء احتراماً له, ولمقامه الرفيع جداً. ثم أكملت قائلة: ” الاحترام يولد الانحناء, وليس العكس .. فأنا كل صباح أنحني لأربط حذائي, والأكيد أني لا أحترمه إلا عندما تكون الأرض مبلله أو متسخة..”
لم يستوعب هذه الكلمات الجافة والقاسية, فقد كانت كبيرة جداً مقارنة بالفم الصغير والشخصية الأصغر التي كانت قبالته …
فقال لها: ” يبدو أنك وقحة وقليلة التهذيب “، ثم أمرها أن تخرج من مكتبه الفخم قائلاً لها : ” إنك توسخين المكتب بحضورك وكلامك الطائش, أما بالنسبة لكل شهادتك لا تساوي عندي سنتيمتر انحناء للأسفل, فانقعيها واشربي مائها …
فردت قائلة ” إذا انحنيت الآن وأنا أمامك, سأنحني غداً وأنت خلفي. الانحناء لا يولد إلا الانحناء. لذلك سأبقى مستقيمة وإذا تعبت سأتكئ على شهاداتي فهي تعبي وستبقى لي “.
ثم أخذت تنحي له, فظهرت أنيابه وضحك ضحكته الخبيثة كردة فعل على انحنائها, ولكن هي على العكس زادت في انحنائها إلى أن وصلت إلى حذائها ربطته بشكل سريع. ثم خرجت من المكتب مستقيمة الظهر, وهو أخذ ينحني على نفسه على كرسيه الفخم, ويتكور بشكل سريع…