التحرش الجنسى أصبح ظاهرة تتعرض لها النساء بشكل شبه يومى، على مستوى جميع دول العالم ومنها مصر، سواء فى الأماكن العامة كالأسواق والمواصلات والشوارع أو الأماكن الخاصة، مثل المؤسسات التعليمية وأماكن العمل والنوادى الرياضية فى مصر … إلخ.
تفاصيل التحرش كثيرة وأسبابه متنوعة … تحليل نوعية مرتكبى الحدث، ومدى التأثير السلبى على نفس الضحية، محاور شكلت مضمون البحث الذى رصده المركز المصرى لحقوق المرأة عن التحرش الجنسى للمرأة المصرية.
أكدت الباحثة الرئيسية فى البحث رشا محمد حسن، أن هناك ثلاثة أنواع للمتحرشين، صنفتهم بين متحرش ذكورى، وآخر سلطوى، ومتحرش لأهداف جنسية، وهو الشخص الذى لا يميز بين ضحاياه، من النساء سواء كانت طفلة أو شابة أو حتى امرأة فى سن الشيخوخة.
رصد البحث مظاهر التحرش الجنسى فى الدراسة، التى بلغت نسبة عينتها 2020 مبحوثا، قسمت بالتساوى بين ذكور وأناث فى الشارع المصرى، فى أعمار متفاوتة بين سن 25 و40 عاما للذكور، و19 و25 عاما للإناث.
تناول البحث سبعة أشكال للتحرش ونسب حدوثها فى المجتمع المصرى، حيث بلغت نسبة المعاكسات بالتصفير والمعاكسات الكلامية 67.9%، مروراً بالنظرة السيئة الفاحصة لأجسادهن وصلت نسبتها 46.6%، ثم اللمس غير اللائق لأجسادهن بنسبة40%، والتلفظ بألفاظ ذات معنى جنسى 30.2% والملاحقة والتتبع 22.8%، والمعاكسات التليفونية، وصولاً إلى كشف المتحرش لبعض أعضاء جسده 10.9%.
أشارت الباحثة رشا، أن النساء فى الفئات العمرية من 19 إلى 25 عاماً أكثر عرضة للتحرش، وأن مظهر الفتاه ليس سببا رئيسيا للتحرش بها، فالغالبية العظمى من الفتايات المحجبات هن الأكثر عرضة لمثل هذه السلوكيات، ولا يشكل المستوى الاقتصادى والاجتماعى عائقا للمتحرش الجنسى، فالأنثى سواء كانت آنسة أو متزوجة أو مطلقة أو حتى أرملة، فإنها تتعرض للتحرش الجنسى، وهناك فئات تتعرض للتحرش سواء كن طالبات أو امرأة عاملة، بالإضافة لتعرض بعض السائحات وربات البيوت للمضايقات، وحتى المعاقات ذهنياً لم يفلتن من الوقوع فى براثن أحد المتحرشين، وهو ما يؤكد أن المتحرش لا يمعن فى اختيار ضحيته، وإنما ما يتوفر أمامه يفى بغرض التحرش.
رصد الجزء الأخير من البحث أن جزءاً من العادات والتقاليد قد يساهم فى انتشار التحرش، حيث ترى بعض الأسر أنه من العيب أن تذهب الضحية لتشتكى فى قسم الشرطة، لأن هذا يسئ لسمعة الفتاة، وتكتفى الأسرة بمنع الفتاة من الخروج كنوع من عقابها، وهو ما يجعل الفتاة تتحمل العقابين النفسى والبدنى وتعامل كأنها الجانية وليست الضحية.
تأخذنا نهاد أبو القمصان إلى نوعية المتحرشين، قائلة “إنه غالبا ما يكونوا فى محيط الضحية ما بين صاحب العمل أو أصدقاء أو زملاء فى العمل أو الجامعة أو غرباء، وأشارت أنه فى كثير من حالات التحرش تكون الفتاة ضحية لأحد أفراد الأسرة.
من جانبه تناول الدكتور خالد العطار الآثار النفسية، التى تسببها حالة التحرش للفتاه الضحية، قائلا: إنها تتمثل فى الشعور بالغضب الشديد والخوف والألم، ثم الإحراج والخجل والاضطراب وحالات صداع وصعوبة النوم وأحلام سيئة والارتباك وعدم القدرة على التصرف وعدم التركيز فى العمل أو الدراسة وأخيراً الاكتئاب.
مضيفا أن أهم أسباب التحرش الجنسى، تتمثل فى سوء الحالة الاقتصادية والاجتماعية، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، ثم غياب الضمير والأخلاق، وقلة الوعى الدينى، ووسائل الإعلام الإباحية مثل الفيديو وأفلام جنسية وأفلام السينما، وسوء النشأة الأسرية مثل انفصال الأب والأم، وعدم وجود قانون واضح وفعال يحرم التحرش الجنسى فى المجتمع المصرى، أخيراً سكوت الضحية.
هناك العديد من الخطوات سواء على مستوى الفرد أو العائلة أو المجتمع والقانون، يجب أن تتخذ للقضاء أو على الأقل الحد من هذه الظاهرة، يؤكد الدكتور العطار أنها تشمل: إنشاء وغرس وتنمية المفاهيم الدينية الطيبة، وإنشاء مشروع قانون جديد للتحرش الجنسى فى مصر، ونشر الوعى بمفهوم التحرش الجنسى، وضرورة العمل والاجتهاد لتكثيف الدراسات والأبحاث الاجتماعية والنفسية والقانونية والاقتصادية، بهدف حل مشكلة التحرش، وضرورة إقامة دورات تدريبية لرجال الشرطة فى كيفية التعامل مع قضايا التحرش الجنسى وإنشاء مكاتب لتقلى شكاوى التحرش الجنسى، ومناشدة مجلس الوزراء بحل مشاكل الشباب حتى لا تزداد نسبة العزوبة والعنوسة، التى أضحت ظاهرة فى المجتمع المصرى.
أظهر البحث تكرار تعرض النساء للتحرش بصفة منتظمة يومياً أو أسبوعياً أو شهرياً، وبصفة غير منتظمة لكن أكثر من مرة.
تعود بنا عزة كريم الخبيرة بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية فى تعريفها للتحرش الجنسى، بأنه سلوك جنسى متعمد من المتحرش غير مرغوب فيه من قبل الضحية، وغالبا ما يسبب إيذاء جنسيا أو نفسيا أو بدنيا أو حتى أخلاقى لها، ومن الممكن أن تتعرض له الأنثى فى أى مكان سواء كان فى الأماكن العامة أو حتى فى الأماكن الخاصة مثل المنزل أو داخل محيط الأسرة أو منازل الأقارب.
وأخيرا أعربت الدكتورة سميحة نصر الخبيرة بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، بأن النسب التى ظهرت فى الدراسة مخيفة وتسيئ لسمعة مصر عامة وعلى الجميع العمل على مكافحة ظاهرة التحرش الجنسى.