أسوان محافظة هادئة تتميز باستقرار عجيب وصفه الكاتب العملاق عباس العقاد بأن كل شيء ثابت ومستقر في أسوان إلا الزمن.
الزمن هو المتغير الوحيد في هذه المحافظة، فهي مستقرة اجتماعياً وأمنيا، حيث تؤكد دفاتر أحوال وزارة الداخلية ومديرية أمن أسوان أن المحافظة تتمتع بأقل معدلات الجريمة علي مستوي الجمهورية.. حتي أن عادة الثأر التي تتصف بها معظم محافظات الصعيد تكاد تكون منعدمة في أسوان.
ولكن الشهور الأخيرة شهدت تحولاً غريباً في هذه المحافظة، حيث بدأت تشهد سلسلة من الاحداث الغريبة عنها، علي رأسها الاحداث الشهيرة التي وقعت الشهر الماضي والخاصة بأبناء النوبة، حيث حاول البعض إحراق مبني ديوان المحافظة وغلق الشوارع، لكن التحقيقات أكدت ان بعض من قاموا بهذا العنف ليسوا من أبناء المحافظة وما لبثت أن هدأت أسوان بعد أحداث العنف حتي عادت الامور لتشتعل مرة أخري في قرية المريناب، احدي قري مركز أدفو التي يقطنها حوالي 50 ألف نسمة من المسلمين، ويعيش بينهم حوالي مائة مواطن مسيحي في هدوء وسكينة واستقرار ومحبة ومودة عرف بها المصريون منذ القدم، إلا أن الامور تغيرت فجأة منذ شهر، وبالتحديد يوم 30 أغسطس الماضي، حيث تجمهر بعض الشباب المسلم في القرية، احتجاجاً علي تحويل أحد مساكن الأقباط بالقرية إلي كنيسة وبنائها بالمخالفة لتراخيص البناء، وتم عقد جلسة صلح بين الطرفين لحل المشكلة، وفي 20 سبتمبر الماضي تقدم الاهالي بشكوي للمحافظة يعترضون فيها علي تحويل المسكن إلي كنيسة بدون الحصول علي التراخيص اللازمة دون اتباع الاجراءات القانونية.
وقرر المحافظ اللواء مصطفي السيد تشكيل لجنة فنية متخصصة لدراسة الموضوع، وقبل وصول اللجنة إلي الموقع بعدة أيام اتفق الطرفان في جلسة صلح حضرها قيادات شعبية من المسلمين والاقباط من مراكز أدفو، ومن قرية المريناب إضافة إلي أحمد الكاجوجي، عضو مجلس الشعب السابق، حيث تم عقد الجلسة في كوم أمبو باعتبارها منطقة محايدة، وتم الاتفاق في هذه الجلسة علي إزالة المخالفات بإعادة المكان إلي وضعه الطبيعي كمضيفة وإزالة القباب التي تم بناؤها والارتفاعات المخالفة، وأن يقوم الأقباط بأنفسهم بإزالة المخالفات بدلا من الوحدة المحلية لمدينة ومركز أدفو، إلا أن هذا الاتفاق لم ينفذ.
وفي الجمعة الماضي ألهب خطيب مسجد المريناب حماس الشباب، وأشار إلي أن الأقباط استهانوا بهم، فخرج المئات عقب صلاة الجمعة في مسيرة لتنفيذ قرار إزالة القباب من المبني الذي يمتلكه المواطن معوض يوسف معوض، كما ازالوا الارتفاعات المخالفة، فقام بعض الأقباط باشعال إطارات كاوتش والقائها علي مخزن اخشاب قريب من المبني المتنازع عليه للإيحاء بأن هناك حرائق ومحاولة إحراق المضيفة أو الكنيسة ومساكن بعض الاقباط، وتدخلت قوات الأمن وسيطرت علي الموقف، وتم إخماد النيران التي تبين انه نشبت في مخزن أخشاب يخص أحد الاقباط من ابناء القرية.
يؤكد القمص صليب إلياس الديك، رئيس كنائس أدفو ان التعدي علي كنيسة الشهيد العظيم ماري جرجس بالمريناب عمل بربري وغير مبرر، ويضيف المبني كنيسة قديمة، صدر لها ترخيص هدم، وتقدمنا بترخيص بناء وإحلال وتجديد.
وتمت الموافقة من المحافظ مصطفي السيد، وأشار إلي أن الموقع تعرض للحرق والهدم، كما تم حرق مخزن للكنيسة به اجهزة ومعدات وثلاجات وأجهزة فاكس وتصوير تخص ابونا الانبا هدرا، وحرق مخزن لاحد الاقباط به أجهزة كهربائية تقدر قيمتها بمليون جنيه.
وأضاف: لقد قررنا اللجوء إلي التظاهر السلمي وهناك بالفعل مظاهرة للشباب القبطي أمام ديوان محافظ أسوان للمطالبة بإعادة بناء الكنيسة وقررنا الاعتصام كل يوم أحد إلي أن يتم إعادة بناء الكنيسة، وقال ان الامر معروض الآن علي النيابة التي بدأت التحقيق في الموضوع ونحن نثق في النيابة والقضاء المصري.
أما ما تناقلته بعض المواقع عن بث فيديو يتضمن تصريحات لي في إحدي الندوات بأنني نفيت وجود كنيسة بقرية المريناب، فهو شريط مزور وغير حقيقي، وسأقوم ببث الشريط الحقيقي.
وأشار إلي أن قرية المريناب تتبعها خمس قري هي القنادلة والحصايا والفتيمية والحاجر، وهي بلاد قريبة من المريناب وبها أقباط يريدون أن يؤدوا شعائرهم.
وكل ما يقال عن المخالفات كذب لذلك سنعتصم ونتخذ كل الوسائل حتي نعيد بناء الكنيسة، وقال اللواء مصطفي السيد محافظ أسوان إنه لا صحة لما يشاع عن وجود اضطهاد للأقباط في المريناب أو تعرض الابرياء للاعتداءات أو المساكن سواء بالحرق أو الهدم علي خلفية الأزمة التي نشبت في قرية المريناب بأدفو بعد قيام أحد الاقباط بمخالفة القرار الذي صدر عام 2010 بإعادة بناء مضيفة علي مساحة 280 متراً، التي كانت في الاصل عبارة عن منزل قديم للمواطن معوض يوسف معوض والذي تم تحويله إلي كنيسة، مما تسبب في احتقان وإثارة اهالي القرية منذ شهر. وأشار المحافظ إلي أنه بناء علي الشكوي التي تقدم بها أهالي المريناب تمت إحالة هذه المخالفات للنيابة العامة لمحاسبة المقصرين وضعاف النفوس الذين تلاعبوا في استخراج الترخيص، خاصة أن الكثافة السكانية لا تسمح بإقامة كنيسة، وأكد المحافظ أن أقرب كنيسة تقع علي بعد 2 كيلو متر فقط بمنطقة الحاج زيدان.
وأضاف المحافظ أنه تم احتواء الموقف في ذلك الوقت، من خلال اتفاق الجلسة العرفية، التي انتهت الي استنكار القيادات الكنسية لهذه المخالفة ووعد القائمين ببناء المضيفة بهدم الجزء المخالف من خلال أحد المقاولين الاقباط.
وأضاف المحافظ: بأن تباطؤ المقاول في إزالة الجزء المخالف تسبب في إعادة الاحتقان مرة أخري، حيث توجه مجموعة من الشباب للمشاركة في هدم هذه المخالفات مما أدي إلي حدوث مواجهات، حيث قام المقاول بإشعال النيران في إطارات السيارات وأخشاب من مخزنه المجاور للمضيفة لمنع وصول الشباب إليها، مؤكدا أنه علي الفور قامت اجهزة المحافظة وقوات الأمن بالسيطرة علي الموقف لمنع حدوث أي اشتباكات بمشاركة القيادات الدينية والشعبية، مما ساهم في عدم نشوب مصادمات وبالتالي عدم حدوث أي اصابات من الجانبين.
وأضاف المحافظ أن الجميع فوجئوا بحدوث مخالفات في البناء بزيادة ارتفاع الحوائط إلي 13 متراً بدلا من 9 أمتار مع بناء عدد من القباب أعلاها لتأخذ شكل الكنيسة دون وجود تراخيص مما تسبب في هذا الاحتقان.
وناشد المحافظ كافة قوي المجتمع بوقف تأجيج الفتنة بين أبناء الوطن الواحد من خلال استغلال بعض الاحداث الفردية وتحويلها إلي قضية رأي عام.
ويعبر محافظ أسوان عن تعجبه من قيام حركة كفاية وشباب 6 إبريل بالتظاهر صباح أمس مع مجموعة من الشباب القبطي أمام ديوان المحافظة والهتاف بالروح بالدم نفديك يا صليب. وأشار إلي أن ذلك يدل علي وجود اياد خارجية تحاول العبث بأمن الوطن، ولكن ما أستطيع ان أقوله ان النيابة العامة تتولي التحقيق الآن في الموضوع، وتستمع إلي كل الاطراف وتعاين الموقع وتفحص المستندات المزورة وغير الحقيقية أو إن كانت صحيحة كل ذلك ستفصله النيابة العامة في تحقيقاتها حيث استمعت إلي اقوال عبدالفتاح زغلول، رئيس مدينة ومركز أدفو وستسمع كل الاطراف المسئولة عن استخراج التراخيص لتتأكد إن كانت حقيقية أو مزورة.
ويقول عبدالفتاح زغلول رئيس مدينة ومركز أدفو أن الموضوع معروض علي النيابة العامة وهي التي ستفصل في الموضوع، كما أن هناك لجنة من رئاسة مجلس الوزراء وهي لجنة العدالة الوطنية بمجلس الوزراء تضم 4 أعضاء وهم الأستاذ انطون عادل وعبدالرحمن حمدي وبيشوي فوزي ومحمود العلايلي وقد انتقلت اللجنة إلي قرية المريناب لتعاين الموقف علي الطبيعة وتسمع إلي كل الاطراف لترفع تقريرها إلي رئيس الوزراء.
ويقول عبدالله أبو علي فاضل من ابناء قرية المريناب وأحد القيادات الطبيعية بها، وما حدث في قرية المريناب كان تصعيداً غريباً للمواقف، فقرية المريناب تتميز بأن أعلي نسبة تعليم في مركز أدفو موجودة في هذه القرية وهي تضم حوالي 50 ألف نسمة كلهم من المسلمين ويعيش فيها معهم في هدوء واستقرار حوالي مائة من إخواننا عندما حاول البعض من الاخوة الاقباط تحويل أحد المنازل التي يملكها مواطن مسيحي يدعي معوض يوسف معوض إلي مضيفة وحدثت مشاكل في هذا الموضوع وتم الصلح حينها والتعهد بعدم استغلال المسكن كمضيفة أو تحويله إلي كنيسة وعقدت جلسة صلح عرفية ولكن منذ عدة شهور فوجئنا بإعادة المحاولة مرة أخري لتحويل المسكن إلي كنيسة بعد استصدار قرار إزالة وهدم كنيسة وتبين أن هذا القرار مزور والدليل علي ذلك ان الموقع المتنازع عليه والمدعي بأنه كنيسة، عداد المياه الموجود به يثبت انه منزل لوجود عقد تركيب المياه لمسكن وكذلك عقد عداد الكهرباء لمسكن باسم معوض يوسف معوض وقام صاحب المسكن بالتنازل عنه للمطران الانبا هدرا أسقف مطرانية أسوان بتاريخ 8 يونيو 2009 وموجود لدينا المستندات التي تؤكد ذلك والاغرب من ذلك حكم محكمة بصحة ونفاذ بجلسة 15 مايو 2008 مبايعة تمت علي نفس المكان من معوض يوسف معوض إلي الانبا هدرا وهذا يعطل الادعاءات بأن هذا المكان كنيسة منذ عام 1940 ولو كانت كنيسة كيف تباع وتشتري خاصة وأن تركيب وتوصيل المياه للمكان تم في عام 1995، بالاضافة إلي ان تقرير مديرية الزراعة عن المعاينة علي الطبيعة وهي الخطوة الأولي للبيع في القري ينص علي أن هذا المكان منزل مبني من طابقين والتقرير بتاريخ 20/12/2010، أما تقارير الازالة والهدم باسم كنيسة الصادرة من الوحدة المحلية لمركز أدفو فهي تقارير مزورة.
ويضيف عبدالله أحمد أبو علي: أن هناك شريط فيديو مصور للقمص صليب إلياس الديك، رئيس كنائس أدفو في ندوة بالمدرسة الثانوية بالمريناب في ديسمبر 2010 عن الوحدة الوطنية يقول إن أهالي المريناب يقولون انه فيه كنيسة بالمريناب وأنا أقول ان دي مضيفة وليست كنيسة وكرر هذا الكلام وأن أؤكد علي ذلك ولو اتضح انها كنيسة أنا بأقول من هنا أزيلوها.
ويقول إنن الاقباط اعترفوا للحاكم العسكري بأن عددهم لا يتجاوز 30 مواطناً في هذه القرية والمسلمين 50 ألف نسمة ولا توجد أي نسبة، ويقول متعجباً كيف نبني كنيسة لـ 30 فرداً، وما حدث من الوحدة المحلية لمركز أدفو هو تدليس لأن المعاينة التي تمت وصدرت لها قرارات الازالة أو الهدم وإعادة البناء هي معاينة خاصة لكنيسة رئيس الملائكة ميخائيل بالرديسية منطقة خور الزق وهي كنيسة كبيرة ومعترف بها بينما التنفيذ علي الطبيعة للمريناب.
ويؤكد عبدالله أحمد أبو علي أن الأمور في قرية المريناب مستقرة ولا توجد أي اشتباكات أو حرائق ولا توجد أي اصابات وقد مضي علي هذه الاحداث 30 يوماً ولم تحدث اي اشتباكات ولكن الموضوع يتطلب الحكمة وسرعة اتخاذ القرار حتي لا تتطور الامور ونحن نحذر في هذا الوقت الذي تمر فيه البلاد بظروف سياسية غير عادية أن يتلاعب البعض بالنار لأن النار ستحرق الجميع.