[pj-news-ticker]
ÇáÕÝÍÉ ÇáÑÆíÓíÉ
ãáÝÇÊ ÝÓÇÏ
ÍæÇÏË æÞÖÇíÇ
ÇáÏíä ÇáäÕíÍÉ
ÓæÞ ÇáÞÑÇÁ
Ýä æäÌæã
ÑíÇÖÉ
ÇÏÈ æËÞÇÝÉ
ÇáãÑÇå æÇáãÌÊãÚ
ÎÏãÇÊ ÞÇäæäíÉ
ÇÈäì äÝÓß
EGYPT WEATHER

شارع جانبى بجوار مستشفى أحمد ماهر الجامعى بحى السيدة زينب يقودك إلى وكر تجارة الأعضاء البشرية الذى يتخذ من إحدى المقاهى الشعبية واجهة له. فى هذا الوكر تجد كل ما تريد من قطع الغيار البشرية بداية من الدم ومروراً بالبنكرياس والقلب وصولاً إلى الكلية وفصوص الكبد.

على كراسى مقهى المنيرة جلسنا لنشاهد كافة أبطال المأساة، متبرعين وسماسرة ومشترين. السماسرة نوعان، الأول من يتبع مكاتب توريد الأعضاء البشرية، والنوع الثانى يتبع الأطباء الذين يقومون بنقل الأعضاء، وكلا النوعين من ذوى الملامح المألوفة، فهو من رواد المقهى مهامه تبدأ باصطياد المتبرعين وإقناعهم فى المرحلة الأولى النفسية، وبعد الانتهاء منها تبدأ المرحلة العملية بتغيير بطاقة المتبرع الشخصية لأن القانون المصرى يحظر التبرع سوى للأقارب من الدرجة الأولى أو الثانية أو الثالثة فقط.
بعدها يبدأ الاتفاق والتفاوض المختلط دائما بالنصب، فإذا وصل الاتفاق إلى خمسين ألف جنيه للمتبرع فإنه يفاجأ بعد إجراء العملية بحصوله على عشرة آلاف جنيه فقط والباقى نصيب السمسار.

القرار صعب فى أن تفكر أن تطلب شيئا تشربه فى هذا المقهى لأن كل الطلبات بشرية ولها تسعيرة محددة، فالكلى هى الأكثر طلبا ويصل سعرها إلى 80 ألف جنيه تقسم بين كل من المتبرع والجراح والسمسار. أما فصوص الكبد فيصل سعرها إلى 100 ألف جنيه، أما البنكرياس فسعره لا يتعدى40 ألف جنيه.

جذبنى من زراعى وهمس فى أذنى قائلا “بائع ولا شارى ” فقررت اختيار الخيار الثالث …الكذب !! أجبت بمنتهى الصراحة أريد “كلية لأحد أقاربى ووصف الكثيرون لى هذا المكان لأشترى منه ، تقدر تساعدنى “…لم تمر إلا دقائق معدودة وعاد بقائمة الأسعار وكان على أن اختار فاخترت الكذب مرة أخرى وقلت له سأفكر فى الأمر و أعود بعد بضعة ساعات.

انتهزت فرصة وجود أحد الزبائن بجوارى و سألته عن طبيعة وحقيقة عمل هذا المقهى و الذى وصفه حسين محمود أحد الرواد بـ “دكان بيع الأعضاء البشرية”، مشير الى أن هذا الوصف يطلق على المقهى من الجميع السماسرة والأطباء وحتى المرضى والمتبرعين ، وقال : على كراسى المقهى تتم كل مراحل البيع واعتدت رؤية نفس الوجوه على كراسى هذا المقهى وعلى العديد من مقاهى المنطقة بحكم عملى فى مستشفى أحمد ماهر. سألته عن المتبرعين أو البائعين فقال هم غلابة لا يملكون إلا أجسادهم التى قرروا أن يبيعوها فى ظل الوضع السيئ.

وهنا انتهى الكلام على كراسى مقهى المنيرة قبل تكسيرها فوق رؤوسنا فصاحب المقهى تعرف على شخصيتى بمجرد إخراجى الكاميرا والقلم من حقيبتى. اصطحبنى الموظف بمستشفى أحمد ماهر التعليمى إلى مقر عمله، ورأيت بداخله ضحايا جدد لعملية البيع والشراء، والتفاصيل دائما أكثر قسوة والقصص والأسماء متشابهة مثل تشابه حالتهم وأعضائهم.

همت محمود والتى ترقد للعلاج فى مستشفى أحمد ماهر قررت أن تتنازل عن كليتها مقابل سداد ديونها التى تراكمت عليها، فباعت كل شيء حتى أثاث منزلها وحتى شقتها لتعيش مع أهل زوجها فى منزل واحد ولكن كل هذا لم يسدد ديونها فتوجهت إلى قهوة السماسرة، حيث العرض والطلب وقدمت نفسها على أنها متبرعة بكليتها فى أسرع وقت، وكان هذا كافيا ليبدأ السمسار عمله أيام قليلة، وعادت همت إلى أولادها حاملة معها كيس أسود صغير به 20 ألف جنيه هى ثمن جزء من جسدها على اعتبار أن بيع كليتها أحسن من بيع نفسها كل ليلة.

سوق آخر يختلف فى نوعه ولكنه يتشابه فى بضاعته وحتى رواده، فمن خلال شبكة الإنترنت تستطيع الدخول إلى سوق سوداء إلكترونية لمافيا تجارة الأعضاء البشرية التى تبدأ بالعرض والبيع والشراء لتصل إلى إقامة مزادات على الإنترنت للأعضاء السليمة، ومن على أحد هذه المواقع فتحنا حوارا مع مجموعة من الشباب الذين عرضوا من خلال الموقع أعضاءهم البشرية للبيع بداية من الكلى والكبد والبنكرياس وحتى الدم تاركين أسماءهم وأرقام هواتفهم المحمولة وحتى عناوينهم العادية والإلكترونية.

عبد الوهاب شاب حاصل على مؤهل جامعى، يعول أسرة مكونه من 5 أفراد بعد وفاة والده، ترك كل بياناته ومعها كليته للبيع، واصفا ظاهرة تجارة الأعضاء من خلال الإنترنت بأنها تطور لإجراءات البيع لأن الظاهرة نفسها قديمة جدا منذ بداية السبعينيات من القرن الماضى، ويضيف :”من حقى أن أبدأ حياتى بمشروع أعيش منه أنا واخواتى بعد أن توقفت عن العمل لفترة طويلة”.

وتحت عنوان “أنا للبيع” سجل إيهاب حسين اسمه ورقم هاتفه بالموقع وأبدى موافقته على التبرع بشكل قانونى تماما وللجادين فقط معلناً رفضه التحدث معنا لأننا لسنا من الجادين من وجهة نظره. أما سعد حسين فيرى نفسه واحدا من الناس الذين يعانون ويقول :” أعانى حالة مادية سيئة ولو عرض على أن أبيع جزءاً من كبدى مقابل مبلغ من المال سوف أوافق، وأنا بالفعل أبحث عن أحد أعطيه جزءا من كبدى مقابل 150 ألف جنيه مصرى”.

من ناحية أخرى مازال مشروع قانون نقل الأعضاء البشرية حبيس الأدراج تحت قبة البرلمان منذ عام 1997، ومن وقت لآخر تثار حوله المناقشات من مجلس الى آخر ومن دورة برلمانية لأخرى، وعلى الرغم من موافقة جميع الأطراف الطبية والدينية لم يخرج المشروع الى النور حتى الآن. ويضم مشروع القانون 19 مادة كلها تنتهى إلى حظر نقل الأعضاء إلا للضرورة القصوى وللحفاظ على حياة المنقول إليه أو علاجه من مرض جسيم, وبشرط ألا يترتب على النقل أية أضرار بالمتبرع أو تهديد لحياته.

كما يشترط المشروع أن تكون موافقة المتبرع كتابية ويحظر التعامل مع أى عضو بشرى من أى شخص على أساس البيع والشراء, كما يحظر على أى طبيب إجراء جراحة لنقل عضو من شخص لآخر لو علم بنية البيع بين المتبرع والمنقول له, ولا يجوز إجراء عملية النقل فى غير المستشفيات والمراكز الحكومية، وبموجب القانون تنشأ وحدة طبية مركزية متخصصة تابعة لوزير الصحة وتكون لها الشخصية الاعتبارية تتولى عملية تنظيم نقل الأعضاء والأنسجة.

وفى كل الأحوال لا يجيز المشروع نقل الأعضاء إلا من مصريين إلى مصريين وإلى الأجانب فى حالة واحدة هى أن يكون المنقول له قريباً للمتبرع المصرى حتى الدرجة الثانية على الأكثر. كما أجاز المشروع النقل من المتوفين إلى الأحياء بشروط، أولها أن يكون المتوفى قد أوصى بالتبرع قبل وفاته كتابة أو بشهادة اثنين من أقاربه بعد وفاته وأن يكون التبرع دون مقابل.

وتضمن المشروع عقوبات للمخالفين تراوحت بين الحبس الذى يصل إلى عشر سنوات والغرامة ما بين 10000 آلاف إلى 50000ألف جنيه حسب قول الدكتور حمدى السيد أستاذ جراحة القلب، ونقيب الأطباء ورئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب، ويجوز أيضا للمحكمة أن تقضى على الأطباء المخالفين لضوابط المشروع بالحرمان من مزاولة المهنة مدة تصل إلى ثلاث سنوات, ومصادرة الأدوات المستعملة وغلق المؤسسة التى ارتكبت فيها المخالفة مدة تصل إلى سنة.

ويشير نقيب الأطباء الدكتور حمدى السيد إلى أن المشروع بصورته الحالية يعد تدعيما لدور نقابة الأطباء بتوسيع سلطاتها الرقابية على الأطباء فقط لتشمل سلطة التحقيق والحبس والغرامة لكل من الطبيب والمنشأة الطبية، كما أن صدور القانون سوف ينهى الأمر ويحمى المرضى المصريين من المتاعب ويحمى السوق الصحى المصرى من الفساد والتجارة السوداء فى لحوم البشر.

المفارقة أن تأجيل خروج القانون إلى النور مرتبط بالإباحة الدينية، على الرغم من إعلان مجمع البحوث الإسلامية فى فتوى صريحة له عام 1997 أن الموت شرعا هو مفارقة الحياة للإنسان مفارقة تامة بحيث تتوقف كل الأعضاء بعدها توقفا تاما عن أداء وظائفها ، متفقا فى ذلك مع التشخيص الطبى للوفاة , فإذا أقر أطباء ثقة متخصصون بحدوث الوفاة يجوز نقل عضو من جثة الميت الى الحى إذا كان الميت قد أوصى بذلك قبل موته كتابة أو شهد بذلك أثنين من ورثته و إذا لم تتوفر الوصية او موافقة الورثة يكون الإذن من السلطة المختصة , وفى كل الأحوال يجب أن يكون النقل بلا مقابل وألا يترتب على العضو المنقول اختلاط للأنساب.

واستند مجمع البحوث الإسلامية فى فتواه إلى القاعدة الشرعية ” الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف ” وهذا ما استندت عليه 20 دولة مسلمة طبقت قانون نقل الأعضاء البشرية فى مقدمتها المملكة السعودية التى حسمت كل ألوان الجدل الفقهى و العلمى، فسمحت بنقل الأعضاء منذ ما يزيد عن عشر سنوات بالإضافة إلى 85 دولة أخرى.

وأعلنت وزارة الصحة عن تشكيل لجنة لمراقبة عمليات نقل الأعضاء فى حالة صدور القانون، تضم فى عضويتها ممثلا من مجلس الدولة وآخر عن نقابة الأطباء وعددا من الأطباء فى التخصصات المختلفة، وستكون مهمتها تحديد المخالفات والتجاوزات والإجراء الذى تستحقه وإنشاء هيئة مركزية لضمان تحديد لحظة الوفاة ومتابعة إجراءات الزرع بالإضافة إلى تحديدها لمستشفى واحدة فى كل محافظة تسجل فيها كل عمليات زرع الأعضاء، واعتبار أى عملية تجرى خارجها مخالفة ويعاقب كل من شارك فى إجرائها.

By ADMIN

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

ÊÍÞíÞÇÊ ÚÇãÉ
ÇáÚÞÇÑÇÊ ÇáãÚÑæÖå
æÙÇÆÝ ÎÇáíÉ
ÕæÊ ÝáÓØíä
ÇÓÑÇÑ ÇáßãÈíæÊÑ
ÃÖÝ ãÞÇáÇ
ãÞÇáÇÊ ÇáÞÑÇÁ
ÔßÇæì æãÞÊÑÍÇÊ
ÝÑíÞ ÇáÚãá
ÈÑÇãÌ ãÚÑÈÉ
ÇÊÕá ÈäÇ